أثر “التهجير”.. على التعليم والصحة النفسية متخصصون لـ”الثورة”: الدولة السورية قدمت كل الدعم للتخفيف من تداعياته
الثورة – فردوس دياب ومها دياب:
الأطفال هم الضحية الأبرز في الحرب الإرهابية على سورية، وقد تجلى ذلك بشكل واضح خلال عمليات التهجير القسري التي قام بها الإرهابيون، فقد هرع الناس إلى المناطق الأكثر أمناً، سواء أكان ذلك داخل سورية، أم خارجها، وهذا الأمر أثر بشكل خاص عليهم، ولاسيما التلاميذ والطلاب الذين وجدوا أنفسهم أمام واقع صعب، بالرغم من قيام الدولة السورية باحتضانهم ودعمهم وتسهيل كل إجراءات تعليمهم وعودتهم إلى صفوفهم الدراسية ومدارسهم.
للحديث عن آثار التهجير القسري على العملية التعليمية والصحة النفسية، التقت صحيفة الثورة عدداً من أستاذة كلية التربية بجامعة دمشق.
التسرب المدرسي
الأستاذ في كلية التربية- قسم التربية المقارنة، الدكتور ماهر السالم تحدث عن آثار التهجير القسري على العملية التعليمية، خلال فترة الحرب على سورية وما بعدها.. التهجير الذي مارسته المجموعات الإرهابية بحق السوريين في المناطق التي دخلت عليها، وقال: إن آثار التهجير منها ما يتعلق بتعدد منظومات التعليم والتي تؤدي إلى التباين والاختلاف، وبالتالي التأثير على المخرجات وتحقيق الأهداف، ومنها ما يتعلق بتباطؤ عمليات الإصلاح في عالم متسارع التغيير، وأيضاً إن تعدد المنظومات التعليمية يؤدي إلى تعدد المناهج الدراسية، وما يترتب عليه اختلاف في معارف ومعلومات الطلبة، والاختلاف في التحصيل والمستوى التعليمي والمهاري.
وأضاف: إن هناك أثاراً كبيرة للتهجير تتعلق بوجود أعداد كبيرة من الأطفال خارج المدرسة، وخاصة الفئة العمرية (6-11) سنة، وزيادة انتشار الأمية، فضلاً عن التفاوت في التعليم المقدم للجنسين (ذكور وإناث)، وأيضاً أثر التهجير على التقويم الجامعي وعدم الالتزام به، وتغيير في مواعيد الامتحانات، وزاد من حدة تأثير التهجير جائحة كورونا التي فرضت واقعاً مؤثراً بشكل سلبي على المتعلمين، وكان لهذه العوامل مجتمعة الأثر الكبير على العملية التعليمية وبشكل سلبي.
جاويش : الخوف والحزن والوحدة
بدورها الدكتورة صافيناز جاويش- الأستاذة في قسم الإرشاد النفسي، عرفت التهجير من الناحية النفسية بأنه إجبار عدد كبير من أفراد المجتمع، أو أحياناً مجتمعات برمتها، على ترك منازلهم، أوطانهم، وبلداتهم، عنوة وقسراً، مما يسبب تغيرات نفسية تتضمن مشاعر الخوف والحزن والوحدة، القلق، بسبب الفقدان والحنين للوطن، وهو ما يؤثر بشكل أو بآخر بقدرتهم على التكيف مع الوضع الجديد، وهذه الحالة تُعرّفها المنظمة الدولية للهجرة، أنها الهجرة بغرض الهروب من الاضطهاد، أو الصراع، أو القمع، أو التلوث البيئي، أو الكوارث بأنواعها، أو المواقف والظروف التي تهدد حياة الأفراد، أو حريتهم، أو رزقهم ومعيشتهم.
وبينت جاويش أن من الدول التي تواجه أزمة تهجير قسري حالياً، هي سورية نتيجة الحرب الإرهابية عليها منذ أكثر من 11 سنة، والتي أدت إلى تهجير قرابة 13.5 مليون سوري قسراً، نصفهم نزحوا داخلياً، والنصف الآخر إلى خارج البلاد، وكذلك السودان الذي يشهد صراعاً مستمراً أدى إلى تشريد ملايين المدنيين، مع استمرار الاقتتال بين القوات المتنازعة، وكذلك قطاع غزة الذي يشهد موجات كبيرة من النزوح بسبب العدوان الصهيوني والذي أدى إلى تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من جنوب القطاع إلى شماله، وكذلك لبنان نتيجة الحرب الإسرائيلية عليه والتي أدت إلى نزوح الآلاف من اللبنانيين إلى داخل لبنان وخارجه وخصوصاً إلى سورية.
النابلسي: الدعم النفسي للمهجرين
أما الدكتورة حياة النابلسي- الأستاذة في قسم علم النفس، بينت الآثار النفسية للتهجير القسري، وما يعانيه المهجرون من تغيرات سلوكية، مثل الأرق، والشعور بالضيق، والقلق، اضطرابات النوم وزيادة التدخين، ومن المرجح التعافي من دون أي علاج، كما يعاني بعضهم من أعراض أكثر اعتدالاً مثل القلق المستمر، ومن المرجح أن تستفيد من التدخلات الداعمة النفسية والطبية، كما يصاب البعض بأمراض نفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة أو الاكتئاب الشديد، ويختلف عدد الأشخاص الذين يعانون من هذه الدرجات بشكل مباشر مع شدة الحدث وقرب التعرض له.
وذكرت النابلسي أن هناك أعراضاً سلوكية تظهر نتيجة التهجير منها الانسحاب من الآخرين والصمت الطويل، واضطرابات النوم، وعدم التكيف مع الواقع المفروض والذي يعود لعدة أسباب منها (البعد عن الأسرة، فقدان الهوية والانتماء، نقص الموارد والدعم، التعرض للتمييز والعنصرية، القيود على الحركة، فقدان سبل العيش الأساسية، والضغوط خلال مراحل الهجرة).
كما أوضحت النابلسي أن الجانب النفسي يتأثر لدى نسبة 25% من الأفراد، كما تتأثر الصحة الجسدية بالصحة النفسية (الأكل، النوم، جودة النوم، الآلام الجسدية)، ومن هنا فإن الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي ضروري لإنقاذ الكثير من المهجرين، فهي منهج وقائي داعم وعلاجي يعزز القدرات، لأنه يقوم على تقديم مجموعة من الإجراءات وعمليات المساعدة استناداً إلى أسس نفسية اجتماعية (الحب، عبارات المواساة والتقدير والتقبل، الرعاية، والتعاطف، توفير الاحتياجات الأساسية كالسكن والطعام والمياه والنظافة الصحية)، لتعزيز قدرة الأفراد والأسر والمجتمعات على التحمل والصمود، كذلك مساعدة الأفراد على التعافي بعد مواجهة أزمة قد تسبب اضطراب في حياتهم وصولاً إلى مستوى مناسب من الصحة النفسية للأفراد.