عانت سوريا حقبة طويلة من الفساد ولم يكن ما يوحي بالأفق أن غيمة الفساد والقهر يمكن أن تنجلي، وكان لابد من التأقلم والقبول بمختلف الممارسات الخاطئة ضمن المؤسسات الاقتصادية وغيرها.
الغريب أن طروحات الاقتصاديين وأصحاب الخبرة كانت آنذاك تذهب إلى سلة المهملات، فيما الإنتاج كان يسير بعكس الاتجاه والأسواق أغلقت على منتجات معينة، ولشريحة صغيرة كان لها المتاح بكم كبير.
وتحولت المولات إلى أماكن لايعبرها إلا الأثرياء الجدد وأمراء الحرب، هؤلاء المنبوذون من قراهم وبلداتهم، وكانت يوماً بعد يوم تضمحل شريحة الطبقة الوسطى من الناس وتتهاوى إلى القاع رغم تصاعد التحذيرات.
قبيل التحرير تحول90% من المواطنين القاطنين في سوريا إلى ما دون خط الفقر، وتربعت الأموال في يد شريحة قليلة من الناس، هؤلاء لم يكونوا ينتمون إلى منطقة أو محافظة معينة، بل هم من كل المناطق، لكن ينتمون إلى فئة فضلت نفسها على الوطن.
اليوم لن نخوص بالتفاصيل كثيراً لأنها باتت معروفة، لكن المشهد يتضح يوماً بعد يوم بأن الجميع كان رافضاً لنظام احتكر كل شيء، حتى لقمة العيش البسيطة لم تسلم ولم تكن متاحة وهانئة.
وهؤلاء يتطلعون بعين يكللها التفاؤل وينتفي فيها كل ما يفرق السوريين، وكل فعل يمكن أن يخل بالأمن أو يتسبب بحزن أو تعاسة أسرة تمسكت بالأرض، ولم تتلطخ يدها بالدماء وكل همها الحفاظ على مستقبل أبنائها.
نعم يسعى كل السوريون وهاجسهم وطمأنة قلوبهم هي الوحدة بين كل المناطق والعيش بكرامة وتحقيق سوريا الواحدة، يكفيهم ما عاشوه خلال سنوات طويلة من ظلم وفساد وفقر ولوعة الفقدان.