الثورة – ترجمة هبه علي:
رحل بشار الأسد، وأصبحت سوريا حرة أخيراً. ولكنني لا أستطيع أن أفرح تماماً بسقوط نظامه الذي طال انتظاره وتحرير بلدي. وذلك لأنني، مثلي كمثل العديد من السوريين، أعاني من جرح غائر: شخص أحبه لا يزال ضائعاً في سجون الأسد.
كان يوسف في يوم من الأيام مفعماً بالحياة، فكان ضحكه يضيء كل غرفة تطؤها قدمه، وكان يحب الموسيقا والرقص على أنغام الدبكة، وكان يربي الحمام بكل تفانٍ وعناية.
لكن كل شيء تغير في آب 2018، إذ اتهمه النظام بالمشاركة في أنشطة معارضة للنظام، واعتقل زوجته للضغط عليه لتسليم نفسه.
خوفاً من أن يؤذوا زوجته، اتجه جنوباً نحو السويداء من مخيم الركبان للاجئين حيث كان يعيش. وفي مكان ما على طول الطريق، اختفى. ومنذ ذلك الحين، قضيت كل يوم في محاولة العثور عليه.
طوال هذه السنوات، كنت أدفع نفسي إلى عدم الاستسلام، وعدم فقدان الأمل. لكن لم يكن لدي الكثير لأتمسك به. ومع مرور كل يوم، كان بريق الأمل الذي بقي لدي يتلاشى.
والآن، بينما تُفتح أبواب السجون ومراكز الاحتجاز في مختلف أنحاء البلاد، فإننا نبحث بشكل محموم وسط الفوضى – ننقب بين فتات المعلومات، ونتبع الشائعات، ونبحث عن الأسماء المكتوبة بخط اليد على وثائق ممزقة.
إن كل وثيقة وكل أثر لدليل يظهر من زنزانات الأسد يشكل جزءاً من حياة، وفرصة لإغلاق صفحة شخص عانى طويلاً وعلينا أن نتمسك بكل أثر من هذه الآثار، وكل انطباعات الحياة، لأن فقدانها يعني فقدان أحبائنا من جديد.
إن العدالة ليست ترفاً، بل هي السبيل الوحيد الذي يمكننا من خلاله أن نبدأ في التعافي. وفي غياب الإجابات، ومحاسبة أولئك الذين خططوا ونفذوا هذا الكابوس، لن يكون هناك سلام.
المصدر-AL JAZEERA
#صحيفة_الثورة