خبير مصرفي لـ”الثورة”: طباعة العملة تحكمها كيفية إدارة النقد الجديد

الثورة – ميساء العلي:

يقول الخبير المصرفي والمالي الدكتور علي محمد في حديث خاص لصحيفة الثورة: إن طباعة عملة جديدة في الاقتصاديات له مجموعة من الآثار، حيث تختلف باختلاف طريقة الطباعة وتكلفتها، وكيفية إدارة هذا النقد الجديد.
عوامل ومؤشرات
ويضيف: إن هناك مؤشرات وعوامل تتأثر بطباعة العملة الجديدة هذه الآثار قد تكون بعض المؤشرات والعوامل التي تتأثر بطباعة عملة جديدة، ومدى كونها إيجابية أو سلبية يعود لقدرة السلطة النقدية على جعلها كذلك.
ومن العوامل التي تتأثر بها طباعة العملة الجديدة مسألة التضخم والقوة الشرائية وأسعار الفائدة، وثقة المتعاملين بشكل عام بهذه العملة وقوتها الإبرائية، إضافة إلى تأثيرها بالاقتصاد بصورة عامة.
وبحسب محمد – إذا كانت هذه الطباعة تؤدي إلى زيادة المعروض النقدي أي كتلة النقود المتداولة في السوق بما يفوق كتلة المعروض السلعي، وبمعنى آخر حجم الاقتصاد الكلي فحينها تؤدي إلى زيادة معدلات التضخم نظراً لزيادة المعروض النقدي مقارنة بالمعروض السلعي، هذا إذا تحدثنا عن مجرد طباعة نقود جديدة بدون سحب جزء من المعروض النقدي الموجود في السوق.

الحالة السورية
وفي الحالة السورية الراهنة، بعد سقوط النظام البائد، وقرار الإدارة السورية الجديدة باستبدال العملة المحلية في المدى المنظور أو المدى القريب، هذا يعني بشكل أو بآخر سحب النقد الموجود في السوق الآن من فئات معينة أو بعضها أي من نفس الفئات، وليس حذف أصفار، أي طباعة عملة نقدية نظيرة لها بالقيمة والكتلة وإعادة ضخها في السوق.
ويعتقد الخبير المصرفي والمالي أنه بهذه الطريقة ستمضي طباعة عملة جديدة بسلام من دون تأثير كبير على معدلات التضخم من ناحية السلبية، إذا كان الشرط المحقق بأن العرض النقدي الموجود حالياً يستبدل بعملات جديدة، فحينها لا تأثير سلبيا على التضخم.
والأثر الثاني لطباعة عملة جديدة- وفقاً لحديث محمد- هو على سعر صرف العملة الوطنية كونه مرتبطا بالسعر الأول، وبالتالي إن كان هناك طباعة عملة جديدة في السوق تؤدي إلى زيادة المعروض النقدي، فهذه الزيادة من العملة الوطنية تؤدي بحكم العوامل الاقتصادية إلى تراجع سعر صرف العملة وبالتالي تراجع قوتها الشرائية، لكن في الحالة السورية إن تحقق الشرط السابق فلن يتأثر سعر صرف الليرة السورية باللحظة التي ستتم بها الطباعة، كون سعر الصرف تحكمه مجموعة من العوامل، ونحن نتحدث عن سعر صرف تم تحديده في الوقت الراهن ١٣٣٠٠ ألف ليرة.
سعر الفائدة
ويتابع كلامه قائلاً : قيام الدول أحياناً بطباعة عملات جديدة وطرحها في السوق، إضافة إلى المعروض الموجود يؤدي إلى زيادة الكتلة النقدية المتداولة في السوق، حينها تقوم السلطات النقدية بخفض سعر الفائدة كي تتوجه هذه الكتلة إلى الاستثمار والإنتاج، ومن ثم جزء منها إلى الاستهلاك لتحريك العجلة الاقتصادية بشقيها الإنتاجي والاستهلاكي، وبالتالي طباعة عملات جديدة في السوق يؤدي إلى تخفيض سعر الفائدة من قبل السلطات النقدية لغرض تفعيل الاستثمار، وفي الحالة السورية سعر الفائدة له الكثير من المحددات والعوامل المؤثرة، ولكن بتحقق الغاية التي تحدثنا عنها أعتقد أن سعر الفائدة سيتغير انخفاضاُ أو ارتفاعاً حسب السياسة النقدية التي ستتبع، أما ما يخص طباعة النقد فلن يتأثر سعر الفائدة.
وفي سياق متصل يفيد محمد أن بعض الدول وخاصة الدول النامية تستخدم تقنية طباعة عملة جديدة، وطرحها في الأسواق بغرض تمويل عجز الموازنة دائماً عندما تظهر الموازنات، وفي حال كان الإنفاق العام أكبر من الإيراد العام فالفارق هنا هو العجز، والتمويل بالعجز هنا تمويل تضخمي لأنه يؤدي إلى زيادة تداول الكتلة النقدية في السوق مقارنة مع الكتلة السلعية، وبالتالي إحداث تضخم، وهنا المشكلة فطباعة عملة بهذا الشكل تؤدي إلى تضخم، لكن إذا تحقق شرط سحب المقابل، فإن ذلك لا يؤدي إلى تضخم وربما يبقى الدين العام على وضعه من دون تغيير.
إدارة الطباعة
وأضاف محمد أن طباعة العملة كمفهوم ليست بالشيء السلبي لكن إدارة هذه الطباعة وكيفية توظيف هذه الكتلة هو التحدي الأكبر أمام راسمي السياسة النقدية بشكل عام فقد تكون لأسباب تقنية، وقد تكون لأسباب علاجية، وبالتالي من هذا المنطق يجب الحديث عن التأثيرات المختلفة، وطالما أننا بمرحلة جديدة تستلزم تفعيل النشاط الاقتصادي والإنتاج والاستثمار للمرحلة القادمة، فهذا بدوره يتطلب زيادة الطلب للنقد بشكل عام وزيادة في الطلب على النقد لتفعيل الاستثمار، إذا كانت الطباعة وأحجام هذه الطباعة تتلاءم مع الموجود حالياً، والذي سيتم سحبه بحسب بعض التصريحات مترافق مع الزيادات التي ستطرأ على الناتج والاقتصاد بشكل عام حينها ستكون إدارة خبرة سلسة ولن تؤدي إلى التضخم.

تعزيز الثقة
المهم فيما يخص طباعة النقود، إضافة إلى ما تم ذكره، والذي بشكل أو بآخر سيعزز الثقة الداخلية والخارجية بقوة العملة المحلية، وعدم اللجوء إلى البنك المركزي للطباعة لتغطية عجوزات الحكومة ومتطلبات الإنفاق العام مما قد يؤثر على ثقة المستثمر الداخلي والخارجي بأن هذه الحكومة تقوم بالطباعة في سبيل تلبية متطلبات العمل، وبالتالي الحفاظ على ثقة المستثمر الداخلي والخارجي، وهي مدماك العمل في الفترة القادمة، طالما أننا بأمس الحاجة إلى الاستثمار الأجنبي في سوريا بعد سقوط النظام البائد، ولتأهيل جميع المرافق والبنى التحتية والموارد اللازمة لتفعيل الاقتصاد.
حذرة
بالمقابل يقول محمد: إن الطباعة يجب أن تكون حذرة تتلاءم مع كافة الشروط الفنية والاقتصادية اللازمة لذلك.
ويتابع كلامه: لابد من ذكر الأسباب الإيجابية غير السبب السوري لاستبدال الفئات النقدية التي كانت موجودة في النظام البائد، حيث إن هناك أسباباً اقتصادية تدفع الدول لطباعة عملة جديدة، ولاسيما تفعيل الاستثمار ومكافحة الركود الموجود من خلال طباعة عملة وضخها في استثمارات إنتاجية، وبنى تحتية تؤتى ثمارها فيما بعد، والأمر الثاني يكون من خلال طباعة عملة في ظل الأزمات المالية التي تعصف بالاقتصاديات وفي البنوك لتغذيتها لتستمر بعملها ودرء مخاطر الإفلاس.
تجارب دول
يختم الخبير المالي والمصرفي كلامه بالحديث عن تجارب بعض الدول بطباعة عملة جديدة، مشيراً إلى أن كل دولة لها تجربتها الخاصة بهذا الموضوع، فألمانيا في العام ١٩٢٣ أي بعد الحرب العالمية الثانية قامت بطباعة كميات كبيرة من النقود وكانت آثارها غير محمودة، ما أدى إلى تضخم كبير، وأيضاً زمبابوي في العام ٢٠٠٧ و ٢٠٠٨ تمت طباعة كميات كبيرة من النقود أدت لتضخم كبير، بالمقابل في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الأزمة المالية العالمية عام ٢٠٠٨ تمت طباعة كميات كبيرة من النقود ضمن سياسة التحفيز لمنع المؤسسات المالية من الإفلاس، لكنها لم تؤد إلى التضخم بل على العكس ساهمت باستقرار النظام المالي الأمريكي.

#صحيفة_الثورة

آخر الأخبار
" The Washigton Post ": في تحول كبير لسياسته.. الاتحاد الأوروبي يعتزم تخفيف العقوبات على سوريا الخروج على الدولة خط أحمر القائد الشرع والسيد الشيباني يلتقيان وفد المفوضية السامية لشؤون اللاجئين مسؤولون أميركيون: واشنطن تتبادل المعلومات مع دمشق حول تنظيم "داعش" مستقبل الاقتصاد التنافسي في ملتقى اقتصادي هام استمرار حملات النظافة بالتعاون ما بين فريق "أثر التطوعي" وبلدية صحنايا العثور على جثة رجل في سقيفة شقة مهجورة بتجمع جديدة الفضل خبير مصرفي لـ"الثورة": طباعة العملة تحكمها كيفية إدارة النقد الجديد معتقلون من درعا أعدمهم النظام البائد بعد إزالة صور المفقودين في ساحة المرجة.. لوحات مخصصة لصور المختفين قسراً ألغام ميليشيا الأسد في كفرنبل تعرقل عودة الأهالي إلى أراضيهم الفرقة الرابعة.. دور إجرامي في درعا وتعفيش لبيوت المواطنين وسرقة ممتلكاتهم أعمال خدمية لفريق "النهضة التطوعي" في مدينة الحارّة وزير الموارد المائية لـ "CNBC": نعمل على تقييم الحالة الفنية لأكثر من 164 سداً أصوات من خلف الخيام.. معاناة النازحين في مواجهة برد القلوب والجبال عطل كهربائي يوقف ضخ مياه الشرب عن مدينة درعا بقيمة 12 مليون دولار.. الزراعة: تصويب مشاريع قائمة للسنوات الأربعة القادمة مع "الآغا خان" جامعة دمشق لأول مرة ضمن تصنيف التايمز البريطاني للتخصصات الدفاع التركية: مهمتنا في سوريا مستمرة الدكتور الشرع يطلع على احتياجات الكوادر الطبية والمرضى بمستشفى دمشق