الثورة – عمار النعمة:
في المشهد الشعري السوري ثمة من يستوقفك بإبداعه الذي امتد لسنوات وسنوات، فهناك أسماء كثيرة اعتلت قمم المجد وشوقي بغدادي واحد منها فهو صاحب مسيرة إبداعية وحكاية شعر تفردت للحديث عن قضايا الإنسان وظلمه وفقره، فرحه وحزنه، فكان أيقونة شعرية سورية بامتياز، حققت منزلة سامية في الأدب وهذا المنزلة ظهرت في مؤلفاته وكتاباته.
منذ حوالى عشر سنوات التقيته قي منزله في حي المزة بحوار لصحيفة الثورة، أذكر كيف استقبلنا بكل حفاوة، ابتسامته مرسومة على وجهه، صوته المتميز الخاص ومواقفه الثابتة التي عبّر عنها في مقالاته الأدبية والسياسية والاجتماعية في الدوريات السورية والعربية توثّق ذلك وأنت تحاوره أمامك على أرض الواقع.
دخلنا إلى مكتبته المنزلية التي تحتوي العشرات من الكتب المهمة، فكان يجيب عن كل سؤال نوجهه له بكل ود ومحبة، انتقلنا إلى الغرفة الأخرى ليحدثنا بشوق الكلمات وحلمها عن مسيرته ونضاله عندما كان شاباً.
الولادة
ولد الراحل في مدينة بانياس الساحلية عام 1928، تخرج في كلية الآداب قسم اللغة العربية وعمل مدرساً طوال حياته، شارك في تأسيس رابطة الكتاب السوريين عام 1951، التي تحوّلت إلى رابطة للكتاب العرب عام 1954، وانتخب أميناً عاما لها من سنة 1954 حتى مطلع 1959، كما شارك في تأسيس اتحاد الكتاب العرب في دمشق وكان عضواً في مجلسه في معظم دوراته، إلى أن اختير بعد انتخابات عام 1995، عضواً في المكتب التنفيذي وأسند إليه منصب رئاسة تحرير “مجلة الموقف الأدبي” الشهرية.
بدأ حياته الأدبية قاصاً مع صدور مجموعته القصصيّة الأولى “حيّنا يبصقُ دماً” 1954، ثمّ ما لبث أنْ تلمّس طريقه شاعراً، مع صدور مجموعته الشعرية الأولى “أكثر من قلب واحد” 1955، لتتوالى، بعد ذلك، إصداراته الشعرية التي كرّستْهُ واحداً من كبار الشعراء العرب المعاصرين في سوريا، مثل: “لكل حب قصة” 1962 و”أشعار لا تحب” 1968 و”بين الوسادة والعنق” 1974 و”ليلى بلا عشاق” 1979 و”رؤيا يوحنا الدمشقي” 1991 و”شيء يخص الروح” 1996 و”البحث عن دمشق”2003. صدرت أعماله الشعرية الكاملة عام 2006، لكن صدرت له بعد هذا التاريخ مجاميع تالية كان آخرها قبل عام: “قبل فوات الأوان”. وقد تُوّجَ عام 2021 بجائزة أحمد شوقي للإبداع الشعري في دورتها الثانية المقدمة من النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر.
في ذكرى رحيله نقول: إنه حالة إبداعية مفعمة بالأمل والحبّ، كتاباته ودواوينه الشعرية حفرت على جدران الزمن اسمه وتاريخه الحافل بالعطاء.
لن تنساك دمشق التي أحببتها كما أحبتك، ولن ننساك نحن من طُربنا لجمال شعرك وبهاء صورتك وصوتك الجريء الذي لم يصمت يوماً عن إعلان كلمة الحق.
سيبقى ثراء المعنى وجمال الصورة وسمو الخيال التي عملت عليه لسنوات حاضراً.. كيف لا ومقطوعاتك الشعرية تسكن القلب والذهن من دون أن تفارقه.
#صحيفة_الثورة