الثورة – عادل عبد الله:
لعل أبرز ما شهدته سوريا بعد تحررها بالكامل من الظالم البائد، هو انفتاحها على العالم بأسره، بعد أن كانت متقوقعة على نفسها، وشعبها مشغول بقوت يومه، والحصول على أدنى مقومات الحياة بكرامة، يكافح ويعمل ولا يجني ثمار عمله.
كانت سوريا محاصرة.. مقيدة.. معاقبة، وربما مباعة، لكل حصته، وصاحب الحق الحقيقي خالي الوفاض.
اليوم تتشرف سوريا بوفود عالمية، وتسترجع مكانتها بين الدول، وتستقبل ضيوفها من ملوك وأمراء ورؤساء، ورؤساء وزراء، ووفود دبلوماسية وسياسية شامخة عزيزة، بعد أن أعزها الله وجل الخير على يد أحرارها، ورئيس يرى نفسه خادماً لا حاكماً.
من هنا يبدو أن هدف الحكومة العمل على ازدهار سوريا الحرة، والعمل على نشر الأمن والأمان والقضاء على الفساد والمحسوبية، وعودة المهجرين واستقرارهن، وتحسين الوضع المعيشي والنهوض بالواقع المحلي لأرفع المستويات، ما ينعكس على سوريا داخلياً وخارجياً- محلياً ودولياً.
السوريون كلهم يد واحدة، فسوريا تجمعهم وتشد أزرهم، كل هذا سيضع سوريا في مكانها الطبيعي بين الدول تربطها معهم علاقات ودية وأخوية وإستراتيجية، وخير شاهد على هذا عدد الوفود التي زارت سوريا منذ سقوط نظام الأسد البائد.
والكثير من الوعود والاتفاقات على التعاون المشترك للنهوض بسوريا، وإعادة إعمارها، وأولى هذه الخطوات رفع العقوبات عن الشعب السوري الذي صبر وصمد طيلة السنوات الماضية، وعودة الرحلات الجوية إلى مطاري دمشق وحلب الدوليان.
تحركات دبلوماسية عربية ودولية
في اليوم الأول من سقوط النظام البائد، سارعت العديد من الدول إلى التعبير عن اهتمامهما وترحيبهما بالوضع الجديد، معربين عن ارتياحهم للخطوات الإيجابية التي تم اتخاذها لتأمين سلامة الشعب السوري وحقن الدماء والحفاظ على مؤسسات الدولة السورية ومقدراتها، وبدأت تحركات دبلوماسية دولية وعربية.
وفي أول زيارة له خارج البلاد، وصل اليوم الرئيس أحمد الشرع، اليوم إلى السعودية، في إطار تعزيز العلاقات على مختلف المستويات.
وبعد ساعات من مؤتمر إعلان انتصار الثورة السورية، وصل أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، إلى العاصمة السورية دمشق، كأول زيارة لزعيم عربي منذ سقوط نظام الأسد.. وفي بيان الديوان الأميري، أكد فيه أن الشيخ تميم جدد، خلال زيارته لدمشق، موقف بلاده الداعم لوحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، وأكد وقوف الدوحة مع السوريين، لتحقيق الوصول لدولة تسودها الوحدة والعدالة والحرية.
وبعد أيام من التغيير في سوريا، اتخذت الدول العربية موقفاً موحداً إزاء ذلك في اجتماعات العقبة بالأردن جمعت وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية، وهي الأردن والسعودية والعراق ولبنان ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، وشارك فيها وزراء خارجية قطر والإمارات والبحرين، ودول إقليمية وغربية.
ودعا البيان الختامي إلى مساندة الشعب السوري واحترام خياراته، والبدء بعملية انتقال سياسي شاملة وفقاً للقرار الدولي 2254، وتوسيع دور الأمم المتحدة للإشراف على عملية الانتقال.
وفي مقدمة الدول العربية التي سارعت إلى إجراء اتصالات مع الإدارة السورية الجديدة جاءت قطر، التي كانت أول دولة تفتتح حملة الاتصالات الدبلوماسية المباشرة، تلتها السعودية التي كانت أول دولة تستقبل وفداً حكومياً سورياً إلى الخارج، والأردن التي أرسلت أول وزير خارجية عربي إلى دمشق، وتبعتها وفود رفيعة المستوى من البحرين والكويت وليبيا.
تشهد سوريا مرحلة انتقالية دقيقة تُعيد صياغة علاقاتها مع العالم العربي في ظل الإدارة الجديدة، في وقت تعمل دمشق على تعزيز انفتاحها الدبلوماسي باتجاه “الحاضنة العربية”، والدول العالمية.
تتزايد التحركات الدولية المكثفة تجاه سوريا، مع زيارة كبار المسؤولين الإقليميين والدوليين إلى دمشق ولقائهم مع الإدارة السورية الجديدة، هذه التحركات تأتي في إطار إعادة بناء العلاقات بين سوريا وبقية دول المنطقة والعالم، فضلاً عن فتح مجالات للاستثمارات لدعم الاقتصاد السوري.
#صحيفة_الثورة