الثورة – ديب علي حسن:
منذ أن كان الشعر كان الجمال والشعراء هم من يحلقون في فضاءات الإبداع الحقيقي الذي ينسكب لغة وصوراً جمالية.
كيف يصنعون ذلك ومتى يتقد القلب ومن يحاول فك أسرار اللهب القدسي الذي يتقد في قلوبهم؟
هل يستطيع الناقد البعيد عنهم أن يفعل ذلك.. بالتاكيد: لا..
الشاعر الحق إذا ما تهيأ له محاور موهوب من وزنه هو القادر على ذلك.
هذا ما افتقدناه طويلاً إلى أن كان برنامج منازل القصيد الذي يعده المبدع الأستاذ حسين الجنيد ورصدته صحيفة الثورة من شاشة تلفزيون سوريا.
من أروع الحلقات التي شاهدتها حلقة مع الشاعر أنس الدغيم الذي أتابعه منذ فترة من الزمن.
الحلقة ترف جمالي ومعرفي ونقدي تحبس أنفاسك منذ اللحظة الأولى.
لأنك أمام شلال من الجمال والمعلومات والحوار التفاعلي الذي يحملك على جناح الشعر عالياً.
المعد والشاعر يقدمان جولة شعرية كنا نسميها (مباراة الروي).
كلاهما جاء بدرر الشعر لينتقلا بعدها
إلى جوهر الشعر والقلب الذي هو مصدر الشعر، والقلب كما قالا إذا صفا صفا الشعر وليكون الشاهد من بدوي الجبل وغيره.
وجولة في فلسفة جمال القلب لتنساب الأسئلة كأنها قطرات ندى معطرة بكل جمال اللغة والآراء. واللافت تلك الموسوعية في الاستشهاد بالشعراء من العصر الجاهلي إلى اليوم.
من عروة إلى القروي إلى محمد إقبال إلى الشابي.
تسمع آراء نقدية غاية في الجمال والدقة تأتيك دون تعقيد وبلا لعبة حشر المصطلحات التي يحشدها بعض النقاد.
وكان لافتاً الوقوف مطولاً عند القلب في شعر الشابي ليكون الحديث بعد ذلك عن تلك النزعة الإنسانية في الشعر والثقافة العربية.
بكل ثقة يمكن أن القول إن هذه الحلقة أبعد وأعمق من حوار…
إنها سبر في جماليات الشعر تفوق فيها الشاعر والمعد.
ما يقارب الساعة لا يمكنك أن تشعر أنك سهوت عن كلمة.
إنه لقاء الجذوة ومشكاة الشعر.. أعاد لنا شغف المتابعة.. شكراً لتلفزيون سوريا شكراً للشاعر والمعد.
بطاقة:
أنس إبراهيم الدِّغيم شاعر وكاتب سوري. ولد في بلدة جرجناز في منطقة معرة النعمان ونشأ بها. ترك دراسته بجامعة دمشق في الهندسة المدنية، ثم درس الصيدلة في جامعة فيلادلفيا بالأردن وتخرج سنة 2008. نشر ديوانه الأول سنة 2002 وكانت الثورة السورية 2011، نقطة تحول حياته الأدبية.
#صحيفة_الثورة