الثورة – همسة زغيب
تعد حرفة “الخراطة” من أقدم الفنون، وجزء من تراثنا الأصيل، تُشكلها أيادٍ حرفية بإبداع متجدد، تُستخدم في صنع أواني الطعام والشراب الخشبية، هذا ما قاله لصحيفة الثورة الحرفي مأمون الحلاق، الذي صاغ تحفاً فنية تراثية بمهارات عالية، وهو الوحيد الذي لا يزال يعمل على الآلة يدوياً، محولاً الأخشاب إلى فنون جميلة نابضة بالحياة.
بدأت حكايته من ورشته بمخرطة خشب تراثية قديمة تعود لخمسين عاماً، ولا يزال محافظاً على هذه الصنعة، وحماها بعدما كانت على وشك الانقراض، من خلال ما تطوِّعه أنامله لأشكال فنية رائعة بدقة ومهارة عالية وتصاميم جميلة من التحف والأثاث المنزلي وملاعق خشبية.
تحدّث الحلاق عن عشقه لفن الرسم والزخرفة، التي يعتبرها هواية قبل أن تكون باب رزق، وتسمى هذه الحرفة “خراطة الخشب” وكانت يدوية بشكل كامل ثم تطورت، وأصبح العمل بها اليوم يتم آلياً بشكل كامل، باستخدام برامج الكمبيوتر التي تنتج العديد من النسخ بسرعة كبيرة.
وعن آلية العمل يشير إلى أنه في البداية يوضع التصميم ثم تبدأ مرحلة خراطة الشكل الذي يختاره ويقوم بعملية الرسم والزخرفة، ورسوماته عبارة عن نماذج مصغرة لأشكال العود، والمهباج، صحون خشبية مزخرفة، أرابيسك ناعم.
ويستخدم خشب “الجوز والسنديان والمشمش والزان”، ولكل منها مواصفات واستعمالات وصلابة ومقاومة للماء، ويعتبر خشب الجوز الأفضل، لافتاً إلى أن مراحل العمل تبدأ بعد تجفيف الخشب بالطريقة الصحيحة.
الآلات المستخدمة في الخراطة هي دف خشبي وله رأسان أحدهما ثابت والآخر متحرك، بالإضافة إلى المسند الذي يثبت بالقدم والقوس باليد الأخرى مع الإزميل، وبهذه الأدوات يتم إنتاج كل القطع.. وتُستخدم المخرطة اليدوية لإنتاج الأدوات التراثية مثل جرن الكبة ومصب القهوة والمهباج والملاعق الخشبية.
وعلى الرغم من الصعوبات التي تقف في وجه هذه المهنة إلا أنه لا يزال يحافظ على مهنة الأجداد التي توارثها عنهم ويقوم بنقلها وتعليمها للأجيال القادمة، وهو يحرص على المشاركة في المعارض لأنها الوسيلة الوحيدة المتاحة للتعريف بهذه الحرفة وجمالها.