الثورة – لينا شلهوب ومريم إبراهيم:
بعد أن باتت ظاهرة “الأمبيرات” أمراً واقعاً، ومطلباً شعبياً، وسط مناشدات في بادئ الأمر لإيقافها (علماً أن ذلك يحتاج إلى توفير بديل)، وما يشهده الواقع الكهربائي من تدهور المنظومة الكهربائية الذي ينعكس سلباً على زيادة ساعات التقنين الطويلة جداً، استدعى اللجوء إلى الاعتماد على نظام الأمبيرات لتأمين الكهرباء، سواء للمنازل، أم للمحال والفعاليات التجارية، وسط بعض التحفّظات ما بين مؤيد ومعارض لها، خاصة لناحية التكاليف والأعباء المادية.
أسباب معرقلة
تكاليف كبيرة أنفقت لتركيب قواطع وعدادات ومد شبكات الكهرباء لإيصال الأمبيرات إلى المنازل، إذ لا يمكن لكل عائلة تركيب مولدة بنفسها، ناهيك عن صعوبة توفير المحروقات اللازمة لتشغيل كل مواطن مولدته على حدة، وعلى الرغم من اعتبار ظاهرة بيع الطاقة الكهربائية المولدة بوساطة “الأمبيرات” غير قانونية، كون لا يوجد إطار تشريعي ناظم لها (حسب مصادر مطّلعة)، إلا أنها باتت ظاهرة تنتشر وعلى نطاق واسع، وكانت الحل المتوفر أمام المواطنين لتأمين هذه الخدمة، وأسباب عديدة عرقلت وصول إمدادات حوامل الطاقة اللازمة لتشغيل محطات التوليد، التي بات الكثير منها خارج الخدمة، أمّا التي يعمل منها، فقد تم استنزاف طاقتها، لعدم إجراء صيانات دورية لها.
وفي ظل استمرار تراجع إنتاج الكهرباء نتيجة نقص حوامل الطاقة، تم صرف النظر عنها في السنوات الماضية، لتعود وينتعش سوقها في ظل ما نعيشه من غياب شبه كلي للتيار الكهربائي.
تحت ضغط الحاجة
محافظة ريف دمشق مثلاً، لم تكن تتدخل في موضوع تنظيم واقع الأمبيرات، وأكدت سابقاً على ضرورة معالجة ظاهرة بيع الطاقة الكهربائية عن طريق المولّدات، وإزالة كل المخالفات المتمثلة بعدم الحصول على إذن من الوحدة الإدارية، وموافقة المحافظ، ولا يوجد لعملها أسس ومعايير وضوابط، إلا أنه وتحت ضغط الحاجة إلى الكهرباء، تم تشكيل لجنة من الجهات كافة، واعتماد أمر إداري لوضع القواعد والضوابط الناظمة لعمل الأمبيرات التي يقدمها مستثمرو المولدات الكهربائية، الأمر الذي سهّل انتشارها كحل بديل ومؤقت لحين تحسّن الظروف وانتشال المنظومة الكهربائية من واقعها المأساوي، وبذلك تم تحديد آلية عمل وترخيص المولدات، مع اعتماد نموذجين من إبرام عقد بهذا الشأن، الأول: عقد استثمار بين الوحدة الإدارية والمستثمر، بحيث يضمن حقوق الوحدة الإدارية وإشرافها ومتابعتها، والثاني: بين المستثمر والمشتركين بحيث يتم ضمان حقوق الطرفين بما يحقق الخدمة المناسبة.
وبذلك اقتصر دور المحافظة على التدخّل كإعطاء رخصة إشغال المكان، أما موضوع الأمبيرات وتمديدها وما يخصها ليس من صلاحيتها، علماً أن هناك تنسيقا بين مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك واللجان التموينية لضبط سعر الكيلو الواحد من الأمبير، وفي حال وجود أي مخالفات تكون المعالجة من صلاحيات الوحدات الإدارية.
غير قانونية
عدد من أصحاب الفعاليات أكدوا أن توجيه الحكومة في إطاره العام هو قانوني، لكن يتطلب إجابة عن تساؤلات عدّة، فهل هي قادرة فعلياً على إيقاف هذه الظاهرة؟ وما هي تداعياتها في حال تم إيقافها؟ وما الحلول البديلة التي يمكن تقديمها لمن يعتمدون الأمبيرات حالياً؟.
إذ إن هناك شرائح كبيرة من الناس أو من أصحاب الورش الصغيرة أو حتى المحال التجارية، عوّدت حياتها وأمورها اليومية على استخدام الأمبيرات، بسبب انخفاض ساعات التغذية الكهربائية، ولا يمكن لها الاستغناء عنها في حال تم إيقافها، كما لا يمكن لهذه الفعاليات أنّ تؤمن طاقة كهربائية في ظل التغذية الآنية، وبالتالي هذا سيؤثر في إنتاج تلك الورش.
تباين بساعات التقنين
عدد من أهالي مدينة الكسوة أكد لـ”الثورة” أن واقع الكهرباء سيئ جداً حيث أن عدد ساعات الوصل في اليوم لا يتجاوز الساعتين مقسمة ساعة صباحاً وأخرى مساءاً، وهي لا تكفي لشحن البطارية لإضاءة المنزل.
وأوضح العديد من سكان مدينة جرمانا أن عدد ساعات التقنين ازداد عن السابق، ولفتوا إلى أن المدينة تعاني من انقطاعات متكررة ضمن ساعة الوصل الواحدة، ما يؤثر سلباً على واقع المياه، ويمنع ضخها للطوابق العليا، فيضطر الأهالي للشراء من الصهاريج، وحال هؤلاء ليس حصرياً إنما يبدو حالة عامة في مختلف المحافظات والمناطق، إذ إن سعر كيلو الأمبير الواحد متفاوت حالياً، والمشكلة بحوامل الطاقة، لذا لابد أن نواجه الواقع دون أن يتعارض ذلك مع الأنظمة والقوانين.
شمعة أمل
وفي ظل هذا الواقع الذي يفرض العديد من التساؤلات بواقع الأمبيرات، فهل ثمة حلول يمكن أن تحدث فرقاً في هذا الواقع نحو الأفضل؟ في هذا الشأن يحدثنا الخبير في الطاقة الكهربائية عامر ديب: لاشك في ظل تراجع الواقع الخدمي وخاصة في قطاع الكهرباء، والذي يشهد غياباً شبه تام مع غياب أي رؤية لخارطة استثمارية أو حلول من الحكومة الحالية مع انعدام الثقة بالمناخالاستثماري، من هنا يبرز لدينا أحد الحلول الأليمة وهي الأمبيرات والتي تعد حلاً مؤقتاً يحتاجه المواطن ليبقى على شمعة أمل تضيء بيته.
ولكن يتعرض المواطنون للاستغلال الكبير من قبل متعهدي الأمبيرات والفوضى في هذا القطاع، وبذلك يضيع على الدولة استثمارات بملايين الدولارات ولنعتبرها استثمارات متوسطة وهي ضرورية، فمتعهدو الأمبيرات يرهقون الوطن والمواطن وسط غياب عن تقديم أي خدمة حقيقية، وعدم الالتزام بالتسعيرة، ويتساءل ديب: أليس من واجب الحكومة الحالية، تنظيم هذا القطاع لتحقيق الفائدة القصوى للمواطن؟
اقتراح حلول
تقوم وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالتعاون مع المحافظين بتعهد هذا العمل لشركات خاصة تحدد بموجبها الحكومة نوع الخدمات المقدّمة من تلك الشركات للمواطن وتأمين المازوت لتلك الشركات المدعوم لتخفيض الكلف على المواطن، مع إعفائه من رسم الاشتراك الذي يحصل عليه المتعهدون ويقدّر بـ ٣٠٠ ألف ليرة سورية، ناهيك عن الحالة الفنية السيئة للمولدات والتي تساهم في تلوث بيئي، واستهلاك أكبر للمازوت، فوضع معايير للشركات سيفتح الباب للاستثمار الحقيقي والنوعي والذي سينعكس إيجاباً على المواطن، مع ضبط التسعيرة للكيلو واط الواحد، فالفوضى لا تنتج اقتصاداً أو استثماراً.
يذكر بأنه لا تزال الكميات المولدة من الطاقات المتجددة خجولة مقارنة بالطلب اليومي المتزايد على الطاقة الكهربائية لمختلف القطاعات (المنزلية والتجارية، والصناعية، والسياحية وغيرها).
#صحيفة_الثورة