الثورة – حسين صقر:
تحويل مشاعر الغضب، كالانفعال وغيره من ردود الفعل النفسية إلى نقاش وحوار ينتج أفكاراً بنّاءة تؤدي إلى خطط عمل مستقبلية، من المحاور المهمة والمهمة التي يجب التركيز عليها خلال مرحلة البناء التي نمر بها، وبعد تحرير البلاد من الطغاة والمستكبرين.حول هذا الموضوع وما يضمره من مواقف وتداعيات كان لـ”الثورة” هذه الوقفة مع بعض الفعاليات، التي أكدت أنه عندما يستطيع الإنسان تحويل الغضب إلى طاقة منتجة فإنه يعكس حالته الصحية الجيدة.الوعي والروية.. وفي هذا السياق قال الطبيب عفيف مهنا، المهتم في الشؤون الاجتماعية والنفسية: إن الغضب هو حالة من الضّغط النّفسي الطّبيعي، ويتمثّل بشعور قويّ يتراوح بين الانزعاج البسيط والغضب العارم، ويرتبط بشخصيّة الفرد ومحيطه الاجتماعي، وتراكم الأسباب المحفّزة ما يترك آثاراً نفسيّة وصحّيّة وجسديّة وفكريّة سيئة على الفرد والمجتمع ككل.وأضاف: من أنسب طرق التّعامل مع الغاضب اعتماد الوعي والرّوية والحكمة، لأن ذلك يجعل الإنسان أكثر قابليّة لضبط سلوكه، ويدفعه للتريّث في مواجهة المواقف من خلال توظيف استراتيجية الحوار البنّاء الهادف الذي تتجلّى فيه الديمقراطية، وحسن الاستماع وقبول الآخر والاحترام المتبادل المبنيّ على المودّة والتّشاركيّة في الرّأي والقرار، فيشعر الفرد بقيمته في مجتمعه، وعندها يتم توجيه الموقف إلى طريقه الإيجابيّ الصحيح بعيداً عن الضغط النّفسيّ والعصبي.
تحويل الغضب
بدوره قال المهندس رضوان عبد الباري: من الصحيح أن يكون الإنسان منفعلاً، لأن الشخص الذي لا ينفعل أبداً ولا تهزه الحوادث، بالتأكيد فهو مصاب بتغليف لذهنه ومخه وقلبه ولا يحس بشيء، ولكن الأهم من ذلك أن نعرف متى يكون هذا الانفعال إيجابياً، ومتى يكون سلبياً، لأن الإنسان الصحيح والسوي لابد أن يتفاعل مع الواقع والأحداث، ولابد أن يكون لتلك الأحداث تأثير عليه، وبالتالي فإذا كان هذا الأثر موافقاً للشريعة فهذا هو الانفعال الإيجابي المطلوب، وإذا كان الانفعال مضاداً للشريعة ومخالف لها فهذا هو الانفعال المذموم.وأضاف عبد الباري المطلوب بالنهاية تحويل الغضب إلى طاقة إيجابية قابلة لتدوير النقاش، وإعادة الجدل إلى محاوره الرئيسية ضمن قالب راق وهادئ، وترك العقل ليتحكم بالغضب والثورة الدائرة في داخلنا، وإدارة إلغاء دور الغرائز والأهواء.
تهذيب النفس
وأشار عبد الباري إلى أن الشريعة تهذب المشاعر والعواطف، ولا بد أن نعلم بأن الدين الحنيف قد جاء لتهذيب النفس، وتربيتها، وتنقية المشاعر وتهدئة الروح، وتنحية العناصر المذمومة في الذات، والتأكيد على استجلاب وجذب وتركيز وتأسيس العناصر الجيدة المفتقدة أو المفتقر إليها.. كما جاءت هذه الشريعة أيضاً بقواعد وضوابط للمشاعر والعواطف، وتحويلها إلى أفكار بناءة، ومواجهة انفعالات النفس البشرية.
ليس الشديد بالصرعة
من ناحيته قال المحامي حسان الفندي: إن الخلق السيئ يظهر جلياً أثناء فورة وعنفوان الغضب، لأنه تيمناً بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: “ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب”، موضحاً أنه آن الأوان أن نقف وقفة مع أنفسنا، ونعرف أن طرق التعبير الصحيح عن الغضب هي فن وعلم قبل أن تكون أسلوباً شخصياً، فمهما كانت حالتك متأخرة أو مهما كانت المرحلة العمرية التي تنتمي إليها، فلم يفت الأوان بعد لمعرفة هذا الأمر، ولاسيما أن المعرفة لا حدود لها خاصة وإن كانت تمس حياتنا الشخصية ، وتساعدنا في بلوغ أهدافنا في التمتع بالعيش بسلام مع من حولنا.وأضاف: إن الانفعالات من طبيعة النفس البشرية، لأن الإنسان المسلم الذي يعيش في هذه الحياة يتعرض لكثير من الأمور التي تسبب انفعاله، ولابد له أن يعلم كيف يكون الانفعال في مرضاة الله، والله سبحانه قد خلق النفس، وخلق فيها انفعالات، وهذه النفس تحب وتبغض، وترضى وتسخط، وتغضب وتهدأ، وتحزن وتفرح، إلى آخر ذلك من أنواع الانفعالات التي تعتمل داخل هذه النفس، ولكن من الأجدى تحويل تلك الانفعالات وهذا الغضب إلى ما تسمو به النفس وترتقي به الروح.وختم: ينبغي أن نرجع في تعاملنا إلى الكتاب والسنة، لأنه مهما أتى البشر بنظريات ونتائج وأبحاث وتجارب فلا يمكن أن يأتوا بمثل ما جاء في هذا القرآن وهذه السنة الطاهرة.
#صحيفة_الثورة