الثورة – حسين صقر:
يقال في شهر رمضان المبارك: إن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، ولهذا فللعشرة الأواخر من الشهر الكريم خصوصية لدى الصائم، يختم بها صيامه تواقاً لنفحاتها والتماس بركاتها، ومجتهداً في طاعة الله عز وجل.
وللحديث أكثر عن الأيام العشرة الأخيرة من رمضان قال الشيخ عبد الحميد العرجاني: من فضائل هذه الأيام، الاجتهاد في الدعاء، والتماس ليلة القدر، ولاسيما أن تلك الليلة المباركة درة هذه العشر، وهي ليلة الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل، ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ في الوثر مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ”، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها: يا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ أَيُّ لَيْلَةٍ لَيْلَةَ الْقَدْرِ مَا أَقُولُ فِيهَا؟ قَالَ صلى الله عليه وسلم”: “قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَلَى”.
وأضاف الشيخ العرجاني: إن ليلة القدر العظيم والعطاء الإلهي العميم، حيث يقول الحق سبحانه: “إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ* وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ* لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ* تَنَزَّلُ المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ* سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الفَجْرِ”، وقد جعل الله سبحانه قيامها سبباً لمغفرة الذنوب، يقول صلى الله عليه وسلم: “مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَاناً وَاحْتِسَاباً غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ”، وقال العرجاني: من أفضل القربات في الليالي العشر العظيمة التكافل والتراحم والبذل والعطاء وقضاء الحوائج والإنفاق في سبيل الله، حيث تتجسد معاني الرحمة والرأفة والإنسانية في هذه الأوقات الفاضلة، واستشهد بحديث شريف، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُرَغِّبُ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ فِيهِ بِعَزِيمَةٍ، فَيَقُولُ: مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إيمَانًا وَاحْتِسَاباً، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمر على ذلك. وأوضح أن من خصائص العشر، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العمل فيها أكثر من غيرها.. ففي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيرها” رواه مسلم. وفي المسند عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر شمّر وشدّ المئزر، فهذه العشر كان يجتهد فيها صلى الله عليه وسلم أكثر مما يجتهد في غيرها من الليالي والأيام من أنواع العبادة، من صلاة وقرآن وذكر وصدقة وغيرها.