يجتاحك الخوف على مشارف الأمل في سوريا الجديدة… الشك في إحداث تغيير كبير في البلاد يقطعه يقين أن عقارب الساعة السورية لن تعود إلى الوراء، وإن كان هناك من يحاول الإبقاء على الفوضى وسد أفق الحلول وتكبيل السوريين وتوريطهم بخطيئة الأكل من تفاحة الطائفية والعبث بخارطة المكونات.
لا تحتمل سوريا ولا المنطقة هذا النوع من العبث الذي يبدو عابرًا للحدود، فالفتيل في سوريا سيشعل دول الجوار، وهو على الأقل سيكرر التغريبة السورية والنزوح مرة أخرى… هذا العبث قد يكون نتاجًا طبيعيًا في الحالة السورية التي أفلتت فجأة من لجام الدكتاتورية والقبضة الأمنية.
سوريا تحتاج إلى الوقت والوعي والجهود الكبيرة لتَدخُل مرحلة الأمان وتكبح جماح الكراهية التي زُرعت خلال عُمر النظام الساقط الذي هوى، فتشظت كل مؤسساته الزائفة، حتى بدت سوريا بعد التحرير دون ملامح مؤسساتية. أي محاولة للعبث بأمنها هي مخاطرة حقيقية بمزيد من الأرواح.
المخاوف في سوريا كبيرة بحجم الأمل، وهنا تبدو المكاسرة حقيقية بين هذه الآمال الكبيرة وبين هذه المخاوف الواضحة على ملامح السوريين؛ من بعض الغاضبين والراغبين في الانتقام، وبعض الحاملين لأفكار وأجندات ظلامية، والبعض الذي لا يزال يشتري الأوهام بعودة الماضي. وبين كل هؤلاء تطل إسرائيل باعتداءاتها المتكررة، وتقف المبادرات العربية والدولية عند الحدود السياسية، وما من أحد يمتلك مفتاح رفع العقوبات بعد.
الحكومة السورية الجديدة وحدها صمام الأمان، ولديها هي فقط المفتاح الأهم الذي يصل بسوريا إلى بر الأمان… فمفتاح العدل والمساواة تحت سقف القانون سيدخل بنا إلى دولة الاستقرار السورية التي تتسع لكل المكونات فيها دون غلبة مكون على آخر. وهنا يجدر بالقيادة الجديدة قراءة الماضي السوري لتجنب أخطائه.
نجح السوريون في استعادة بلادهم، واليوم يبدو التحدي كبيرًا بأن يعودوا إلى الحالة السورية الطبيعية… دولة القانون والسيادة واحترام كل الخصوصيات المجتمعية، ولفظ طيور الظلام من هذه المرحلة المصيرية التي ستحدد إما أن تعود سوريا دولة قلقة ومقلقة، أو تكون سوريا الدولة الطبيعية صاحبة التنوع الديموغرافي والدور التاريخي في عمر المنطقة. ولكي نبقى في الجنة السورية، علينا جميعًا تجنب الأكل من تفاحة الطائفية والمكونات التي يغوينا فيها الكثير من ثعابين التدخلات الخارجية.