الثورةـ سعاد زاهر:
ما السبب الذي يجعل دور المثقف باهتاً إلى هذه الدرجة، في عالمنا العربي، ونحن نعيش صراعات وجودية؟ هل ينأى بذاته عن تلك الصراعات، أم إن التمزق طاله هو الآخر، وتم التأثير على انتمائه والتزامه بالقضايا العامة؟ أم إن التركيز على التسطيح وتهميش الجوهري، أودى بنا إلى تصدر هياكل كرتونية لمثقفين مفترضين، يشتغلون على هوى السوق؟.
أسباب ساقتنا إلى هنا، منها ماله علاقة بالمثقف نفسه، وبذاتيته وأهوائه وكيف تميل، حتى إنها أضحت بديلاً عن مفهوم المثقف الملتزم، بحكم وظيفته الاجتماعية تجاه بيئته. كما أن إسقاط مفاهيم فكرية وفلسفية عرفت في وقت سابق وتكيفت مع مآل مجتمعاتنا كانت تجعل للمثقف في أوقات سابقة أدواراً تأتي في سياق فكري يخضع للمراجعة والنقد حسب مقتضيات التكيف الراهن في البلد، ولطالما أثيرت نقاشات في عمق تلك الأفكار مع الحفاظ على الثابت، كالانتماء والهوية وكل ما يتعلق بهما كان من المقدسات ولا سبيل للمساس به، مهما اشتدت الاختلافات. اليوم مع كل هذا التغير التكنولوجي والتفكك الثقافي الذي نعيشه، ومع تصدع فكرة الالتزام وإعادة النظر بمقولات مرتبطة بها، بات درب المثقف يجعل مقارباته لمقتضيات الشرط السياسي والانتماء الضيق ليصبح صوته صدى الصراعات والانزلاق إليها، بدلاً من أن يكون صوت الجموع عامة، والمحرض على تفكير يتفاعل مع اللحظة الآنية الخانقة لينتج وعياً همه الحفاظ على البلد ووحدتها بمقتضى شريعة إنسانية تلزمنا بألا نساوم على وحدتنا وإنسانيتنا وتنوعنا.. مهما كانت الأثمان.