حساسيّة الكلمة وعمق المعنى في الأدب العربي 

الثورة – عمار النعمة: 

“تأملات في الأدب العربي”.. ليست مجرد عبارة عابرة، بل هي نظرة فكرية غائرة في مكنونات الأدب العربي، من حيث بنيته، رموزه، تطور مدارسه، وامتداد أثره في الحياة الثقافية والاجتماعية.

ضمن هذا الإطار، ألقى الدكتور عيسى العاكوب، الحاصل على الدكتوراه في النقد والبلاغة من جامعة دمشق، محاضرة عنونها “تأملات في نظرية الأدب العربي”، ضمن نشاطات مجمع اللغة العربية الذي أدار جلساته الدكتور محمد قاسم، أمين عام المجمع.

وعبّر عن فخره بانتمائه إلى هذا الصرح العريق، مؤكداً أن الإبداع سمة راسخة في الهوية السورية عبر العصور، داعياً إلى بذل أقصى الجهد لخدمة الوطن، إذ “الموت على تراب سوريا خير من الحياة في أي مكان آخر”.

وقال د. العاكوب في معنى التأمل “ما تأملَ الشيءَ، نَظَرَ إِلَيْهِ مُسْتَبِينَا لَهُ، وفي معنى نظرية الأدب أنه مُصطلح نقْدِي غربي حديث، يُقابله في الإنكليزية literary theory. ويُعنى بالفكر الأدبي من جهة مفهوم الأدب والعوامل المؤثرة في نشأته وأجناسه وخاصيته في المضمون والشكل، وصار في الوقت المتأخر يقابل النقد الأدبي التطبيقي.

واستعرض مفهوم الأدب عند العرب من خلال حكاية ثحار بن عياش العيدِي حين سٌئل عَن سر قوة الأدب العربي عند قومه من بني عبد القيس: “ما هذه البلاغة فيكم ؟” فقال : لا شيء تَجيشُ به صدورنا فتقذفه على ألستنا.

فالأدب في فهمه ويقصد به الشعر والنثر جَيشان للنفس وحركة داخل الروح تضطر صاحبها إلى التعبير بالصورة العقلانية الجميلة.

يصف الشاعر العربي القرشي عمر بن أبي ربيعة ملاحظة ابنته إحجامه عن نظم الشعر حيناً واضطراره إلى استئناف النظم:

تَقولُ وَليدَتي لَمّا رَأَتني

طَرِبتُ وَكُنتُ قَد أَقصَرتُ حينا

أَراكَ اليَومَ قَد أَحدَثتَ شَوقاً

وَهاجَ لَكَ الهَوى داءً دَفينا

ثم تناول الدكتور العاكوب مفهوم “عَرَبَ” بوصفه ليس مجرد تسمية، بل بيئة محرضة على الإبداع اللغوي، وتقود كثافة الملاحظة وتأمل التفاصيل إلى فيض شعوري يولد أدباً عميقاً، واستشهد بحكاية عن الجاحظ توضح رقة حسّ الإنسان العربي وتعاطفه حتى مع اليُتم والفقد.

يقول الجاحظ: “وقال رجلُ مِنَ النَساك يصاحب لَهُ: مالي- أراك حَزِيَّنّاً حَزِيناً؟- قالَ: كَانَ عِنْدِي يَتِيمُ، أَرَتيه الأوفر نيه، فمات وانقطع عَمَّا أَجْرُه، إِذْ بَطَلَ قيامنا بمؤونته، فقال له صاحبه: فأجب يتيماً آخر يقوم لك مقام الأول قال: أخاف.

أنه أصيب يَتِيماً في سُوءٍ خُلُقه، قالَ له صاحبه : أما أنا فلو كُنتُ في توضيعك منهُ لَمَا ذَكَرْتُ سُودَ خُلُقه.

وقدم د. العاكوب تعریفاً جامعاً للأدب: وهو التعبير عن تجربة شعورية بصورة موحية، كما عرّف الشعر اصطلاحاً: “قول موزون مقفّى يدل على معنى، مشيراً إلى العوامل المؤثرة فيه، مثل: الإقليم، والجنس، والتيار الثقافي.

وسرد أبرز المؤلفات النقديّة في النظريّة الأدبيّة العربية ومنها:

فحولة الشّعراء للأصمعي

طبقات فحول الشّعراء لابن سلام الجمحي

البيان والتبيين للجاحظ

نقد الشعر لقدامة بن جعفر

نقد النثر لابن طباطبا.. وغير ذلك الكثير.

وفي حديثه عن أثر القرآن الكريم في الأدب، بيّن كيف حوّل الخطاب القرآني الأمة إلى أمة قارئة كاتبة، مُبرزاً الأسلوب البياني الرفيع للقرآن، الذي لا يزال مصدر إلهام للأدباء، ووصف الجاحظ بأنه “ما رأيته متلاحم الأجزاء، سهل التمازج، قد سُبِك سبكاً واحداً، وأفرغ إِفْراغاً واحداً، فهو يجرى على اللسان كما يجرى على الدّهانُ.

ذكر المحاضر أن الشاعر الأموي الصمة القشيري قال أبياتاً اعتبرت مثالاً للتقليد العربي في الشعر الجاهلي والإسلامي.

تمتع من شميم عرار نجدٍ

فما بعد العشية من عرار

ألا يا حبذا نفحات نجدٍ

وريا روضه بعد القطار

وأهلك إذ يحل الحي نجدا

وأنت على زمانك غير زار

شهور ينقضين وما شعرنا

بأنصافٍ لهن ولا سرار

فأما ليلهن فخير ليلٍ

وأقصر ما يكون من النهار

أما ما عدّوه نموذجاً للحداثة قول أبي تمام:

دَعني وَشُربَ الهَوى يا شارِبَ الكاسِ

فَإِنَّني لِلَّذي حُسّيتُهُ حاسي

لا يوحِشَنَّكَ ما اِستَسمَجتَ مِن سِقَمي

فَإِنَّ مُنزِلَهُ بي أَحسَنُ الناس

مِن خَلوَتي فيه مَبدا كُلِّ جائِحَةٍ

وَفِكرَتي مِنهُ مَبدا كُلِّ وَسواسِ

مِن قَطعِ أَلفاظه تَوصيلُ مَهلَكَتي

وَوَصلُ أَلحاظِهِ تَقطيع أَنفاسي

ثم عرض عضو مجمع اللغة العربية نماذج من نثر الراشدين لما فيه من صفاء البيان وسمو المقصد كنثر الصّديق رضي الله عنه: يا أيها الناس من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت”.

آخر الأخبار
زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض.. تحوّل المسار السوري وتوازنه إقليمياً ودولياً تصريحات أميركية بعد اجتماع الشرع مع ترامب بعد دقائق من دخول الشرع إلى "البيت الأبيض".. الخزانة الأميركية تصدر قراراً مهماً  مركز للتصوير بالأمواج فوق الصوتية في مركز الأورام بمستشفى اللاذقية الجامعي  الرئيس الشرع يصل "البيت الأبيض" ويبدأ محادثاته بجلسة مغلقة إعادة تأهيل 320 مدرسة في إدلب زيارة الرئيس الشرع لـ"البيت الأبيض".. ماذا تريد واشنطن من لقاء دمشق؟ بعد 116 يوماً على اختطافه.. الدفاع المدني يجدد مطالبته بالإفراج عن حمزة العمارين سوريا تطرق أبواب "التحالف الدولي".. هذه أبرز الانعكاسات على الخرائط السياسية والعسكرية   ثلاث مشاجرات وحالة إغماء.. حصيلة يوم في "كهرباء حمص"..!  30 ألف مستفيد سنوياً من خدمات مركز الإعاقة ومصابي الحرب وفد سويسري – ألماني يضع ملامح تطوير التعليم المهني في دمشق أجندة ترامب الشرق أوسطية.. لماذا زار الشرع واشنطن قبل صفقة بن سلمان الكبرى؟ بسلاح الحجة والعقلانية.. الرئيس الشرع يفرض الحوار من أجل إلغاء قانون "قيصر" خلال أقل من عام.. كيف أوصل الشيباني سوريا إلى مكاتب "البيت الأبيض"؟ "رويترز".. هل باتت الوكالة البريطانية الوسيلة الأخيرة لترويج تنظيم "داعش" في سوريا؟ ماذا تعني الاتفاقية الأمنية الجديدة بين سوريا وإسرائيل؟ لماذا يترقب لبنان نتائج زيارة الرئيس الشرع إلى "البيت الأبيض"؟ "تجارة حلب" تبحث تحديات قطاع المواد الكيماوية للأدوية ومواد التجميل بعد ارتفاع تعرفة الكهرباء.. المنتج المحلي عاجز عن منافسة المستورد