الثورة- نور جوخدار
في خطوة تصعيدية جديدة تعكس تزايد حدة التوترات بين الولايات المتحدة والصين، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب تبنيه سياسة “الحمائية الاقتصادية”، والتي تعتمد فيه على تقوية الاقتصاد الأميركي وتقليص الاعتماد على الصين وتجميد دورها في عالم التجارة وزيادة الرسوم الجمركية المفروضة عليها بنسبة 50% فوق المعدلات المعلنة سابقاً، لترتفع بذلك إلى 104% ما ينذر بركود اقتصادي عالمي، لا سيما أن البلدين يشكلان معاً أكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
الصين اعتبرت الخطوة الأميركية انتهاكاً صارخاً لقواعد التجارة الحرة، فسارعت إلى تقديم شكوى رسمية إلى المنظمة، وأوضحت في بيان نُشر على موقع المنظمة: “الصين طلبت مشاورات في منظمة التجارة العالمية بشأن نزاع مع الولايات المتحدة حول تدابير تفرض رسوماً جمركية إضافية بنسبة 10% على الواردات من جميع الشركاء التجاريين، و34% على الواردات من الصين، اعتباراً من 9 نيسان، وقد عُمم الطلب على الأعضاء في 8 نيسان”.وبحسب قوانين منظمة التجارة العالمية، تعد الشكوى الرسمية الخطوة الأولى ضمن آلية تسوية المنازعات بين دول الأعضاء، حيث يتم فتح باب المشاورات بين الطرفين لمدة 60 يوماً وفي حال الفشل بالتوصل إلى تسوية يحق للصين المطالبة بتشكيل لجنة تحكيم ثلاثية تصدر توصياتها خلال عام، دون أن تكون ملزمة للطرفين.
وفي رد مباشر، اتخذت بكين إجراءات انتقامية حازمة، ففرضت رسوماً جمركية بنسبة 34% على السلع الأميركية، ومنعت 11 شركة أميركية من العمل داخل أراضيها، وأدرجت 16 شركة أخرى على قائمة مراقبة الصادرات. كما قلّصت تصدير بعض العناصر الأرضية النادرة المستخدمة في الصناعات التكنولوجية والعسكرية، في خطوة تعكس استخدام الصين لأدوات ضغط استراتيجية في حربها الاقتصادية.ولم تقتصر الردود الصينية على الجانب التجاري، إذ تسعى بكين إلى حظر أو تقليص استيراد أفلام هوليوود الأميركية، والتي تعد ثاني أكبر سوق سينمائي عالمي، وفق ما أورد موقع “Hollywood Reporter” نقلاً عن شخصيتين صينيتين بارزتين وتأتي هذه الخطوة ضمن سلسلة من التدابير المقترحة تشمل أيضاً فرض رسوم أعلى على المنتجات الزراعية والخدمات الأميركية.
ويرى المراقبون أن لجوء الصين إلى منظمة التجارة العالمية يعيد الجدل حول فعالية المنظمة، خاصة بعد أن عطّلت الولايات المتحدة عمل جهازها الاستئنافي منذ عام 2019، ما يضع التساؤل التالي في الواجهة: مَن الطرف الذي سيتراجع أولاً في هذه المواجهة الاقتصادية الشرسة؟.