الثورة – لينا إسماعيل – ميساء سليمان:
يعاني عدد كبير من المواطنين المتعاملين بشكل يومي مع خطوط النقل من ريف محافظة دمشق إلى المدينة وبالعكس، من صعوبات الوصول إلى أعمالهم، والعودة إلى قراهم، ولاسيما طلاب الجامعات والموظفين الذين يستهلكون اليوم وقتاً وجهداً كبيراً، وكذلك التكاليف المادية المضاعفة من جراء توقف آليات النقل الداخلي عن الخدمة.. فما هي أسباب التوقف وانعكاساته على المواطن، وكيف يمكن معالجة هذه المعاناة اليومية؟ معطيات وشواهد، وبالعودة إلى حركة خطوط النقل الداخلي قبل سنوات ماضية نجد أن شركة النقل وضعت جميع إمكانياتها على شبكة الخطوط في ريف دمشق، لتأمين نقل الركاب، وجُلّهم من الموظفين وطلاب الجامعات، من قراهم وبلداتهم إلى العاصمة وبالعكس، من خلال مراكز الانطلاق في جسر الحرية وكراجات العباسيين، وغيرها من المراكز التبادلية التي خصصتها محافظة دمشق، بالتعاون والتنسيق مع محافظة الريف، وبمعدل رحلة صباحية وأخرى بعد انتهاء الدوام الرسمي لكل خط، والخطوط التي تشهد ازدحاماً في حركة الركاب خُصصت بعدة رحلات على مدار الساعة، مثال (خط الصبورة- قرى الشام).
اليوم، وبعد سقوط النظام المخلوع، توقفت الباصات عن خدمة الركاب، وبات من يقصد العاصمة يعاني الأمرين، نتيجة ارتفاع أجور السرافيس العاملة على الخطوط، وخاصة البعيدة منها، كمنطقة الزبداني والصبورة وبلودان وسرغايا وعين حور والديماس، وقرى وادي بردى، ومناطق القلمون، حيث يتكبد الراكب دفع أكثر من ثلاثين ألف ليرة يومياً ذهاباً وإياباً، كان يدفعها سابقاً لباصات النقل الداخلي عشرون ألف ليرة.
باصات معطلة تنتظر الصيانة ولتوضيح تفاصيل المعاناة اليومية من جراء هذا التوقف، بيّنَ عدد من المواطنين الذين راجعوا صحيفة الثورة لنقل شكواهم، أنه لدى مراجعتهم لعدة مفاصل معنية بقطاع النقل الداخلي كان الرد أن توقف الباصات عن خدمتهم سببه وجود باصات معطلة وبحاجة لصيانة، والشركة بانتظار ما تؤول إليه الأمور مستقبلاً في عودة الخطوط إلى سابق عهدها، ولحينه على ركاب الريف البعيد تحمل عناء دفع الأجور الزائدة لسائقي السرافيس دون أي التزام بالتعرفة المحددة من وزارة النقل، ودون أي حسيب أو رقيب، أو مخالفة من لا يتقيد بالتعرفة.
مشاهدات ميدانية في بلدة الصبورة وقرى الشام، والمناطق المجاورة: أشار عدد من المواطنين في حديثهم لـ”الثورة” إلى ما يعانونه من نقص حاد وانعدام شبه تام في خدمة النقل العام على خط قرى الشام- الصبورة- جسر الحرية، والذي يُعتبر من الخطوط الحيوية التي تخدم عدداً كبيراً من المواطنين يومياً.
وعن تفاصيل المشكلة قالوا: لا توجد اليوم باصات نقل عامة كما كانت سابقاً، مخصصة بشكل رسمي ومنتظم لتخديم هذا الخط، ولذلك نضطر إلى استخدام وسائل نقل خاصة أو بديلة بأسعار مرتفعة، ما يرهقنا مادياً، وخاصة فئات الطلاب وذوي الدخل المحدود.
كما أن الازدحام على الخط مرتفع جداً نظراً لوجود نسبة كبيرة من العاملين والطلبة المتنقلين يومياً إلى دمشق، وعدم عودة وسائط النقل، أدى إلى ازدحام في وسائل النقل الأخرى وتأخر المواطنين عن أعمالهم والطلاب عن دراستهم، آملين عودة الباصات لجميع الفترات (الصباحية والمسائية) على سائر الخطوط في ريف دمشق، وإدخالها ضمن الخطوط المخدمة رسمياً من قبل وزارة النقل والمؤسسة العامة لنقل الركاب (بتسميتها الجديدة) أو قطاع النقل الخاص المنظم، وتحديد برنامج زمني واضح وثابت لحركة الباصات لتسهيل اعتماد المواطنين عليها.
وأكدوا أن تحسين واقع النقل لا يخدم فقط راحة المواطنين، بل يساهم في الحد من استخدام واستغلال السيارات العمومية، لما يتقاضاه سائقوها من أجور زائدة من الركاب، ويحد من الازدحام، ويساعد في دعم العملية التعليمية والوظيفية، ويخدم الصالح العام.
يزن- طالب جامعي، قال: عند سقوط النظام البائد عادت السرافيس إلى نقل الركاب من جسر الحرية إلى بلدات ريف دمشق، بعد توقف باصات النقل الداخلي عن تأمين الركاب، لكن فوجئنا ومنذ شهر تقريباً بمنع محافظة دمشق وعناصر الشرطة وصول السرافيس إلى الجسر، ووصولها فقط الى جسر الوزّان في دمر، ومركز انطلاق السومرية ليستقل الراكب بعدها سرفيساً ثانياً إلى دمشق، رغم مطالبنا المتكررة في عودة الباصات إلى خطوط قرانا وبلداتنا في الديماس ووادي بردى، لكن لم يُصغِ إلينا أحد من الجهات المعنية.
وأضاف: لقد توقّف السائقون عن العمل، وتأخر وصول طلاب الجامعات والموظفين إلى دمشق، معتبراً أن هذا الإجراء مجحف، فمن كان همه مصلحة المواطنين لا يُصدر قراراً يضر بالجميع.
وطالب باسم جميع الأهالي بإعادة الخطوط إلى جسر الحرية، بدلاً من جسر الوزان، ولو كحلِ إسعافي ريثما تتكرم المؤسسة العامة لنقل الركاب في عودة باصاتها إلى خطوط الريف ولو برحلتين صباحية ومسائية.
شركات استثمار خاصة للنقل
شام- طالبة طب بشري، أكدت على عدم متابعة ومعالجة واقع الخطوط بشكل يومي وتأمين الأماكن المكتظة في عدد من التجمعات بباصات نقل داخلي بريف دمشق، مبيّنة أن الوقود متوفر ويؤمن بانتظام لباصات النقل العام، وخاصة وقت الذروة، بالمقابل هناك قلة بعدد السرافيس في كراج السومرية، وباقي الكراجات بسبب تعاقدها مع المدارس الخاصة والمؤسسات الحكومية، الأمر الذي يسبب مشكلة للركاب، ومزيداً من الازدحامات، داعية إلى ضرورة معالجة هذه المسألة، وأهمية وجود شركات استثمار خاصة للنقل، يمكن الاعتماد عليها واستئجارها ضمن الحلول البديلة، في حال عجزت مؤسسة النقل عن تخديم الريف.
محمد- موظف في شركة خاصة تساءل: هل من المعقول أن تعجز كل المساعي والإجراءات الحكومية في إيجاد حلول ومعالجات تخفف من حدة أزمة النقل على خطوط ريف دمشق، وسط تبريرات متعلقة بقلة وسائط النقل العام، وغيرها من الأسباب؟ وإلى متى سندفع أجرة زائدة لسائقي السرافيس، رغم أن المازوت متوفر في المحطات، ويباع اللتر اليوم بنحو 8500 ليرة، وأيام النظام البائد وصل سعره إلى 20 ألف ليرة وكان السائق ملتزماً بالتعرفة؟ تعرفة مضاعفة وتحكم بالمواعيد.
المحامية سناء مسعود، أشارت إلى أن الناس تنتظر عودة النقل الداخلي لعدة أسباب أولها، التعرفة المرتفعة للسرافيس حالياً، وعدم وجود موعد محدد لانطلاقها، وبالتالي نحتاج للحجز معهم قبل بيوم، وأخص بالذكر منطقة سرغايا، ولا يوجد وقت محدد لانطلاقها، ومع ذلك يوجد ضغط كبير عليها، ولهذا تصل التكلفة إلى 25 ألف ليرة سورية، في حين كانت سابقاً التكلفة من سرغايا زبداني 6000 ليرة، وحالياً وصلت إلى 20000 و 25000 رغم أن سعر ليتر المازوت انخفض عن السابق، وهذا الواقع أرهق جيوب الناس التي تحتاج يومياً للذهاب بالسرفيس.. لذلك نرجو معالجة الواقع بعودة النقل لتخديم خطوط ريف محافظة دمشق- دمشق بالسرعة القصوى.
تأهيل الباصات المتوفقة “الثورة” أوصلت هذه الشكاوى لمدير المؤسسة العامة لنقل الركاب عمر قطان، والذي أوضح بدوره أن عدم عودة الباصات لعملها على الخطوط السابقة يؤدي فعلاً إلى إعاقة حركة النقل ومواجهة العديد من المشكلات من نقص في تخديم المواطنين، وصعوبات في حركتهم، لذلك بدأت المؤسسة حالياً بتفعيل عدد من الخطوط التي كانت معطلة عن العمل منذ عام 2011، نذكر منها: خط مساكن برزة- شارع الثورة، خط مخيم اليرموك- حميدية، مزة مساكن برزة مروراً بالبرامكة، وسيتم تفعيل باقي الخطوط بالتتابع.
ولدى سؤاله عن توفر سائقين قادرين على تغطية هذه الخطوط أجاب: إنه في حال حاجة المؤسسة لكادر من السائقين أصحاب الخبرة سيتم تعيينهم بعد خضوعهم لاختبارات والتأكد من أنهم أصحاب كفاءة، ومناسبين للعمل وأنهم أصحاب أخلاق وأمانة، وذلك من خلال الإعلان الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي وبيان الشروط والأحكام للتوظيف.
وأضاف قطان: إن المؤسسة بدأت بتنفيذ خطة لإعادة تأهيل الباصات المتوقفة عن العمل من خلال تكليف فنيين من أصحاب الخبرة لإصلاحها وإعادتها للعمل على شبكة الخطوط.
22 باصاً جديداً للعاصمة، ولدى سؤالنا عن حصة محافظة دمشق من باصات النقل الداخلي التي وصلت كهدية من بيلاروسيا وعددها؟ أجاب بأن عدد الباصات القادمة من بيلاروسيا بلغ 50 باصاً، وقد تم توزيعها على المحافظات السورية بحسب الحاجة، وكان لمدينة دمشق الحصة الأكبر كونها المدينة الأكثر كثافة سكانية، واحتياجاً للباصات، حيث تم إعطاؤها 22 باصاً.
وأكد قطان أن هدف المؤسسة أولاً وأخيراً هو تخديم المواطنين وتقديم أفضل وأرقى خدمة لهم، كما تسعى المؤسسة حالياً لتطوير أسطول النقل بالكامل بما يرقى لطموحات السوريين.
وبدورنا ننتظر أن نرى ترجمة هذه الأهداف البناءة على أرض الواقع قريباً، وأن يتم العمل على رفع معاناة المتضررين من خلال عودة باصات النقل الداخلي إلى جميع خطوط ريف محافظة دمشق بالسرعة القصوى.
يذكر أن المؤسسة العامة لنقل الركاب تأسست عام 1962 ليتحول اسمها إلى الشركة العامة للنقل الداخلي عام 1975 وتعد أحد أهم شركات النقل العام في سوريا التي تقوم بتأمين النقل البري في محافظة دمشق وريفها.