الثورة – إيمان زرزور:
تعيش غالبية المناطق، أزمة حادة في تقلبات الأسعار، تضاف إلى أعباء المواطن وسط تدهور الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، حيث بات التلاعب بالأسعار ظاهرة متفشية تؤثر سلباً على حياة الناس وتضعف قدرتهم على تأمين متطلبات العيش الكريم.
ورغم جهود الجهات المختصة في الحكومة ودوائر التفتيش والمتابعة، تستمر الفوضى بسبب غياب الرقابة الفعالة، وانتشار الفساد، وتعقيد الأزمات المالية والمعيشية، وباتت عملية ضبط الأسعار من أكثر التحديات التي تتطلب حراكاً رقابياً حازماً، ومطلباً شعبياً ضرورياً.
التلاعب بالأسعار
لا يقتصر على خلل اقتصادي، بل يمثل أزمة أخلاقية واجتماعية تتطلب حلولاً جذرية تنقذ المواطن من جشع التجار، وهذه الظاهرة التي أصبحت شائعة في الأسواق المحلية، زادت من معاناة المواطنين، وأدت إلى تراجع القدرة الشرائية، وانتشار الفقر بشكل واسع.
تتمثل مظاهر التلاعب بالأسعار في عدة ممارسات، منها “الاحتكار عبر إخفاء السلع لرفع أسعارها لاحقاً، والتسعير العشوائي الذي يخضع لأهواء التجار دون الالتزام بالقوانين، كذلك استغلال الأزمات الاقتصادية مثل ارتفاع سعر الدولار أو نقص المحروقات لرفع الأسعار”.
أيضاً يقوم التجار باعتماد تسعير مزدوج، حيث يختلف السعر المعلن عن السعر الحقيقي عند البيع، مع تفاوت الأسعار بين مناطق مختلفة داخل المدينة الواحدة، ورفع الأسعار تباعاً مع موجات الغلاء العالمية دون مبررات محلية واضحة، مع استغلال حاجة الناس للمواد الأساسية كالخبز والسكر والغاز.
وتنعكس هذه الممارسات على عدة جوانب سلبية، منها “إفقار متسارع للطبقات المتوسطة والفقيرة، وتآكل الثقة بين المواطن والدولة، وتفشي السوق السوداء وزيادة الفوضى في التسعير، إضافة إلى ضعف النشاط الاقتصادي وركود الأسواق نتيجة تراجع القوة الشرائية، وتصاعد موجات الهجرة الداخلية والخارجية هرباً من الضغوط المعيشية”.
ولعل أكثر مايشجع التجار على مواصلة سياستهم المتقلبة، هي انخفاض قيمة الليرة السورية، ما يؤدي إلى تغيرات مستمرة في الأسعار، وانتشار الفساد الإداري وتواطؤ بعض الجهات مع التجار أو تغاضيها عن المخالفات، علاوة عن نقص المواد الأساسية نتيجة العقوبات وصعوبات الاستيراد وتراجع الإنتاج المحلي، والاعتماد الكبير على السوق السوداء، خاصة في مواد مثل المحروقات والأدوية.
ولتجاوز هذه الأزمة، من الضروري اتخاذ خطوات فورية وجذرية، منها “تفعيل دور وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بشكل كامل، وفرض عقوبات صارمة وغرامات على المخالفين، وإطلاق حملات رقابية مكثفة خاصة في المواسم والأوقات الحساسة، مثل شهر رمضان والأعياد، علاوة عن تطوير تطبيقات إلكترونية لرصد الأسعار وتلقي شكاوى المواطنين.
ويتطلب حراكاً من الدولة لدعم الإنتاج المحلي للحد من الاعتماد على الاستيراد، وتفعيل القضاء الاقتصادي للنظر في قضايا الغش والاحتكار بجدية، ونشر ثقافة التبليغ والشكوى بين المواطنين لتعزيز الرقابة المجتمعية، وتحسين الأجور لتتناسب مع تقلبات الأسعار وتخفيف الضغط على الأسر.
في النهاية، تتطلب مواجهة فوضى الأسعار في سوريا رؤية شاملة وإرادة سياسية قوية تعزز الشفافية وتطبيق القوانين الرادعة، إلى جانب دعم الاقتصاد الوطني، وخلق بيئة تجارية عادلة تحمي حقوق المستهلكين، وتضع حداً للتلاعب والفساد في الأسواق.