حي الميدان الدمشقي.. ذاكرة على امتداد الخصوصية

الثورة – غصون سليمان:
دمشق المفتونة باسمها الغارق منذ فجر التكوين، اختارها القدر لتكون أول مدينة مأهولة في تاريخ البشرية، يقصدونها من كل الجهات، فروح الماضي السحيق مازالت تنتفض عند كل حجر وزاوية ومعلم وحي.

“دمشق الشام”:
وإذا ما تجولنا في بعض أحيائها، ونبشنا من الكتب ودفاتر التوثيق، اختار الحبر أن نتوقف عند حي الميدان الدمشقي الذي أشار إليه الدكتور لطفي فؤاد لطفي في كتابه “دمشق الشام”، مبيناً أن الميدان آتية من ميدان الحصى، وميدان الحصى هو قرية في منطقه القبيات، يذكر أن من أسسها هم من قرية النعير في محافظه حماة، أتوا بطراز البناء في قريتهم وبنو مثلها في ميدان الحصى، وهو عبارة عن خلاء صخري واسع كان ميدان سباق في ثلاثينيات القرن الماضي، أي ميدان للفروسية، وإن بعض القرويين في منطقه السخنة من أوائل الذين هاجروا إلى الميدان، وهناك حي اسمه السخانية نسبه لهم.
– تميز حي الميدان: بالامتداد جنوب دمشق وهو طريق الحج، بالإضافة إلى الطريق المتجه إلى حوران والحجاز، الطريقان يلتقيان مع الطريق السلطاني الشمالي والذي يمر بأحياء مسجد الأقصاب، والعمارة،عند قلعه دمشق في منطقه عرفت باسم “تحت القلعة”.
أول عمارة:
لا يذكر التاريخ نشأة حي الميدان، ولكن من المعروف أن أول عمارة موجودة حتى الآن هو جامع باب المصلى، والذي بناه الملك العادل أخ السلطان صلاح الدين الأيوبي، ولقد أشار إليه ابن عساكر، فهو إذاً الفسحة التي كانت تخرج منها مجموعات بشرية في صلاة العيدين وصلاة الاستسقاء، وبقي هذا الاسم حتى الآن.

وحسب توثيق الدكتور لطفي، يمتد حي الميدان جنوبي دمشق 3 كيلو مترات اعتباراً من التربة الأفريدونيه “تربه أفريدون العجمي” والتي بنيت في القرن الرابع عشر الميلادي، وكانت بالأصل داراً للقرآن، ازدهرت الأبنية على طرفي طريق الميدان- طريق الحج- في الفترة المملوكية، ويلاحظ انتشار الترب الممتدة على واجهاتها على طرفي الطريق “تربة أراق، ومدفن الصحابي صهيب الرومي، وجامع التينبية، ومدفن تغريردي”. مؤلف كتاب “النجوم الزاهرة في أخبار القاهرة”، وجامع منجك، وجامع كريم الدين، أو جامع الدقاق.. هذه الجوامع كانت مرتبطة بالأسواق من حولها، فهي تجمع له أثره في الحي.

مخازن القمح:
ويوضح كتاب “دمشق الشام” كيف نشأت البوايك “مخازن القمح” فيها بين القرن 17 و16 نظراً لورود القمح من حوران نتيجة تكون علاقات اجتماعية بين المنطقتين، ويقدر عدد البوايك آنذاك 150 بايكة، بقي حالياً أقل من ست بوايك في حي الميدان الوسطاني، بالإضافة إلى الحواصل لتخزين الخشب.
المصطبة:
ومن المعالم المهمة في الميدان الوسطاني، وفي زقاق العسكري مصطبة سعد الدين، أي بيت شيخ الزاوية الجباوية، والذي كان يحتوي على لوحات من القيشان المهمة جداً، والجباوي منسوب إلى قرية جبة القريبة من القنيطرة، وكان المحمل يقف عند المصطبة ليلقم لقمة من اللوز والفستق والسكر، ومن ثم يتابع طريقه إلى طريق الحج.
فالمصطبة الواقعة بين جنوب باب المصلى وشمال ميدان الحصى كان يطلق عليها اسم الزفتية، وكانت سوقاً للجمال، وكان يشغل المنطقة عدد من السعوديين من آل عقيل، كانت تأتي بالقوافل وينتظرون حلول الليل، وعند توقف الترامواي عن الحركة يدخلون إلى المنطقة وينزلون العدول “الحمل” عند البايكة لترحل من هناك إلى الموانئ الأوروبية، وخاصة إيطاليا، وتضم الحمولة، القمح والشعير والذرة البيضاء والعدس والكرسنهة وغيرها.
مجتمع منسجم:
كما يذكر أن عدداً من مسيحية إزرع في أوائل القرن التاسع عشر هاجروا إلى حي الميدان، وكذلك مسيحيو راشيا وحي القصاع، واستقروا في أحياء القرشي والموصلي والعسكري والمحمص منهم آل الشويري وآل الفرح، وبيت الخوري وبيت أبو حديد وبيت رومية والتوامنة، من وادي التيم وذلك بعد أحداث عام 1860.
بعدها أتت هجرة المغاربة مع الأمير عبد القادر الجزائري وسكنت في السويقة وكونوا مع سكان الحي مجتمعاً منسجماً، والدليل أنه لم تقع أي حوادث مخلة بالأمن في الميدان خلال قرنين من الزمن بعد أحداث ١٨٦٠.
ومن معالم الحي أيضاً نهرا القنواتي والديراني اللذين يلتقيان في الميدان وتتوزع المياه إلى الأزقة المختلفة، مثل العسكري، الموصلي، الجامع، الحقلة، فقسم يذهب إلى الحمامات، حمام: فتحي الرفاعي، عقيق، الجديد، وتذكر الأحداث في هذا السياق أن مياه الأنهار قطعت عن الحي عام 1947 لانتشار الكوليرا وكانت مياه الفيجة قد وصلت إلى الحي عام 1932.

مقاهي الميدان:
من أهم مقاهي الميدان: عقيل، الموصلي، ومقهى في زقاق مسعود، إذ كان مقهى عقيل مقابل زقاق المحمص وزقاق العسكري، وكان الكراكوزاتي أبو عادل المميز بصوته الرخيم يعزف على العود ويغني أغاني أم كلثوم وخاصة أغنية “فتنت بلحظك الفتاك”، ليدخل بعدها خلف الستارة ويضيء السراج لإظهار خيالات شخصيات خيال الظل، ولاسيما شخصيات كراكوز وعيواظ، وشمقرين الساحرة، وخطاف الزعزع، الذي كان يتقاضي خمسين قرشاً، والعرض مستمر.
 ثلث ساعة فقط:
يذكر أخيراً أن بيوت الميدان مبنية من الحجر الأسود لقربها من منطقة حوران، بما جعل البناء متيناً، وبالتالي حافظت الأبنية على الشكل التقليدي.

آخر الأخبار
مخبز بلدة السهوة.. أعطاله متكررة والخبز السياحي يرهق الأهالي عودة الحركة السياحية إلى بصرى الشام خبير اقتصادي لـ"الثورة": "الذهنية العائلية" و"عدم التكافؤ" تواجه الشركات المساهمة اشتباكات حدودية وتهديدات متبادلة بين الهند وباكستان الرئيس الشرع يلتقي وزير الزراعة الشيباني أمام مجلس الأمن: رفع العقوبات يسهم بتحويل سوريا إلى شريك قوي في السلام والازدهار والاقتصاد ... "الصحة العالمية" تدعم القطاع الصحي في طرطوس طرطوس.. نشاط فني توعوي لمركز الميناء الصحي  صناعتنا المهاجرة خسارة كبيرة.. هل تعود الأدمغة والخبرات؟ ترجيحات بزيادة الإمدادات.. وأسعار النفط العالمية تتجه لتسجيل خسارة تركيا: الاتفاق على إنشاء مركز عمليات مشترك مع سوريا "موزاييك الصحي المجتمعي" يقدم خدماته في جبلة تأهيل طريق جاسم - دير العدس "بسمة وطن" يدعم أطفال جلين المصابين بالسرطان اللاذقية: اجتماع لمواجهة قطع الأشجار الحراجية بجبل التركمان درعا.. ضبط 10 مخابز مخالفة تربية طرطوس تبحث التعليمات الخاصة بامتحانات دورة ٢٠٢٥ مُنتَج طبي اقتصادي يبحث عن اعتراف سوريا أمام استثمارات واعدة.. هل تتاح الفرص الحقيقية للمستثمرين؟ دعم أوروبي لخطة ترامب للسلام بين روسيا وأوكرانيا