منصة “مبادرة”.. جسر رقمي تطوعي لإعمار سوريا ينتظر الدعم.. المهندس مللي: إعادة بناء سوريا مسؤولية جماعية

الثورة ــ هنادة سمير:

في مرحلة مفصلية تحتاج فيها سوريا إلى جهود جميع أبنائها تقدم منصة “مبادرة” نفسها كمنصة رقمية غير ربحية تجمع أكثر من 250 مشروعاً ومبادرة تطوعية نوعية من الداخل والخارج، تهدف إلى إحياء سوريا كدولة قوية ومتطورة واستعادة مكانتها الحضارية، من خلال دورها المحوري كوسيط يجمع بين المشاريع والمبادرات الرائدة التي تسعى إلى إعادة الإعمار والتنمية المستدامة، يقوم بفهرستها ضمن تسعة مجالات حيوية مختلفة وربطها بالجهات المهتمة والداعمة من أفراد أو منظمات ومستثمرين بغية تحويلها إلى مشاريع فاعلة ومؤثرة على أرض الواقع.

 

“الثورة” تواصلت مع رئيس مجلس إدارة المنصة المهندس أحمد حجي مللي المقيم حالياً في السويد، عبر الواتساب، متحدثاً عن دوافع إطلاقها، أهدافها، المبادرات المنضوية تحتها، ومتطلبات التعاون الحكومي لإنجاحها على أرض الواقع.

 

من الاحتياج إلى المبادرة

 

كيف انطلقت فكرة إنشاء المنصة، ولماذا الآن؟

 

يقول المهندس مللي: “إن فكرة المنصة انبثقت من إيماننا الراسخ بأن إعادة بناء سوريا ليست مسؤولية الحكومة أو مؤسسات الإغاثة فحسب، بل مسؤولية جماعية تتطلب مشاركة كل أبنائها، داخل الوطن وخارجه، وكل من يؤمن بمستقبلها”، ويوضح أن فكرة “منصة مبادرة لإعمار سوريا جاءت في توقيت دقيق، بعد تراكمات طويلة من الحرب، وانطلاق مرحلة انتقالية تحمل معها تحديات تنموية كبيرة، في مقدمتها ضعف التنسيق مع الداخل السوري وتشتت الجهود الفردية والمجتمعية، إذ تعمل العديد من المبادرات بمعزل عن بعضها، ما يحد من أثرها، إضافة إلى صعوبة الوصول إلى معلومات موثوقة عن المشاريع القائمة أو الاحتياجات الفعلية وعدم وجود تواصل فعال بين الداعمين والمبادرين، فالكثير من الداعمين يبحثون عن مشاريع جديرة بالثقة دون أن يجدوا منصات توصلهم إليها ناهيك عن غياب الشفافية والاستدامة، في ظل غياب منصة محايدة توثق وترصد جهود الإعمار بعيداً عن أي انحياز سياسي أو تجاري فكان هدفنا تحويل المساعدات من مجرد إغاثة مؤقتة إلى تنمية دائمة.

 

جسر رقمي

 

ويضيف: “بدأت الفكرة فعلياً في 8 كانون الأول 2024، يوم سقوط النظام المخلوع، حين اجتمع مجموعة من السوريين الناشطين والمهنيين ورواد الأعمال في مجالات التنمية والتكنولوجيا، وطرحنا سؤالاً جوهرياً: كيف نجعل جهود إعمار سوريا أكثر تنظيماً وفعالية وشفافية، وما هو دورنا في ذلك؟ ومن هنا، وُلدت فكرة المنصة “كجسر رقمي يربط بين ثلاثة أطراف أساسية: أصحاب المبادرات، الجهات الداعمة (مؤسسات، مستثمرين، متطوعين- الخبراء في مجالات: التعليم، الصحة، الهندسة، البيئة، وغيرها).

 

كيف تمت دعوة أصحاب المبادرات وما آلية الانضمام؟

 

يوضح رئيس مجلس الإدارة أن عملية استقطاب المبادرات بدأت بالاعتماد على الثقة عبر الشبكات المهنية والشخصية لفريق المنصة من نشطاء في المجال التنموي ومنظمات محلية ومبادرين وأكاديميين ليتم التواصل مع مبادرات معروفة بجديتها، مضيفاً: أجرينا لقاءات مباشرة أو عبر الإنترنت، لتوضيح فكرة المنصة وضمان الشفافية إضافة إلى إطلاق حملة توعية على وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان “يداً بيد نبني سوريا الغد”، إلى جانب التعاون مع منصات المجتمع المدني والجامعات لنشر الفكرة، وفتحت المنصة قنوات متعددة لمن يرغب في الانضمام تشمل: نماذج إلكترونية، واتساب، بريد إلكتروني مخصص، وخضعت كل مبادرة لتقييم فني من قبل فريق متخصص يتحقق من: الواقعية والاستدامة والتطابق مع أولويات إعادة الإعمار وكفاءة الفريق المنفذ.

 

معالجة حقيقية

 

هل المبادرات مبنية على دراسات للاحتياجات الفعلية؟

 

في ذلك يبين المهندس مللي “أن المنصة اعتمدت على بيانات ميدانية من مصادر متعددة تشمل: شراكات مع منظمات عاملة داخل سوريا لتحديد الفجوات مثل تقارير الأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري واستطلاعات رأي ميدانية في المناطق المستهدفة، وتم التركيز على قطاعات حيوية طبقاً للدراسات، ففي مجال الصحة تظهر تقارير منظمة الصحة العالمية أن 70 في المئة من المستشفيات دمرت في بعض المناطق وفي مجال التعليم أصبح 2.4 مليون طفل خارج المدرسة، فيما تعاني البنى التحتية من انهيار كبير في شبكات المياه والكهرباء في معظم المحافظات، مشيراً إلى أنه تم رفض المشاريع المكررة لمنع هدر الموارد، مثل: ثلاث مبادرات لبناء مدرسة في نفس القرية، فنحن لا نريد مبادرات تملأ فراغاً وهمياً بل مشاريع تغني سوريا بحاجة فعلية”.

 

250 مبادرة في 9مجالات حيوية

 

ما هو عدد المبادرات ومجالاتها ومصادر تمويلها؟

وأوضح المهندس مللي أنه “يوجد لدينا أكثر من 250 مبادرة، جميعها مبادرات تطوعية قمنا بنشر بعضها، والباقي تحفظنا عليه حسب سياسة الخصوصية وحفظ حقوق الملكية، وجميعها مبادرات فردية يملك أصحابها القدرة على التنفيذ والدعم الذاتي من دون الحاجة لوسيط مالي، ودورنا احتضاني فقط”، داعياً من يرغب في التعاون أو دعم المبادرات التواصل مع أصحابها من دون أي وساطة من خلال معلومات التواصل الموجودة ضمن المبادرة.

وتم تصنيف المجالات التي تشملها المنصة في تسعة أبواب:وهي (إعادة الإعمار العمراني، الاقتصاد الوطني والتطوير الصناعي، التعليم والبحث العلمي، الرعاية الصحية، البيئة والتنمية الاجتماعية، التبرعات المالية والعينية، الاستثمار في المشاريع، العمل التطوعي، التكنولوجيا والتحول الرقمي).

ما هو المطلوب من الجهات الحكومية لتفعيل المبادرات؟

يؤكد مدير المنصة أن نجاح مبادرات المنصة وتحقيق تأثير ملموس على أرض الواقع لن يتحقق دون تعاون فعّال مع السلطات الرسمية”، ويحدد سبع نقاط رئيسية في هذا السياق وهي:

ـ تبسيط الإجراءات البيروقراطية: بما في ذلك تبسيط تسهيل عمليات الترخيص والتسجيل للمبادرات التنموية خاصة في مجال الصحة والبناء والتعليم، إعفاء وتخفيض رسوم تراخيص المشاريع غير الربحية ذات الطابع الإنساني أو التنموي، تخصيص نافذة موحدة لتسهيل معاملات المنصة والمبادرات المنضمة إليها، والدعم اللوجستي والمعلوماتي من خلال توفير البيانات الرسمية عن الاحتياجات والأولويات في كل منطقة مثل: (خرائط البنى التحتية المتضررة، الإحصائيات السكانية وتمكين الوصول إلى المرافق العامة المهجورة لإعادة تأهيلها ودعم تأمين المواد الأساسية بأسعار مخفضة أو عبر منافذ مخصصة).

الإطار القانوني الداعم من خلال إصدار تشريعات تدعم المبادرات غير الربحية، مثل حماية قانونية للمستثمرين، إقرار حوافز ضريبية للجهات الداعمة والاعتراف القانوني بالمنصة كوسيط معتمد بين القطاعات الحكومية والخاصة والمجتمع المدني والتنسيق المباشر عن طريق تعيين ممثلين رسميين للتنسيق مع المنصة.

مشاركة الحكومة في تقييم المشاريع ،تمويل حكومي جزئي للمشاريع المتوافقة مع خطط التنمية الحكومية دعم مشاريع ذات طابع استراتيجي كالمستشفيات والطاقة- الحماية الأمنية بتأمين مواقع التنفيذ وتسهيل حركة الفرق والمعدات عبر الحواجز – شراكات واعتراف رسمي من خلال إدراج المشاريع الناجحة ضمن الاستراتيجيات الوطنية لإعادة الإعمار – منح شهادات تقدير تشجيعية لتحفيز المشاركين.

الإعمار مسؤولية تشاركية

ويرى المهندس مللي أن التعاون الحكومي حاسم في تفعيل هذه المبادرات لسببين، أن الجهات الحكومية تملك الصلاحيات والبنى التحتية التي قد تعيق أو تُسرّع المشاريع، ولأنه دون دعمها، حتى المبادرات الأكثر فعالية قد توصل إلى جدران بيروقراطية أو أمنية، مشددين على أن الإعمار مسؤولية مشتركة والشراكة مع الحكومة ليست خياراً، بل ضرورة لضمان أن تصل كل لبنة إلى مكانها الصحيح.

آخر الأخبار
مصفاة بانياس تدعم مهارات طلبة الهندسة الميكانيكية بجامعة إدلب الأونروا: الوضع في غزة يفوق التصور الاحتلال يستهدف خيام النازحين في خان يونس ويهدم عشرات المنازل في طولكرم اللاذقية: تحسين الخدمات في المناطق المتضررة بالتعاون مع "اليونيسيف" حذف الأصفار من العملة المحلية بين الضرورة التضخمية والتكلفة الكبيرة نقص كوادر وأجهزة في مستشفى الشيخ بدرالوطني الصحافة في سوريا الجديدة مليئة بالتحديات والفرص بقلم وزير الإعلام الدكتور حمزة مصطفى "الأشغال العامة": دورات تدريبية مجانية في قطاعي التشييد والبناء درعا.. إنجاز المرحلة الأولى من تأهيل محطة ضخ كحيل تفعيل العيادات السنية في مراكز درعا تأهيل مدرسة في بصرى الشام حول عقد استثمار الشركة الفرنسية لميناء اللاذقية.. خبير مصرفي: مؤشر جيد قربي لـ"الثورة": استثمار ميناء اللاذقية الجديد يعكس ثقة دولية وزيادة بالشفافية متجاوزاً التوقعات.. 700 ألف طن إنتاج سوريا من الحمضيات في 2025 الرئيس الشرع يلتقي بوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل درعا: مطالبات شعبية بمحاسبة المسيئين للنبي والمحافظة على السلم الأهلي "مياه دمشق وريفها".. بحث التعاون مع منظمة الرؤيا العالمية حمص.. الوقوف على احتياجات مشاريع المياه  دمشق.. تكريم ورحلة ترفيهية لكوادر مؤسسة المياه تعزيز أداء وكفاءة الشركات التابعة لوزارة الإسكان