الثورة – راغب العطية:
تؤمن معظم دول العالم بأن استقرار سوريا لا يمكن تحقيقه في ظروف استمرار العقوبات الغربية، ولا أي من الإجراءات الأحادية التي اتخذتها بعض الدول ضد سوريا في فترات سابقة من عهد نظام الأسد البائد بمرحلتيه (الأب والابن)، إضافة إلى تكرار الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية، وتملص حكومة الاحتلال من اتفاقية فض الاشتباك الموقعة عام 1974، بعد سقوط المخلوع مباشرة، والتمادي بتدخلاتها في الشؤون الداخلية لسوريا من خلال إثارتها للنعرات الطائفية بين مكونات الشعب السوري.
ويدفع هذا الإيمان دول العالم المعنية، إلى الاقتراب أكثر من الشأن السوري لجهة التباحث مع الإدارة الجديدة، للوقوف على احتياجاتها للنهوض بالبلد الذي دمرته 14 سنة من الحرب، وعقود من فساد النظام المخلوع.
ومنذ الأيام الأولى لسقوط نظام الأسد، بدأت دمشق بفتح خطوط مع جميع العواصم التي لها دور في الملف السوري في أي مجال من المجالات، واستقبلت العاصمة السورية في الشهور الماضية عدداً كبيراً من الوفود بمستويات متنوعة، من قادة ورؤساء حكومات إلى وزراء وخبراء ومختصين، كما زار الرئيس الشرع عدداً من الدول العربية وتركيا، واليوم يزور فرنسا، بالتوازي مع جهود دبلوماسية قام بها وزير الخارجية أسعد الشيباني في جميع أنحاء العالم.
ويرى مراقبون أن زيارة الشرع لباريس ولقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، تعد بداية الانفتاح الغربي على دمشق من البوابة الفرنسية، في ظل إحجام الإدارة الأميركية عن التعاطي مع حكومة الشرع بالشكل الذي يدفعها إلى الالتزام برفع العقوبات عن سوريا بشكل كامل، وفتح قنوات سياسية معها على مستويات عليا، على اعتبار أن الفترة الماضية سجلت تبادل زيارات بين وفود من الجانبين.
وقال مؤسس ومدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني في تصريح للجزيرة نت اليوم: إن العلاقات التاريخية بين باريس ودمشق كانت المحرك الأساسي لاختيار فرنسا دعوة واستقبال الرئيس السوري لتكون البلد الأول الذي يزوره، وأن الزيارة ستمثل خطوة مهمة للشرع، وستكون بوابة إلى المجتمع الدولي الأوسع، متوقعاً أن هذه الدول الأوروبية ستقوم بالخطوة نفسها في المستقبل.
وبين الإقدام والمراوحة بالمكان من جانب الغرب، تدخل فرنسا بثقلها السياسي والدولي لتكون أولى الدول الأوروبية التي تستقبل الرئيس الشرع، لتبحث معه كل الملفات التي تقدمها أوروبا مجتمعة أو بشكل إفرادي، ومن ورائه الولايات المتحدة الأميركية, إلى الدولة السورية الجديدة، وتطالبها بالبت بها كخطوة حسن نية، من أجل البدء بالتعاون والانفتاح، فهل تستطيع باريس أن تكون قاطرة الانفتاح الغربي والعالمي على دمشق؟.