الثورة – سمر حمامة:
ليست الامتحانات مجرد تقييم أكاديمي لمدى تحصيل الطالب العلمي، بل هي فترة تحمل في طياتها أبعاداً نفسية واجتماعية تؤثر بشكل مباشر في أداء الطالب واستقراره النفسي.. في هذا الوقت الحرج، تصبح الأسرة الحاضن الأول والداعم الأهم، إذ يقع على عاتقها مسؤولية خلق بيئة مواتية تساعد أبناءها على اجتياز هذه المرحلة بكفاءة وطمأنينة.
خوف وقلق
إن خوض الطالب للامتحان لا يتمثل في جلوسه إلى طاولة ووضع القلم على الورقة فحسب، بل هو دخول في معترك من التوترات والضغوطات النفسية، حيث تتزاحم الأسئلة في ذهنه بين الخوف من الفشل، والحرص على تحقيق النجاح، وتوقعات الأسرة، والتنافس مع الزملاء.. هذه المشاعر قد تُثقله وتفقده القدرة على التركيز ما لم يُحط به جو من الدعم والاستقرار في فهم التحديات النفسية والعقلية التي يمرّ بها الطالب، والابتعاد عن كل ما قد يزيد من توتره أو يشتت انتباهه.
فالمناسبات يمكن أن تنتظر، أما وقت الامتحان فهو وقت لا يُعوّض، الانشغال بالضيوف أو الزيارات قد يضع الطالب في دائرة من التوتر والحرج.
دور الأسرة
عبّر عدد من أولياء الأمور لـ”الثورة” عن أهمية دور الأسرة في هذه المرحلة، مؤكدين أن تفهمهم لطبيعة الامتحانات تغيّر كثيراً في السنوات الأخيرة.
تقول السيدة ميساء الأحمد، والدة لطالبة في المرحلة الثانوية: كنت سابقاً أظن أن الامتحانات شأن الطالب وحده، لكنني اليوم أؤمن أن الجو العائلي الهادئ نصف النجاح، نؤجل كل الزيارات، ونحرص على أن تكون أجواء البيت مريحة ومتفهمة.
ويضيف يامن، والد لطالب في الإعدادية: في أحد الأعوام، تزامنت الامتحانات مع دعوة عائلية كبرى، أصررنا على إقامتها وندمنا لاحقاً، أدركت أن الطالب يحتاج إلى احترام مساحته في هذه الفترة.
أما السيدة نهى الصالح، فتقول: ابني يعاني من القلق الشديد، فأحاول ألاّ أزيده توتراً، أحياناً أقرأ له بصوت هادئ أو أشاركه بعض التمارين، الدعم العاطفي لا يقل أهمية عن الكتب.
التحدي العقلي
وفي حديث مع المرشدة الاجتماعية دارين السليمان، أكدت أن الامتحانات تمثل ضغطاً نفسياً حقيقياً، خاصة في المجتمعات التي ترتبط فيها درجات الطالب بمستقبله أو بمكانته في الأسرة.
ولفتت إلى أنه لا بدّ أن نُدرك أن الطالب في فترة الامتحانات يمرّ بحالة من التحدي العقلي والانفعالي، البيت يجب أن يتحول إلى مساحة آمنة، خالية من المشاحنات، مليئة بالتحفيز، خالية من أيّ ضغط نفسي إضافي، وأشدد على أن كثرة الزيارات، والضجيج، وحتى تدخلات الأهل الزائدة قد تنقلب إلى عبء عكسي.
ليس المطلوب القطيعة مع العائلة والمجتمع، بل تأجيل المؤقت وتقديم ما هو أولى، فالعيد سيأتي، والأعراس ستتكرر، أما وقت الامتحان فمحدود، ونتائجه قد تترك أثراً طويل الأمد في حياة الطالب.
أخيراً.. في موسم الامتحانات، لا يُمتحن الطالب وحده، بل الأسرة أيضاً، فكما يحتاج الطالب إلى المراجعة والتركيز، تحتاج الأسرة إلى الوعي والانضباط والصبر، توفير جو داعم خلال هذه الفترة لا يرفع فقط من فرص النجاح، بل يعزز الروابط الأسرية، ويُشعر الأبناء بأنهم ليسوا وحدهم في هذه الرحلة.