الثورة – قصة هلال عون:
كان فادي في الصف الرابع حين مات والده بمرض السرطان.. وترك أسرة مؤلفة من الأم التي تعمل ربة منزل، ومن شقيقه سمير في الصف الثاني الابتدائي، وشقيقته عفراء التي لم تدخل المدرسة بعد.
ترك أبو فادي لأسرته هكتاراً من الأرض البعل، كان يزرعه بالقمح والعدس، وتعيش الأسرة من إنتاجه.. وتولّت أم فادي مهمة الزراعة، وكان فادي يلحق بها بعد عودته من المدرسة لمساعدتها في كل ما يتعلق بحراثة الأرض وتعشيبها.
لكن الموسم كان سيئاً جداً في السنة الأولى بعد رحيل الوالد بسبب الجفاف الشديد، وكان الإنتاج لا يغطي نفقات حراثة الأرض وحصادها.. وبدأت الأسرة تعاني من الفقر الشديد.
فكّر فادي بمشروع صغير يساعد فيه أمه وشقيقه وشقيقته في تأمين ثمن طعامهم، ووقع خياره على الاستثمار في الدجاج.
أقنع والدته ببيع أساورها الذهبية الثلاث التي تملكهما، وبثمنها بنى قِنّاً كبيراً بمساحة عشرين متراً مربعاً، واشترى خمسين دجاجة بياضة، ومستلزماتها من الطعام وأواني العلف والماء.
في المدرسة حكى فادي لمعلمته عن مشروعه الصغير، فساعدته أن طلبت من قريب لها يعمل في توزيع البيض أن يشتري إنتاج فادي من البيض.
بعد عام من العمل المربح قرأ فادي على الانترنت عن تفقيس البيض، فحدّث والدته ومعلمته عن رغبته بشراء مفقسة لإنتاج الصيصان.
وبالفعل اشترى مفقسة صغيرة تستوعب خمسمئة بيضة، وبعد ٢١ يوماً تحولت البيضات الخمسمئة إلى صيصان، وبعد أقل من شهرين باع نصفها لمحال بيع لحوم الفروج، واستبقى ٢٥٠ دجاجة بياضة، أضافها إلى الخمسين السابقة، وقام بتوسيع قن الدجاج ليتسع للعدد الجديد.
عندما نجح فادي في الصف التاسع، ذهب مع والدته إلى مكتب لبيع السيارات المستعملة، واشترى لها سيارة صغيرة، وذهبا إلى مدرسة تعليم قيادة السيارات، وتعلمت أم فادي قيادة السيارة خلال نصف شهر.
وعندما نجح في البكالوريا حصل على ترخيص لفتح بئر ماء في أرضه وحوّلها من بعل إلى أرض مروية بالتنقيط وزرعها بكل أنواع الخضار والفواكه، وأصبح من أصحاب رأس المال، وحين سألته أمه عن الاختصاص الجامعي الذي سيدرسه قال لها: أريد أن أدرس الهندسة الزراعية.