الثورة – رفاه الدروبي:
لم تثنِ التشكيلية ألين جوفروا نصري سنوات العمر البالغة تسعة عقود ونصف العقد عن متابعة شغفها بالرسم، فكثيراً ما حملت ريشتها وألوانها والقماش الخام المثبت على إطار خشبي لتمارس شغف موهبة تغلغلت في أعماق نفسها الشفَّافة، إذ عرضت ٥٨ لوحةً فنيةً انتقتها من بين مجموعة الأعمال المُخزَّنة في منزلها، تضمَّنت الفترة الزمنية المتراوحة من خمسينيات القرن الماضي وحتى العام الحالي، علقتها على جدران صالة زوايا بدمشق.
التشكيلية نصري ذكرت أنَّ الرسم لم يستهوها منذ الصغر لكنَّ كرهها لمادة الرياضيات وجاذبية سحر الألوان جعلاها تختصُّ في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة “ألبا” في بيروت لمدة ثلاث سنوات، ثم أتبعتها بعام دراسي في إيطاليا لأنَّ كلية الفنون في اللاذقية لم تكن أُنشئت بعد.
كما أشارت إلى أنَّها كثيراً ما توجَّهت إلى أزقَّة وحارات اللاذقية العتيقة، حاملةً ما يلزمها لتمارس شغفها بالرسم، وتنقل الواقع من الأوابد التاريخية الأثرية للبيوت والقلاع وشاطئ اللاذقية والمدينة الجميلة بجبالها وسهولها، متلقيةً دعماً لا محدوداً من زوجها ووالدته، ما دفعها لإنجاز عدد كبير من اللوحات، كذلك لفتت إلى أنَّها لا تزال تحمل في قرارة نفسها اندفاعاً لمتابعة عملها وإنجاز لوحاتها.
بدوره الناقد سعد القاسم نوَّه بأنَّ المعرض يُعتبر مسيرة ذاتية للتشكيلية ألين لتقديم أعمال مختلفة عبر أعوام زمنية: تاريخية وجغرافية، لكن ما يربطها بلوحاتها تلك الحساسية العالية الظاهرة من خلال التعامل والشفافية الجميلة المثيرة مشاعر مختلطة لدى المتلقي أثناء مشاهدته نتفاً من منطقة كسب أو مرفأ اللاذقية بصورة مختلفة عن الواقع الحالي، فاللوحات انطباعية تعبيرية تستحضر الصور القديمة للأماكن قبل تخريبها وتعرُّضها للغزو العمراني لتشكِّل صورة توثيقية لها، وتجعل الجمهور يشعر بحنين ودفء الماضي.
كما أكَّد الناقد سعد على أنَّها تغوص في البيوت الحجرية الجميلة وقرميد السطوح، والخضرة الواسعة وتبدو أنَّها واحة داخل الجبال، وينسحب ذلك كله على الطبيعة الصامتة والبورتريهات لتثبت أهميتها كونها تحكي تاريخاً من وجهة نظر حساسيتها ليبقى الوقت لديها براعة وعفوية مهمة.