أضاحي العيد ” لمن استطاع إليها سبيلا ” أسعار غالية ومن الصعب أن تتحمل أسرة شراء أضحية خبيرة تنموية تقترح تنظيم التصدير
الثورة – رولا عيسى:
تبتعد اللحوم الحمراء بشكل لافت عن الموائد، حتى مع اقتراب عيد الأضحى نجد عزوفاً عن شراء اللحوم الحمراء، بسبب ارتفاع أسعارها وضعف القدرة الشرائية.
في ذات الوقت، ووسط هذا الإقبال الضعيف على الشراء نجد عزوفاً عن البيع من المربين بهدف تحقيق مزيد من الأرباح استغلالاً للمناسبة.
قبيل عيد الأضحى المبارك، “الثورة” رصدت الأسواق وتابعت أسعار اللحوم الحمراء في أحياء متفرقة من دمشق.
تباين وارتفاع الأسعار
وسجل سعر كيلو لحم العجل بين 75 و130 ألف ليرة، ولحم الغنم بين 175 -250 ألفاً، أما في منطقة الشيخ سعد فبلغ سعر كيلو لحم العجل 124 ألف ليرة، فيما وصل سعر كيلو الدهن إلى 90 ألفاً، مع ملاحظة وجود فارق وتباين بين محل وآخر وكذلك بين المناطق والأحياء.
خلال جولة سريعة في أسواق الشيخ سعد، وباب سريجة ظهر جلياً فارق الأسعار والنوعية بين محال بيع اللحوم، بينما لوحظ تقلص بسيط لبيع اللحوم المجمدة على البسطات، لكن الظاهرة مازالت موجودة وسط غياب لدور الجهات الرقابية.
يقول زيدان ميداني: تراجعت كميات مشترياتنا من اللحوم الحمراء، حتى على صعيد الأضاحي من الصعب أن تتحمل أسرة واحدة شراء أضحية العيد، وعليه نلجأ مع عدد من الأسر إلى الشراء استعداداً لعيد الأضحى.
أما بسمة سرور أم لثلاثة أبناء تقول: لم يعد بمقدورنا شراء اللحوم مع اقتراب العيد فكيلو اللحم يعادل نصف أو ثلاثة أرباع الراتب الشهري، وغالباً ما نضطر للشراء بالأوقية أو العدول عن اللحوم الحمراء والاتجاه إلى شراء الفروج أو أجزاء منه، خاصة أن دخلنا ضعيف ونتكل على راتب واحد.
أم محمود السبعينية، تتأمل أن تعود أيام عيد الأضحى وطقوسه الماضية مع انفراج البلاد وأن تستطيع شراء ما يلزم أسرتها سواء اللحوم أو غيرها، وغالباً ما تبتعد مائدة العيد عن المأكولات المعتادة كالكبة والمناسف وغيرها، واستبدالها بمائدة خالية من الدسم.
غش بمواصفات وجمع اللحوم
أمين سر جمعية حماية المستهلك والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة قال لـ”الثورة”: إن الجمعية تتابع موضوع اللحوم بشكل يومي، وتتطلع على نشرات الأسعار، وتسجل ارتفاعاً في أسعارها فلا يوجد أي انخفاض، على الرغم من أن الإقبال ضعيف جداً على شراء اللحوم.
ويشير إلى أن ارتفاع أسعار اللحوم يعود لعدة أسباب منها اقتراب عيد الأضحى، ويكثر الطلب، كم أن المربين يمتنعون عن البيع بهدف تحقيق أسعار جيدة، ناهيك عن أن موسم الجفاف أثر على المراعي الطبيعية وتوفير الأعلاف، مما جعل تكاليف تربية المواشي كبيرة، بسبب غلاء الأعلاف.
الخبير حبزة تطرق إلى موضوع التصدير وأثره أيضاً على أسعار اللحوم بسبب قلة العرض، منوهاً بأنه أثر بشكل واضح على أسعار اللحوم محلياً، وتزامن التصدير مع تهريب كميات من لحم العواس، وعملت الجمعية على رفع كتاب إلى الحكومة بهذا الخصوص لاتخاذ ما يلزم بشأن تهريب اللحوم الحمراء، فحتى الآن لم تضبط الحدود في موضوع التهريب.
ولفت إلى أن التصدير تضمن اقتراح تصدير 100,000 رأس من الخراف ضمن مواصفات معينة، وهي أن تكون من الذكور حصراً، وألا يقل الوزن عن 40 كيلوغراماً.
وحول صالات السورية للتجارة، أوضح أنه لم يعد هنالك صالات تابعة للسورية للتجارة تبيع اللحوم، وإنما هنالك نقاط بيع ومراكز خاصة بالقرب من هذه الصالات تبيع بأسعار مماثلة لأسعار السورية للتجارة سابقا، مشيراً إلى أن معظم أنواع اللحوم المتوفرة حالياً في الأسواق بدمشق هي لحم العجل، الجدي، المعزة.
أمين سر جمعية حماية المستهلك حذر من عدة أمور تتعلق بخلط اللحوم من نوع البقر مع العواس، والسبب يعود إلى السماح ببيع أكثر من نوع في محال اللحوم، وهذا خطأ.
وينوه بأنه لا يوجد قرار حكومي بالسماح باستيراد اللحم المجمد او الفروج والسمك المجمد، لكن نراها متوفرة في الأسواق عن طريق التهريب، وهنا نحذر لأن هذه اللحوم غير معروفة المنشأ، ولا يوجد بطاقة عرض عليها، ونراها على البسطات معرضة للتلوث. كما أن البائعين ليس لديهم شهادة صحية، والكهرباء غير متوفرة وهذا يعني ذوبانها، ومن ناحية أخرى هي لحوم مجمدة وليست مبردة، فالأخيرة مدتها شهر واحد، بينما المجمدة مفتوحة المدة، ويضطر لشرائها أصحاب الدخول المحدودة نظراً لضعف القدرة الشرائية لديهم، وعليه لابد من رقابة أكثر صرامة على هذه اللحوم مع حلول فصل الصيف.
منافسة مع المستهلك المحلي
عن التصدير وأثره تقول الدكتورة والخبيرة الزراعية والتنموية الدكتورة زبيدة القبلان: في سوريا، يلعب تصدير الأغنام دوراً مهماً في تحديد أسعارها محلياً، خاصة مع اقتراب عيد الأضحى الذي يشهد ذروة الطلب على الأضاحي.
وتقدم تحليلاً لتأثير التصدير على الأسعار والعوامل المرتبطة به، وتعزوها محلياً لزيادة الطلب الخارجي، فعندما يتم تصدير كميات كبيرة من الأغنام (خاصة إلى دول الخليج أو العراق)، ينخفض المعروض المحلي، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في السوق السوري.
أيضاً المنافسة مع المستهلك المحلي، فمع اقتراب العيد، يزداد الطلب الداخلي، وإذا استمر التصدير بنفس الوتيرة، قد تصل الأسعار إلى مستويات غير متاحة للكثير من الأسر محدودة الدخل.
وعن العوامل المؤثرة على التصدير والأسعار تحددها الخبيرة التنموية بالسياسات الحكومية، فقد تفرض الحكومة قيوداً على التصدير لضمان استقرار الأسعار المحلية (مثل فرض رسوم تصدير عالية أو حظر مؤقت).
إضافة لتكاليف الإنتاج، وارتفاع أسعار الأعلاف والأدوية البيطرية يزيد من تكلفة تربية الأغنام، مما ينعكس على أسعار البيع سواء للمستهلك المحلي أو للتصدير، كذلك الأوضاع الاقتصادية العامة، وانخفاض قيمة الليرة السورية، وارتفاع التضخم يجعل التصدير أكثر ربحًا للمربين مقارنة بالبيع المحلي، وفقاً للدكتورة القبلان.
عن تأثير العيد على الأسعار ترى الخبيرة التنموية أنها موجة ارتفاع موسمية، عادةً ما ترتفع أسعار الأغنام قبل العيد بأشهر، وتصل إلى ذروتها في الأسبوع الأخير قبل العيد، بسبب نقص المعروض إذا تم تصدير جزء كبير من الثروة الحيوانية، قد يعاني السوق المحلي من نقص حاد، مما يزيد من حدة الارتفاع.
وتتصور الدكتورة القبلان بأن يكون هنالك ردود الفعل المحتملة بتدخل الحكومة، وقد تتدخل لتنظيم التصدير أو توفير بدائل (مثل استيراد أغنام أو منح دعم للمواطنين)، وتوجه المستهلكين للبدائل، فبعض الأسر قد تلجأ إلى الشراء الجماعي أو اختيار أغنام أصغر حجماً أو حتى اللحوم المجمدة كبديل. وتقترح على الحكومة تنظيم التصدير، أي فرض ضوابط لضمان توازن بين حاجة السوق المحلي والتصدير.