أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي
تشهد العلاقات السورية الأردنية تطوراً متسارعاً، عقب توقيع مذكرة تفاهم رسمية لتأسيس “مجلس التنسيق الأعلى” بين الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية، خلال لقاء رسمي عقد في دمشق في 17 نيسان 2025، جمع وزير الخارجية السوري أسعد حسن الشيباني ونظيره الأردني أيمن الصفدي.
ويأتي هذا المجلس كمظلة استراتيجية لتطوير التعاون بين البلدين، بما يعزز قدرتهما على اتخاذ قرارات مشتركة وسريعة في ملفات محورية، بعيداً عن الاكتفاء بالاجتماعات الوزارية أو التنسيق الدبلوماسي التقليدي، ويفتح آفاقاً جديدة نحو شراكات فعالة في قطاعات حيوية مثل التجارة، والمياه، والنقل، والطاقة، الأمر الذي يمهّد لبناء مرحلة اقتصادية جديدة أكثر استقراراً واستدامة.
في هذا السياق، يزور سوريا وفد اقتصادي أردني رفيع يضم رؤساء غرف تجارية وممثلين عن قطاعات خدمية وصناعية، حيث أجرى سلسلة لقاءات مع مسؤولين حكوميين، ورجال أعمال، وغرف تجارية سورية، في خطوة تعكس التوجه نحو تفعيل التعاون الاقتصادي المشترك وتعزيز استقرار المنطقة عبر أدوات التنمية والاستثمار.
وقد شهدت العاصمة دمشق انطلاقة فعلية لهذه المرحلة الجديدة، من خلال اللقاء المشترك الذي عقده اتحاد غرف التجارة السورية وغرفة تجارة الأردن في فندق “البوابات السبع”، والذي خلص إلى اتفاق على إعداد خريطة طريق متكاملة للتعاون المستقبلي، تشمل مجالات الاستثمار، والتبادل التجاري، والصناعة، والزراعة، والنقل، والمصارف، والصناعات الغذائية.
واتفق الجانبان على تأسيس “مجلس أعمال سوري أردني”، وتشكيل لجان قطاعية لمواجهة معوقات العمل الاقتصادي ووضع حلول عملية، إلى جانب إطلاق عملية توءمة بين الغرف التجارية في البلدين، وإنشاء مكتب تنسيقي لتفعيل آليات المتابعة، كما تقرر تسهيل دخول التجار والصناعيين السوريين إلى الأردن بإجراءات مبسطة، وتنظيم منتدى اقتصادي مشترك ومعرض صناعي في دمشق، بإشراف غرفة تجارة الأردن.
كما التقى نائب وزير الاقتصاد والصناعة، المهندس باسل عبد الحنان، برئيس غرفة تجارة الأردن خليل الحاج توفيق، حيث تم بحث سبل تعزيز التعاون في المجالات الصناعية والتجارية، وتحفيز الاستثمارات الثنائية، مع التأكيد على ضرورة الانتقال نحو اقتصاد حر قادر على الاندماج في الأسواق الدولية، وتحقيق بيئة أعمال أكثر كفاءة وانفتاحاً.
من جهته، أكد الحاج توفيق استعداد الغرف التجارية الأردنية للمشاركة في إعادة إعمار سوريا، خصوصاً في قطاعات البناء وتكنولوجيا المعلومات والتعليم، مشدداً على أهمية الشراكة الاقتصادية في تحقيق استقرار ونمو مشترك يخدم شعبي البلدين.
وفي السياق ذاته، عقد وزير النقل السوري الدكتور يعرب بدر لقاءً في دمشق مع وفد صناعي أردني برئاسة المهندس فتحي الجغبير، رئيس غرفتي صناعة الأردن وعمان، حيث ناقش الطرفان سبل تطوير التعاون في قطاع النقل، وتسهيل مرور الصادرات الأردنية عبر الأراضي السورية.
وأكد الوزير بدر أن سوريا ملتزمة بتسهيل حركة الشحن والترانزيت وتعزيز البنية التحتية في المعابر الحدودية، لما لذلك من أثر مباشر على دعم التكامل الاقتصادي الإقليمي، فيما أشار الجغبير إلى أن تطوير النقل البري والسككي بين البلدين يسهم في خفض تكلفة الإنتاج وتعزيز تنافسية الصناعات الأردنية.
وتأتي هذه التحركات المشتركة في ظل رغبة متبادلة بإعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية على أسس متينة، تتماشى مع المتغيرات الإقليمية، وتؤسس لمرحلة تعاون أكثر تنظيماً وشمولاً، ترتكز على المصلحة المتبادلة والانفتاح على فرص المستقبل.