أحمد نور الرسلان – كاتب صحفي:
يتوجّه السيد الرئيس أحمد الشرع، غداً الأحد، في زيارة رسمية إلى دولة الكويت على رأس وفد حكومي رفيع، بحسب ما أعلنته صحيفة “الأنباء” الكويتية الرسمية، حيث من المقرر أن يلتقي صاحب السمو الأمير مشعل الأحمد الجابر الصباح لبحث آفاق التعاون الثنائي في المرحلة المقبلة.
لطالما اتّسم موقف الكويت تجاه الشعب السوري بوضوح أخلاقي وسياسي، حيث كانت من أوائل الدول التي دعمت الثورة السورية منذ انطلاقتها في آذار 2011، وعبّرت عن تضامنها مع مطالب السوريين في الحرية والعدالة، من خلال مواقف رسمية حاسمة، أبرزها قطع العلاقات الدبلوماسية مع نظام بشار الأسد عام 2012 وإغلاق السفارة في دمشق، وذلك على خلفية الجرائم المرتكبة بحق المدنيين.
ورغم عودة بعض الدول العربية لاحقاً إلى سياسة التطبيع مع النظام السابق، تمسكت الكويت بموقفها الداعم لتطلعات الشعب السوري، مشترطة أي عودة للعلاقات الرسمية بوجود حل سياسي شامل وفق المرجعيات الدولية وقرارات مجلس الأمن.
في أعقاب سقوط نظام بشار الأسد، جدّدت القيادة الكويتية مواقفها الثابتة تجاه سوريا، حيث بعث سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح برقية تهنئة إلى الرئيس أحمد الشرع بمناسبة توليه منصب رئاسة الجمهورية، معرباً عن تمنياته الصادقة بنجاحه في قيادة البلاد نحو الأمن والاستقرار.
من جانبه، استقبل الرئيس أحمد الشرع في قصر الشعب بدمشق وفداً من رجال الأعمال الكويتيين برئاسة بدر ناصر الخرافي، حيث جرى استعراض فرص التعاون والاستثمار في قطاعات الاتصالات والبنية التحتية، بما يعكس رغبة مشتركة في تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين خلال المرحلة المقبلة.
وفي كلمة ألقاها خلال القمة الثانية لمجلس التعاون الخليجي مع رابطة آسيان في العاصمة الماليزية كوالالمبور، عبّر ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح عن ترحيب بلاده بالتطورات الإيجابية في سوريا، مؤكداً دعم دول الخليج لكل المبادرات التي تعزز السيادة السورية وتدعم الأمن والاستقرار الإقليمي.
كما رحّبت وزارة الخارجية الكويتية بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب رفع العقوبات عن سوريا، مشيدة بالجهود السعودية في هذا المسار، ومعتبرة الخطوة تمهيداً لعودة سوريا إلى طريق التعافي والتنمية. وجددت الخارجية الكويتية التزامها الكامل بدعم الحكومة السورية الجديدة، وتطلعها إلى تعزيز التعاون الثنائي في شتى المجالات.
على الصعيد الإنساني، برزت الكويت كلاعب رئيسي في دعم السوريين داخل البلاد وخارجها، إذ نظمت بين عامي 2013 و2015 ثلاث مؤتمرات دولية للمانحين تحت رعاية الأمم المتحدة، جمعت خلالها مليارات الدولارات لصالح اللاجئين والنازحين السوريين.
وقدّمت الكويت مساعدات ضخمة للسوريين في لبنان والأردن وتركيا، كما موّلت مشاريع تعليمية وصحية وإغاثية داخل المناطق المحررة. وشاركت مؤسسات كويتية بارزة، مثل “الرحمة العالمية” و”الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية”، في تنفيذ برامج ميدانية متخصصة لدعم الأيتام، وبناء المدارس، وتقديم الرعاية الصحية، ما جعل الكويت تحظى بإشادة واسعة من قبل المنظمات الدولية.
وقد أكدت الحكومة الكويتية مراراً أن دعم الشعب السوري يمثل “واجباً إنسانياً وأخلاقياً”، معتبرة أن القضية السورية تحتل موقعاً متقدماً ضمن أولويات سياستها الإغاثية والتنموية.
ولم يقتصر الدعم الكويتي لسوريا على الجانب السياسي والإنساني فحسب، بل شكّل أيضاً مثالاً في التوازن والمبدئية، وعبّر عن التزام راسخ بقيم العدالة والحرية وحقوق الشعوب في تقرير مصيرها. ويُتوقع أن تشكّل زيارة الرئيس أحمد الشرع إلى الكويت محطة مهمة في تعزيز هذا المسار، وإرساء أسس تعاون إستراتيجي يعكس التحول التاريخي في سوريا بعد سقوط نظام الاستبداد.