الثورة – المهندس بسام مهدي:
تمرّ خريطة الطريق لتحقيق الشمول الرقمي والذكاء الاصطناعي في سوريا، بالمراحل التالية:
بدايةً بالتحليل والاطلاع، وتليها تحديد الفئات المستهدفة وتقسيمها، وبعدها تحديد الاحتياجات لكل فئة، وثم تحليل قدرات الذكاء الاصطناعي وحالات الاستخدام، ومن ثم وضع أهداف للشمول في الذكاء الاصطناعي، وتحديد الأولويات الوطنية، ودراسة الإمكانيات والتحديات، وأيضاً وضع خطط تنفيذية مخصصة لكل شريحة، وتنفيذ هياكل الحوكمة المطلوبة، وأخيراً لا بدّ من الأدوات اللازمة من أجل التمكين والدعم.
وفي هذا السياق التقت صحيفة الثورة نارت سطاس، مرشح دكتوراه في تحليلات الأعمال والذكاء الاصطناعي، والخبير الاستراتيجي، والقائد التنفيذي في قيادة التطوير المؤسسي والاستشارات الاستراتيجية، والتحول الرقمي المدعوم بالذكاء الاصطناعي لدعم كل من القطاعين العام والخاص، يملك مؤهلات أكاديمية ومهنية من مؤسسات أميركية مرموقة، والقدرة على تحقيق الأهداف التنموية للمؤسسات، وقيادة المشاريع وتقديم الحلول الاستشارية، بما في ذلك خبرة مباشرة في سوريا والمملكة العربية السعودية.
ومؤخراً كان له دور في المؤتمر الإقليمي الأول للذكاء الاصطناعي في سوريا، والذي عُقد في دمشق الشهر الماضي، وذلك من خلال كونه أحد الأعضاء في جلسة من جلسات المؤتمر، والتي كانت بعنوان “التحديات والفرص في مجال الذكاء الاصطناعي في سوريا”، وكانت مداخلته في هذه الجلسة عن “الشمول الرقمي والذكاء الاصطناعي نحو مستقبل متكافئ في سوريا”.
– كيف تقيّمون واقع الشمول الرقمي في سوريا حالياً، مقارنة بالمعايير الدولية أو الإقليمية؟.
يعاني واقع الشمول الرقمي في سوريا من ثلاث فجوات رئيسة:
أولاً: فجوة النفاذ”Access Gap” فالتغطية الجغرافية لشبكات الإنترنت لا تزال محدودة، خاصة في المناطق الريفية والمناطق المتضررة، ورغم التحسن النسبي في البنية التحتية الخليوية، وجودة الاتصال وسرعته، لا تزال دون المستوى المطلوب.
ثانياً: فجوة الاستخدام “Usage Gap”، حيث ضعف القدرة الشرائية للأسر السورية يقيّد اقتناء الأجهزة الذكية والاشتراك بخدمات الإنترنت.
ثالثاً: فجوة المهارات “Skills Gap ” وهناك نقص واضح في المهارات الرقمية الأساسية، ولاسيما لدى النساء والفئات العمرية الأكبر سناً، وهو ما يحدّ من الاستخدام الفعّال للخدمات الرقمية، ويعوق تبني أدوات الذكاء الاصطناعي.
ولا تتوافر حالياً إحصائيات موثوقة أو محدثة عن حالة الشمول الرقمي، ما يؤكد الحاجة الملحة لإنشاء قاعدة بيانات وطنية متكاملة في هذا المجال.
– كيف يمكن أن يساهم الذكاء الاصطناعي في تسريع عملية إعادة الإعمار والتنمية المستدامة؟.
يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي بفعالية في تقليل التكلفة والوقت، من خلال:
أولاً: استخدام الرؤية الحاسوبية لتحليل صور الأقمار الصناعية، وتحديد أولويات التدخل:
ثانياً: أتمتة عمليات المسح العقاري والمجتمعي لتحديث البيانات.
ثالثاً: تطوير نماذج تنبؤية لتقدير الاحتياجات في المناطق التي تشهد عودة تدريجية للسكان.
رابعاً: تحسين كفاءة توزيع الطاقة والمياه.
خامساً: دعم التوظيف عبر تصدير الخدمات الرقمية، ما يساهم في رفد الاقتصاد بالعملة الصعبة.
– هل توجد بيانات وطنية دقيقة حول البنية التحتية الرقمية، وكيف يمكن تحسين جودة هذه البيانات؟.
إن البيانات المتوافرة حالياً مجزأة وغيردورية، وغالباً ما تصدرعن مزودي الخدمة أودراسات منفصلة، ولتحسين الجودة، نقترح:
أولاً: إنشاء مرصد وطني رقمي لجمع وتحليل البيانات من مصادر متعددة.
ثانياً: تطوير قاعدة بيانات جغرافية GIS مرتبطة بالبنية التحتية الرقمية.
ثالثاً: إصدار تقارير نصف سنوية موجّهة لصانعي القرار في الجهات التشريعية والتنفيذية.
– ما أبرز تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي ترون أنها قابلة للتطبيق في القطاع الصحي السوري ضمن الإمكانات المتاحة؟.
بعض التطبيقات القابلة للتنفيذ ضمن الإمكانات المحدودة تشمل:
أولاً: تشخيص الصور الطبية باستخدام خوارزميات التعلم العميق.
ثانياً: التنبؤ بأنماط انتشار الأمراض.
ثالثاً: تحسين إدارة الموارد الطبية في المستشفيات من خلال أدوات الجدولة الذكية، وكلها حلول يمكن أن ترفع كفاءة القطاع الصحي، من دون الحاجة لاستثمارات ضخمة، لكن لا شكّ أن التطبيق الناجح للذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي، سيتطلب جمع وإدارة البيانات بشكل حديث ومناسب من جهة، ومن جهة أخرى يراعي خصوصية الأشخاص.
– كيف يمكن للأدوات الذكية أن تساهم في تطوير قطاع التعليم، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها؟.
من أجل أن نساهم في تطوير قطاع التعليم في سوريا، من خلال أدوات ذكية مثل أنظمة التعليم التكيفي: ويتم ضبط المحتوى بناءً على مستوى المتعلم، ومنصات تعليم بلا إنترنت، تتيح الوصول لمواد تعليمية مخزنة محلياً، ومنصات التعليم عن بعد، تمكن المدرس من إعطاء الدروس ولو كان غير متواجد في المكان نفسه مع الطلاب، ووجود أدوات الذكاء الاصطناعي تثري تجربة كل من الطالب والمدرس وترفع من كفاءة وجودة التعليم لهذه المنصات، والواقع الافتراضي VR يوفر بيئات تدريب مهنية بديلة في مجالات مثل التمريض أو الكهرباء، حتى في غياب مختبرات حقيقية.
– هل لديكم أمثلة من دول مشابهة لسوريا طبّقت الذكاء الاصطناعي بطرق مؤثرة في قطاعات خدمية؟ وما الذي يمكن أن نستفيده من تجاربهم؟
أولاً: تجربة رواندا من خلال الطائرات المسيّرة للخدمات الصحية، وكانت الشراكة مع شركة “Zipline” لتوصيل الإمدادات الطبية إلى المناطق النائية، وكان الأثر من ذلك، تقليص وقت التسليم وخفض وفيات الولادة، وأما الدروس المستفادة من ذلك، ويمكن للذكاء الاصطناعي والطائرات المسيّرة إحداث تغيير جذري من دون الحاجة لبنية تحتية تقليدية باهظة.
ثانياً: تجربة أوزبكستان من خلال التعليم الذكي في القرى، واعتماد منصات تعليمية ذكية بأجهزة منخفضة التكلفة، وكان الأثر من ذلك تحسين نسب الحضور والقراءة الأساسية، بدعم من اليونيسيف والبنك الدولي، وأما الدروس المستفادة من ذلك، فهي التوظيف الذكي للموارد، حيث يمكن أن يعوض عن ضعف البنية التحتية عند وجود رؤية واضحة وشركاء مناسبين.
– كيف يمكن تصميم منصات تدريب رقمية تكون فعالة وقابلة للوصول حتى في المناطق المحرومة من الإنترنت السريع؟
أولاً: اعتماد تقنيات “Progressive Web Apps” للعمل من دون اتصال دائم.
ثانياً: تقديم المحتوى بصيغ مرئية ومسموعة لتقليل الحاجة إلى القراءة المستمرة.
ثالثاً: استخدام آليات تقييم مرنة تُرسل نتائجها تلقائياً عند الاتصال بالإنترنت.
رابعاً: إمكانية توفير المحتوى عبر وسائط محلية مثل “USB” أو الهواتف المحمولة.
– ما هي المهارات الرقمية الأساسية التي يجب أن يمتلكها الشباب السوري اليوم ليكونوا جزءاً من الاقتصاد الرقمي القادم؟
مهارة الوعي بالذكاء الاصطناعي والأمن الرقمي، ومهارة التفكير التحليلي والقدرة على حل المشكلات، ومهارات إتقان أدوات تحليل البيانات (Excel، Python،Power BI)، وأيضاً العمل باستخدام أدوات التعاون الرقمي مثل (Google Workspace، Trello،Slack)، ومهارة استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي مثل (ChatGPT، Copilot،Vertex AI)، ومهارات الحوسبة السحابية وفهم البنى الرقمية.