الثورة – نور جوخدار
لم تعد سوريا مصنفة كدولة “راعية للإرهاب” لدى وزارة الخارجية الأميركية، كما كانت منذ عام 1979، وهو التصنيف الذي ترتب عليه فرض قيود صارمة على المساعدات الأميركية وحظر مبيعات الأسلحة، وتشديد الرقابة على التعاملات البنكية مع حكومة النظام المخلوع آنذاك.
إلا أن التحول الأكبر في العقوبات الأميركية جاء بعد قمع نظام بشار الأسد للثورة السورية عام 2011، لتتوسع العقوبات مستهدفة قطاعات حيوية شملت النفط والغاز، الطيران، وعمليات تصدير السلع الأساسية والتكنولوجيا إلى سوريا.
وكان مجلس الشيوخ الأميركي أقر شطب سوريا من قائمة “الدول المارقة”، التي تضم دولاً مثل إيران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا والتي تمنع التعاون معها في مجالات حساسة، لاسيما في مجال الطاقة النووية المدنية، فماذا يعني مصطلح الدول المارقة؟.
وفقاً لتعريف المتحف الوطني للدبلوماسية الأميركية، تُعرف الدول المارقة بأنها “تلك التي تنتهك القانون الدولي وتشكل تهديداً لأمن الدول الأخرى”.
وقد برز هذا المصطلح في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، ثم تم تبنيه وتطويره في عهد جورج دبليو بوش، وجرى استخدامه لوصف الدول العدوانية التي تهدد الولايات المتحدة وتعادي مصالحها أو متورطة في دعم الإرهاب أو تسعى لامتلاك أسلحة دمار شامل أو تنتهك حقوق الإنسان، حيث كانت كوريا الشمالية، كوبا، إيران، العراق، وليبيا أولى الدول المصنفة بذلك، ووفقاً لموقع “ورلد إنفو”.
ورغم أن التصنيف لا يحمل طابعاً قانونياً معتمداً لدى الأمم المتحدة أو المجتمع الدولي، إلا أنه يُعد توصيفاً سياسياً تستخدمه الولايات المتحدة متى شاءت، ويمكنها رفعه عن أي دولة في الوقت الذي تراه مناسباً.
في عام 2019، نشرت كلية الحقوق بجامعة “كيس ويسترن ريزيرف” الأمريكية مقالًا عن استخدام القوة ضد “الدول المارقة”، أشارت فيه إلى تصريح شهير للرئيس جورج بوش، وصف فيه هذه الدول بأنها تشكل “محور شر يتسلح لتهديد السلام العالمي.. وبسعيها إلى أسلحة الدمار الشامل، تُشكل هذه الأنظمة خطراً جسيماً ومتزايداً.. بإمكانها تزويد الإرهابيين بهذه الأسلحة، وبإمكانها مهاجمة حلفائنا أو محاولة ابتزاز الولايات المتحدة.. في أيٍ من هذه الحالات، سيكون ثمن اللامبالاة كارثياً”، وفقاً لما نشره موقع بي بي سي.
كما تحدث المقال عن القاسم المشترك بين الدول المارقة، بحسب مستشار الأمن القومي آنذاك، أنتوني ليك، قوله: “تنخرط هذه الدول في برامج عسكرية طموحة ومكلفة، لاسيما في مجال أسلحة الدمار الشامل وأنظمة إطلاق الصواريخ، في سعي مضلل لإيجاد حل لحماية أنظمتها أو تعزيز أهدافها في الخارج”.
اليوم، يبدو أن الولايات المتحدة تعيد رسم خطوط سياستها تجاه سوريا، إذ أعاد البيت الأبيض عبر منصة (إكس) نشر رسالة شكر سورية موجهة للرئيس دونالد ترامب، معبّرة عن الامتنان “لبرنامجه الريادي والانفتاح غير المسبوق على سوريا وشعبها الحر”.
وقالت الرسالة: “نعد الرئيس ترامب وإدارته بأن نستمر في تمكين العلاقات التاريخية والاستراتيجية بين الشعبين والقيادتين، السورية والأميركية، والتعاون بالشفافية والمصداقية والمهنية المطلوبة لاستثمار هذه الفرصة الذهبية النادرة التي التقى فيها انتصار ثورة السوريين مع دعم أكبر وأقوى دولة في العالم”.
من جهته، أعلن مكتب شؤون المنظمات الدولية بوزارة الخارجية الأميركية في منشور على منصة إكس أن العلاقات مع سوريا تدخل “مرحلة جديدة”، مؤكداً استمرار العمل لضمان التعامل الآمن مع ما تبقى من برنامج الأسلحة الكيميائية الذي خلفه نظام الأسد، في إطار توجه أمريكي لطي صفحة ذلك الملف نهائياً.
ويعتبر الهدف الأساسي للإدارة الأميركية من إزالة سوريا من قائمة الدول الراعية للإرهاب هو تمكين الحكومة الحالية في دمشق.
