الثورة – رزق العبي:
في إطار جهودها الحثيثة لتعزيز الشفافية وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية في رسم ملامح النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب، عقدت اللجنة العليا للانتخابات اجتماعاً موسّعاً، ضمّ نخبة من ممثلي الفعاليات الاجتماعية والاقتصادية والدينية والأكاديمية في محافظة دمشق، وذلك في دار الأوبرا بدمشق.
وافتتحت الجلسة بتعريف الحضور على أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، تلا ذلك عرض تفصيلي لرؤية اللجنة وأهدافها، مع توضيح أسباب اختيار عدد من الخيارات الخاصة بالنظام الانتخابي المؤقت وطبيعة دور اللجنة واللجان الفرعية.
وأكدت اللجنة أنه لن يترشح أي عضو من اللجنة أو اللجان الفرعية، ولن يسمح بترشح أشخاص من الجيش أو الأمن، وأن الترشح والانتخاب سيكون على مستوى 65 منطقة في سوريا.
كما أوضحت أن تشكيل الهيئات الانتخابية لكل منطقة سيتم بالتوافق بين اللجنة والسلطات المحلية والشخصيات ذات النزاهة في المجتمع المحلي، مع منح فرصة تقديم الاعتراضات التي ستبت بها لجنة قانونية متخصصة، وأشارت إلى أنه يسمح لمزدوجي الجنسية بالترشح بشرط الإقامة داخل سوريا.
واستعرضت اللجنة خلال اللقاء رؤيتها الأولية لمضامين النظام الانتخابي المؤقت، متضمناً آليات وإجراءات دقيقة تهدف إلى ضمان نزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها، فضلاً عن خلق أجواء تشاركية حقيقية تسمح للمواطنين بالتعبير عن آرائهم ومقترحاتهم حيال النظام الجديد.
وشهد اللقاء نقاشات معمقة ركزت على أهمية تمثيل كل شرائح المجتمع بشكل عادل وشامل، مع التأكيد على الدور الحيوي للمجتمع المدني في إنجاح الاستحقاق الانتخابي المقبل.
كما ناقش الحضور آليات تعزيز الثقة بين الناخب والمرشح، وسبل ضمان وصول صوت المواطن بشكل فعلي إلى مراكز صنع القرار، الأمر الذي يُعد حجر الزاوية في أي نظام ديمقراطي نزيه.
وفي ختام الاجتماع، أكدت اللجنة حرصها على استقبال جميع الملاحظات والآراء المقدمة من الحضور، والاستعداد لدراستها بعناية بغية إدراجها في النسخة النهائية للنظام الانتخابي، بهدف تحقيق أعلى مستويات الشفافية والمشاركة الوطنية الواسعة.
“الدولة والشعب كتف إلى كتف لتحقيق مستقبل مشرق”
وعبر رجل الأعمال وائل الخالدي، الذي حضر اللقاء باعتباره أحد رجال الأعمال من أبناء دمشق، عن دعم قطاع الأعمال لهذه المبادرة التي وصفها بالمهمة في تعزيز جسور الثقة بين الحكومة والمجتمع، مشدداً على ضرورة أن تكون العلاقة بين الدولة والشعب في هذه المرحلة على درجة عالية من التناغم والتكاتف.
وقال الخالدي في حديث خاص لـ الثورة: “اليوم أكثر من أي وقت مضى، يتعين علينا جميعاً أن نكون يداً واحدة من أجل بناء وطن قوي قادر على تجاوز التحديات.
إن المرحلة الراهنة تتطلب مشاركة حقيقية ومسؤولة من الشعب في كل خطوة تُتخذ، لا سيما في تحديد آليات الانتخابات التي هي من أهم وسائل التعبير عن الإرادة الشعبية.
الوحدة والتكامل بين مؤسسات الدولة وجميع فئات المجتمع، خاصة الشباب والقطاعات الاقتصادية، هي ركيزة لا غنى عنها لضمان الاستقرار والتقدم، علينا أن نعمل جنباً إلى جنب لنرسم معاً مستقبلاً زاهراً لسوريا، تقوم على مبادئ العدالة، الشفافية، والكرامة الوطنية.”
أهمية الشفافية والمشاركة لتعزيز الشرعية الوطنية
من جانبه، أكد الدكتور سامر الحسن، أحد الحضور، أن تعزيز الشفافية وتوسيع المشاركة الشعبية في العملية الانتخابية أمر بالغ الأهمية لتعزيز الشرعية الوطنية وخلق بيئة سياسية صحية، وقال الحسن: “إن إشراك مختلف فئات المجتمع في صياغة النظام الانتخابي المؤقت يعكس رغبة حقيقية في الإصلاح والتغيير البناء.
إن وجود آليات واضحة وشفافة للانتخابات يعزز من ثقة المواطن بالدولة وبمؤسساتها، ويقلل من الشعور بالإحباط والاغتراب السياسي.
المرحلة القادمة تتطلب حرصاً جماعياً على توحيد الصف الوطني وتعزيز حس المواطنة الفاعلة، لأن نجاح أي نظام انتخابي يعتمد على مشاركة المواطنين وإيمانهم بنزاهته.
نحن بحاجة إلى شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع لضمان استقرار سياسي واقتصادي ينعكس إيجابياً على حياة الناس ومستقبل الأجيال”.
كذلك شارك الإعلامي والسياسي أيمن عبد النور في الجلسة الحوارية التي نظمتها اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب بالتعاون مع محافظة دمشق، والتي شهدت حضوراً واسعاً تجاوز 700 شخصية من مختلف شرائح المجتمع، بما في ذلك الشيوخ والأئمة، ورجال الدين المسيحي من مختلف الطوائف، وغرف التجارة والصناعة، وقيادات الأحياء، والمجتمع الأهلي، بالإضافة إلى الكتّاب والإعلاميين والسياسيين من مختلف الأحزاب، ورجال الأعمال، والأطباء، والمهنيين، وعدد من المغتربين.
وفي مداخلته، قال عبد النور: إنه ينظر إلى هذه التجربة الانتخابية الحالية من منظوريْن: أولاً، كمن يحب وطنه، يرى أن هذه التجربة أفضل بكثير من الفترات السابقة، خاصة مقارنة بالستينيات التي شهدت غياب البرلمان والمجلس التشريعي، وبدايات حكم الرئيس السابق حافظ الأسد عام 1973، حيث كان مجلس الشعب كله بالتعيين.
ثانياً، كناقد، يشير إلى وجود نقاط يمكن تطويرها وإضافتها، لكنه يشيد بانفتاح اللجنة على استقبال الآراء والتعديلات بما يتوافق مع الظروف الراهنة.
وشدد عبد النور على ضرورة أن يساهم الجميع في تقديم أفكار قابلة للتنفيذ، معتبراً أن القوانين السابقة شابها تحيّز لصالح شركات أو أفراد، وتمت صياغتها خارج مجالس الشعب السابقة، ما يخلق معضلة أمام المسؤولين الحاليين في تطبيقها.
لذلك، شدد على أهمية الإسراع في تشكيل مجلس الشعب الجديد لإجراء التعديلات القانونية اللازمة في أسرع وقت ممكن.
وختم عبد النور بتأكيد انتمائه للأغلبية السياسية التي تجمعها العادات والتقاليد وحب الوطن، معتمداً الفكر السياسي الذي يخدم بناء الوطن وتطويره، داعياً إلى العمل المشترك بين جميع القوى الوطنية لتحقيق هذا الهدف.