الثورة _ ميساء العلي
قال الخبير الاقتصادي والمصرفي إبراهيم نافع قوشجي إن زيادة الرواتب والأجور تُعد أداةً محورية لتحفيز النشاط الاقتصادي في سوريا، ولا سيما في ظل التدهور الحاد في متوسط الدخل الحقيقي للمواطنين، وما نجم عنه من انكماش واضح في الطلب الكلي.
توفر السيولة
وأضاف قوشجي في تصريح خاص للثورة: إن تحسين القدرة الشرائية عبر مرسوم الزيادة يمثّل رافعة ضرورية لتحريك السوق الداخلية وتنشيط الدورة الاقتصادية من خلال تعزيز الطلب على السلع والخدمات غير أنّ فاعلية هذا الإجراء مرهونة بعدة شروط بنيوية، في مقدمتها توفّر السيولة الكافية ضمن الجهاز المصرفي، وقدرة الجهات العامة والخاصة على دفع الرواتب بانتظام ذلك أن تأخر أو تعثر السداد يُفقد هذا التدبير زخمه الاقتصادي، ويبقي أثره محصوراً في الإطار النظري.
وتابع الخبير الاقتصادي كلامه بالقول: يأتي هذا في سياق تراجع تاريخي في الأداء الاقتصادي؛ إذ انخفض الناتج المحلي الإجمالي من نحو 70 مليار دولار عام 2010 إلى أقل من 5 مليارات دولار عام 2024، ما يعكس انكماشاً هيكلياً يستدعي تدخلاً متزامناً على جانبي الطلب والعرض. فرفع مستوى الأجور يعزّز القدرة على الاستهلاك، لكنه لا يكتمل دون إصلاح بيئة الإنتاج وتسهيل عودة النشاط الصناعي والزراعي والخدمي.
وبحسب قوشجي فإن استدامة أثر الزيادة في الأجور تستوجب حزمة سياسات اقتصادية متكاملة، أبرزها ضبط الأسعار ومراقبة الأسواق للحد من التضخم وضمان احتفاظ الأجور بقيمتها الحقيقية مع تحفيز الإنتاج المحلي من خلال حوافز ضريبية وتمويلية تستهدف القطاعات ذات الأولوية إضافة إلى إصلاح بيئة الأعمال لتقليل كلفة التشغيل وتسريع دوران رأس المال المحلي ناهيك عن دعم القدرة التشغيلية للمصارف لتعزيز تدفق السيولة نحو الأنشطة المنتجة لا المضاربة.
وختم كلامه بالقول إن رفع الأجور ليس إجراءً معزولاً، بل جزء من مدخل إصلاحي أوسع يتطلب تضافر السياسات النقدية والمالية والإنتاجية. وإذا ما تحقق هذا التناغم، فقد تمثّل الزيادة خطوة أولى في مسار طويل نحو استعادة الثقة وتحقيق تعافٍ تدريجي ومستدام للاقتصاد السوري.