خطوة للأمام أم تراجع في الخدمات؟  السورية للمحروقات تلغي نظام “الدور الإلكتروني” للغاز  

الثورة – لينا شلهوب:   

عبر خطوة مفاجئة، وربما متوقعة، أعلنت الشركة السورية للمحروقات إلغاء العمل بنظام “الدور الإلكتروني” لتوزيع مادة الغاز المنزلي عبر تطبيق “وين”، وذلك اعتباراً من الخامس من تموز الحالي، وجاء هذا القرار بعد سنوات من اعتماد الآلية الإلكترونية التي هدفت إلى ضبط توزيع المادة، وتحقيق العدالة بين المواطنين في ظل نقص الإمدادات.

القرار أثار تبايناً في الآراء بين المواطنين والمسؤولين، وسط تساؤلات حول مدى فعالية النظام الإلكتروني السابق، ومدى استعداد البنية التحتية لاستيعاب العودة إلى الآليات التقليدية، أو إلى بدائل جديدة لم يُعلن عنها بعد بشكل مفصّل.

ملامح القرار

وبحسب كتاب صدر عن وزارة الطاقة، الشركة السورية لتخزين وتوزيع المواد البترولية /محروقات/ مديرية عمليات الغاز، فإن قرار الإلغاء يأتي ضمن خطة تطوير آلية توزيع المشتقات النفطية، وتحسين مستوى الخدمات المقدّمة للمواطنين، إلا أن البيان لم يوضّح بالتفصيل الآلية البديلة التي سيتم اعتمادها لتوزيع الغاز بعد إلغاء “الدور الإلكتروني”.

وتم أمس توجيه كتاب إلى مديري الفروع ورؤساء أقسام الغاز في المحافظات، يعلمهم أنه سيتم إلغاء العمل بالدوري الالكتروني، والبطاقة الذكية، وعليه سيتم الاستمرار بتزويد المعتمد بنسبه 50 بالمئة من كمية الحمولة المخصصة وفق نظام البطاقة الذكية، و50 بالمئة خارج البطاقة لتاريخ يوم السبت الموافق في 5/7/2025.

واعتباراً من تاريخ 6 تموز سيتم إلغاء العمل بالدور الالكتروني، والبطاقة الذكية، واستبداله بدور وفق إعداد دور تحميل للناقلين مع الاستئناس باستجرارات المعتمدين المرتبطين وفق عدد البطاقات المرتبطة بهم سابقاً.

التأكيد على استمرار تنزيل الكميات المستجرّة من قبل المعتمد على الجهاز (بي أو اس) مع تنزيل رقم الفاتورة من قبل نقطة المراقبة قبل خروج السيارة من المعمل، وعلى مسؤوليات القسم، أي بنفس الآلية المعتمدة السابقة، بالإضافة إلى التعميم على جميع الناقلين والمعتمدين بضرورة استمرار العمل على جهاز (بي أو اس) لديهم ليتم تخريج كامل الأسطوانات المباعة على الجهاز من خلال بطاقة الماستر.

علاوة على ذلك ومن أجل خدمة المواطن سيتم العمل على إظهار سعر الأسطوانة بالليرة السورية وبالدولار على تطبيق وين، مع إمكانية استقبال الشكاوى على المعتمدين المخالفين من خلال نفس التطبيق، فيما سيتم إظهار الكمية المتوفرة عند المعتمد.

وقال مصدر مطّلع في الوزارة: إن القرار جاء بعد مراجعة تقييم شامل لتجربة توزيع الغاز عبر البطاقة الذكية، وما شابها من صعوبات فنية واعتراضات شعبية، مضيفاً: إن الوزارة بصدد إطلاق آلية جديدة تركّز على التوزيع المباشر عبر المراكز المرخّصة بإشراف لجان محلية، مع هامش رقابي أكبر.

تم اعتماد نظام “الدور الإلكتروني” لمادة الغاز في أوائل عام 2020 عبر تطبيق “وين” وبطاقة “تكامل”، وكان الهدف المعلن منه تنظيم عملية التوزيع وتفادي الازدحام والاحتكار، مع تقنين الكميات وضمان العدالة في التوزيع.

غير أن الواقع لم يكن دائماً مثالياً، إذ اشتكى كثير من المواطنين من طول فترات الانتظار التي تجاوزت أحياناً 90 يوماً، إضافة إلى الأعطال الفنية المتكررة في التطبيق، وصعوبة الحصول على إشعارات التوزيع، ما اضطر البعض إلى اللجوء للسوق السوداء.

قلق وأمل

في جولة على بعض المواطنين في ريف دمشق، تنوعت الآراء حول قرار الإلغاء، يقول أبو ناصر، موظف: صحيح أن النظام الإلكتروني خفّف الطوابير، لكن كنا ننتظر أحياناً ما بين الشهرين والثلاثة أشهر، حتى يأتي دورنا، إلا أن إلغاء التطبيق من دون بديل واضح يمكن أن يسبب فوضى من جديد، وأن يعيدنا ذلك لأيام الواسطة والطوابير الطويلة.

في المقابل، ترى أم يزن، ربة منزل من حي كشكول، أن القرار قد يكون في مصلحة المواطنين، مشيرة إلى أنه أكتر من مرة لم تصل الرسالة التي تُنبئ بإمكانية الحصول على مخصصاتنا، والجرة الموجودة تصبح فارغة، ونبقى في حالة انتظار، وفي هذه الحالة كنت ألجأ إلى تعبئة (غاز صغير منزلي بالكيلو).

العم أبو فايز، بيّن أنه في حال تمت عملية التوزيع بشكل مباشر من خلال المراكز، وبإشراف لجان نزيهة، يمكن أن يكون اتخاذ هكذا قرار أفضل من النظام الذي كان متبعاً.

تقارير متراكمة

المهندس خالد، متقاعد، كان موظفاً في فرع الغاز بدمشق، لفت إلى أن القرار مدروس، وجاء بعد تقارير متراكمة عن وجود خلل في عدالة التوزيع الإلكتروني، موضحاً أن الوزارة على ما يبدو تعمل على وضع آلية بديلة تضمن تسليم المادة لكل مواطن ضمن فترة زمنية معقولة، ومن دون الحاجة إلى الاعتماد الكلي على تطبيقات الهواتف.

وحول ما إذا كان القرار سيسبب فوضى، طمأن المواطنين قائلاً: ربما سيتم اعتماد نظام توزيع واضح، بإشراف لجان الأحياء، وبمساعدة المجالس المحلية والبلديات، وربما هناك خطة تدريجية لضمان عدم حصول أي اختناقات خلال المرحلة الانتقالية.

 قراءة نقدية

أبرز إيجابيات نظام الدور الإلكتروني كانت في قدرته على تقليل الازدحام، وضبط الكميات، إضافة إلى إعطاء المواطن فرصة لتتبع حالة طلبه، كما ساعد على كشف بعض حالات التلاعب في التوزيع، خصوصاً في الفترة الأولى من تطبيقه.

لكن في المقابل، واجه النظام المعتمد العديد من الانتقادات، من أبرزها: بطء كبير في تكرار الدور، واعتماد مفرط على التكنولوجيا في ظل ضعف البنية التحتية والإنترنت في العديد من المناطق، بالإضافة إلى عدم الفعالية في التعامل مع الأعطال أو الشكاوى، مما ساعد على تفشي السوق السوداء، وجعلها نشطة بالتوازي مع النظام الرسمي المعتمد.

 إلى أين؟

يبقى السؤال المطروح اليوم: هل يشكّل إلغاء نظام الدور الإلكتروني بداية لإصلاح حقيقي في آلية توزيع الغاز، أم إنه مجرد ارتداد عن نظام فشل في التطبيق لا في المبدأ؟ الكرة الآن في ملعب الجهات المعنية، التي تقع على عاتقها مسؤولية تقديم بديل عملي وعادل يراعي ظروف المواطن، ويحقق التوازن بين التكنولوجيا وواقعية التنفيذ، في ظل ظروف اقتصادية صعبة ومعيشة مرهقة.

ومع ترقّب المواطنين لما ستؤول إليه الأمور في الأيام القادمة، تبقى الثقة مرهونة بالفعل لا بالتصريحات، وبمدى قدرة الجهات الرسمية على إدارة ملف الغاز بحكمة، وشفافية، وكفاءة.

آخر الأخبار
تعليق إيران التعاون مع الوكالة الذرية هل يضمن أمن منشآتها؟ ملف أطفال المعتقلين في سوريا.. جرح مفتوح ومسؤولية وطنية لا تحتمل التأجيل مع عودة عملها.. عشرة حوادث اصطدام بالقطار في طرطوس أحدها تسبب بوفاة الأطفال في مهب الصراعات في "الشرق الأوسط".. أرقام صادمة للضحايا تكشفها "اليونيسف" الارتقاء بالوعي المجتمعي.."عقول متألقة" في بري الشرقي بحماة حفريات تعوق حركة المرور في شوارع درعا البلد الجفاف يداهم سدّ "عدوان" في درعا درعا تدعو تجارها للاستثمار ودعم عملية التنمية السعودية وإندونيسيا: احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها "شهباء من جديد".. إعادة إحياء قلعة حلب تركيا و"الأوروبي": دعم جهود إنهاء الإرهاب والاضطرابات في سوريا سليمان لـ"الثورة": الذهب الأخضر بحاجة إلى استثمار أزمة المياه .. مؤشر خطير على عمق التحديات المائية.. لا عدالة بالتوزيع ولا رقابة على الأسعار طلاب التاسع يختبرون مهاراتهم في الإنكليزية.. والامتحان متوسط الصعوبة التحقق من المعلومات ..مسؤولية جماعية العرجاني لـ"الثورة": الأخبار الكاذبة كارثة اكتمال وصول الحجاج السوريين إلى أرض الوطن ندوة علمية لضمان استدامته.. النحل يواجه تحدياً بيئياً ومناخياً مشاريع إنسانية غزلتها بروح الحاجة.. العجة لـ"الثورة": التعليم هو المفتاح لإطلاق الإمكانيات احذروا " فوضى " الأدوية .. خطة رقابية جديدة وهيئة موحدة للمستوردين الاقتصاد الحر كيف سيدير المشاريع الصغيرة؟