حرائق الساحل.. ترميمها يحتاج لاستراتيجية بيئية اقتصادية اجتماعية

الثورة – رولا عيسى:

قدرت وزارة الطوارئ والكوارث حجم الخسـائر حتى الآن في غابات اللاذقية بمئات آلاف الأشجار الحراجية على مساحة تقدر بنحو 10 آلاف هكتار في 28 موقعاً، تحوّلت إلى رمـاد بسبب الحـرائق.

ترميم ما خلفته الحرائق في الساحل السوري يتطلب استراتيجية شاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد البيئية، الاقتصادية، والاجتماعية، نظراً للدمار الذي لحق بالأراضي الزراعية، البنية التحتية، والمجتمعات المحلية.

إعادة تأهيل الأراضي

تقدم الخبيرة التنموية والاقتصادية الدكتورة زبيدة القبلان مجموعة من المقترحات التي قد تسهم في إعادة الإعمار والتعافي بشكل مستدام، منها إعادة تأهيل الأراضي الزراعية النباتات المتضررة.

وعليه ترى أنه فور انتهاء عمليات التبريد يجب البدء بحملات إعادة زراعة المحاصيل الرئيسية مثل الزيتون، التبغ، الحمضيات، وغيرها من المحاصيل التي تضررت جراء الحرائق، ومن الضروري تقديم الدعم الفني للمزارعين بخصوص اختيار الأنواع المناسبة للزراعة في المناطق المتضررة.

وتنوه بأن الحرائق تضر بالتربة وتؤثر على خصوبتها، وبالتالي لابد من تنفيذ برامج لإعادة تأهيل التربة باستخدام تقنيات مثل زراعة النباتات المحسنة للتربة، وإضافة المواد العضوية لتحسين جودة التربة، كذلك لاستفادة من تقنيات الزراعة الحديثة: مثل الزراعة بدون حرث، أنظمة الري المتطورة، والزراعة العضوية، التي قد تساهم في استعادة الأراضي المتضررة بشكل أسرع وأكثر استدامة.

 تقديم الدعم المالي

وتقترح الدكتورة القبلان تقديم الدعم المالي للمزارعين المتضررين عبر قروض ميسرة من دون فوائد للمزارعين الذين فقدوا محاصيلهم أو أراضيهم، لتغطية تكاليف إعادة الزراعة وتوفير المعدات اللازمة، وكذلك تخصيص مبالغ مالية لتعويض المزارعين عن خسائرهم نتيجة الحرائق، مع التركيز على الأسر الأكثر تضرراً، ووفير الأسمدة والمبيدات: من مستلزمات الزراعة بأسعار مدعومة أو بشكل مجاني في بعض الحالات للمزارعين الذين يعانون من ضعف القدرة المالية.

وتشير الدكتورة القبلان إلى تضرر كبير في البنية التحتية، وهذا يعني العمل إلى إعادة بناء المنازل، و تخصيص ميزانية لإعادة بناء المنازل المدمرة، كذلك إصلاح الطرق والمرافق العامة التي دمرتها الحرائق، وترميم شبكات المياه والكهرباء.

ومن المقترحات الهامة، بحسب الخبيرة التنموية، التوجه نحو الزراعة المستدامة، عبر اعتماد أنظمة ري حديثة مثل الري بالتنقيط، التي تساعد في تقليل استهلاك المياه وتزيد من فعالية الإنتاج الزراعية، والتنمية الزراعية المستدامة عبر نشر الوعي بين المزارعين حول كيفية تحسين ممارساتهم الزراعية باستخدام تقنيات صديقة للبيئة، مثل الزراعة العضوية أو الزراعة المتكاملة، واختيار زراعات مقاومة للحرائق.

وتدعو إلى إعادة تأهيل البيئة والغابات عبر العمل على إعادة غرس الأشجار في الغابات التي دمرتها الحرائق باستخدام أنواع من الأشجار المحلية التي تتحمل الظروف المناخية القاسية، وحماية الغابات من الحرائق المستقبلية عبر وضع خطة شاملة للحماية من الحرائق المستقبلية تشمل إنشاء ممرات عازلة للنيران، وزيادة حملات التوعية حول كيفية الوقاية من الحرائق.

 التعامل مع الأزمات المستقبلية

وتشير إلى خطوات ضرورية من خلال تحسينات في التعامل مع الأزمات المستقبلية منها بناء وتطوير نظم إنذار مبكر لمراقبة الأحوال الجوية والمخاطر المحتملة (مثل الرياح القوية والحرارة العالية) التي قد تسهم في نشوب حرائق، والتدريب على إدارة الطوارئ، ومشاركة المجتمع المحلي.

الخبيرة القبلان أكدت على أهمية التعاون الدولي والدعم المادي عبر تقديم مساعدات إنسانية، والتعاون مع المنظمات الدولية مثل الصليب الأحمر، الأمم المتحدة، والمنظمات غير الحكومية لتوفير المساعدات العاجلة للسكان المتضررين، مثل الغذاء، والمأوى، والدواء، ناهيك عن دعم إعادة الإعمار في تلك المناطق.

لاشك أن التغيرات المناخية المتسبب الأول في اندلاع الحرائق، ومن هنا تقترح الدكتورة القبلان تعزيز البحوث والدراسات حول التغير المناخي، وإجراء دراسات حول تأثير التغير المناخي على مناطق الساحل السوري وتقديم حلول للحد من تأثيره، مثل تحسين إدارة الموارد المائية والأنظمة الزراعية، وكيفية الحد من الحرائق.

يشكل التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص أحد الضرورات لتشجيع إعادة إعمار المناطق المتضررة، عبر التشجيع على مشاريع إعادة الإعمار والتأهيل، وخاصة في القطاع الزراعي، وتقديم إعفاءات ضريبية أو دعم حكومي لهذه المشاريع.

أخيراً..

يبقى القول إن ترميم ما خلفته الحرائق في الساحل السوري يحتاج إلى جهود منسقة ومتكاملة تشمل إعادة بناء الأراضي الزراعية، ودعم الاقتصاد المحلي، إعادة تأهيل البيئة والبنية التحتية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الدولي، فالأمر يتطلب ليس فقط تمويلاً، ولكن أيضاً استراتيجيات تنموية طويلة الأمد لضمان مرونة المنطقة أمام التحديات المستقبلية.

آخر الأخبار
هل نستعد؟.. مهن ستنقرض في سوريا بسبب التكنولوجيا خطوة نحو إنجاز المشاريع.. نمذجة معلومات البناء وتطبيق التكنولوجيا الرقمية باراك: العالم كله يدعم سوريا رفع العقوبات وانعكاسه على مستقبل قطاع الطاقة في سوريا سحب مياه معدنية غير صالحة للاستهلاك من أسواق دير الزور الحرائق في سوريا ترسم صورة نادرة لتفاني رجال الإطفاء والدفاع المدني إعادة إعمار سوريا.. تحديات هائلة تعوق الانطلاق خبير عقاري لـ"الثورة" تكاليف فلكية إلى جانب غياب قنوا... يطيح بتعاميم النظام المخلوع.. محافظ حلب يصدر قراراً يُنصف المفصولين اجتماع أردني- سوري مرتقب في عمّان لتسوية الخلافات المائية The New Arab نصف مليون سوري يعودون منذ التحرير عودة طوعية للاجئين من الدول العربية وتركيا حضارة وادي الزيدي بدرعا.. هل يتم استثمارها سياحياً؟ الأمم المتحدة: رجال الدفاع المدني السوري يخاطرون بحياتهم لإخماد "حرائق اللاذقية" السيطرة على بعض بؤر النيران في ريف اللاذقية "بريكس" ترحب برفع العقوبات عن سوريا وتدعو"إسرائيل" لسحب قواتها رئيس مجلس مدينة القرداحة: نتخذ أقصى الاحتياطات شبكات صرف متهالكة والمناطق المخدمة بمحطات المعالجة لا تتجاوز 40% دور اللاجئين في إعادة الإعمار.. هل تشكل عودتهم عبئاً أم مساهمة؟ وزير الأوقاف يتابع المشاريع الوقفية والتنمية في حمص تنسيق سوري ودولي لضمان عودة طوعية وتدريجية