الثورة:
سجّلت حرائق الغابات الكارثية التي ضربت ريف محافظة اللاذقية في الساحل السوري واحدة من أوسع حالات التفاعل الدولي مع حدث بيئي محلي في سوريا، حيث بادرت عدة دول عربية وإقليمية إلى تقديم الدعم العاجل، بينما عبرت أخرى عن تضامنها الكامل مع الشعب السوري في مواجهة هذه الكارثة الطبيعية.
منذ اندلاع الحرائق في 3 تموز الجاري، أبدت دول كتركيا والأردن ولبنان استجابة ميدانية مباشرة، تمثّلت في إرسال طائرات إطفاء وفرق إنقاذ متخصصة، بالتنسيق مع الدفاع المدني السوري، كما أعلنت كل من العراق والإمارات والجزائر استعدادها لتقديم مساعدات لوجستية وفرق دعم فني، بينما أرسلت مصر والكويت رسائل تضامن سياسي وإنساني، أكدت فيها وقوفها إلى جانب سوريا وشعبها في هذا الظرف الصعب.
هذا الحضور العربي والإقليمي النشط لم يقتصر على الجانب الإغاثي، بل عكس أيضاً تحولاً في المزاج الدبلوماسي تجاه الحكومة السورية الجديدة، إذ صدرت مواقف رسمية من وزارات الخارجية ووزارات البيئة في عدد من هذه الدول، تشيد باستجابة السلطات السورية، وتدعو إلى تعزيز التعاون الثنائي في مجالات البيئة والحماية المدنية.
على الصعيد الدولي، أعلنت عدة منظمات تابعة للأمم المتحدة، من بينها برنامج الأغذية العالمي (WFP) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO)، عن مراقبتها لتداعيات الكارثة، واستعدادها لتقديم دعم فني للسلطات المحلية في جهود التقييم والاستجابة.
كما أعرب المنسق المقيم للأمم المتحدة في دمشق عن تضامنه مع المتضررين، مشيراً إلى أن حرائق الغابات تشكّل تحدياً كبيراً لأي دولة، وأن سرعة التنسيق الإقليمي في سوريا تُعد مؤشراً إيجابياً على استعادة الثقة الدولية بالتعامل مع الكوارث الطبيعية تحت إدارة سورية وطنية.
لا يُمكن فصل هذا التفاعل الواسع عن السياق السياسي السوري المستجد بعد انتقال السلطة في دمشق وتشكيل الحكومة الجديدة، إذ يرى مراقبون أن سرعة إعلان التضامن والدعم من قبل دول كانت علاقاتها متوترة سابقاً مع دمشق، يبعث برسائل سياسية واضحة تُعبّر عن الرغبة في طي صفحة القطيعة والاصطفاف خلف مسار الاستقرار.
ويؤكد محللون أن التضامن الإقليمي مع سوريا في مواجهة الحرائق يتجاوز طبيعته الإنسانية، ليعكس إدراكاً متزايداً لدى هذه الدول بأن الاستقرار في سوريا يخدم أمنها الوطني والإقليمي، وأن دعم الحكومة السورية الجديدة في هذه المرحلة مفصلي لإعادة تكوين منظومة الدولة ومؤسساتها.
تمثل كارثة الحرائق اختباراً فعلياً لقدرة المجتمع الدولي على الانخراط مع سوريا خارج دوائر السياسة التقليدية، ووفق منطق الشراكة في مواجهة التحديات العابرة للحدود، كما يُبرز مدى الانفتاح الدولي التدريجي على القيادة السورية الجديدة، واعتبار دمشق شريكاً موثوقاً في ملفات الأمن الإقليمي، والتغير المناخي، والاستجابة للكوارث.
وبينما تستمر جهود الإطفاء والدعم الميداني، يزداد رسوخ الانطباع بأن مرحلة جديدة بدأت في العلاقات السورية – العربية، عنوانها الأبرز: دعم الدولة السورية واستقرارها، تحت قيادة وطنية متجددة.