في سوريا ما بعد الحرب.. المعلم أولاً لبناء وطن مزّقته النيران

الثورة – إيمان زرزور:

بعد أكثر من 14 عاماً من الحرب التي مزّقت البلاد ودمّرت المدارس وشتّت المعلمين، تقف سوريا اليوم أمام تحدٍ محوري في مسيرة إعادة البناء: استعادة التعليم باعتباره حجر الأساس لإعادة بناء الإنسان والمجتمع معاً.

ففي المناطق التي شهدت أقسى المعارك وأشد موجات النزوح، لم يكن الأطفال فقط ضحايا للجوع والخوف، بل كانوا مستهدفين بحرمانهم من أبسط حقوقهم: مقعد دراسي، معلم حاضر، وكتاب مفتوح. دُمّرت آلاف المدارس، وتوقفت عجلة التعليم، فيما فُقد الآلاف من المعلمين بين شهيد ومهجّر، وخسر جيل كامل سنوات من التعلّم، تاركاً فجوة معرفية وأخلاقية تهدّد حاضر البلاد ومستقبلها.

اليوم، ومع بداية المرحلة الانتقالية وسقوط النظام البائد، يُطرح التعليم على طاولة الأولويات، ليس كمجال خدماتي فقط، بل كمرتكز لبناء سوريا الجديدة، فلا إعمار حقيقي دون بناء العقول، ولا دولة مستقرة من دون مدرسة حرة، ولا مستقبل بلا معلم قادر ومكرّم.

وزير التربية والتعليم الدكتور محمد عبد الرحمن تركو أكد في تصريحات له، أن التعليم يشكل العمود الفقري لمشروع النهوض الوطني، مشيراً إلى أن الوزارة وضعت خطة استراتيجية ذات شقين: استجابة طارئة للتحديات الحالية، وخطة تنموية بعيدة المدى.
وتشمل الخطة إصلاح البنية التحتية التعليمية، تطوير المناهج، وتأهيل الكوادر التدريسية، مع التركيز على ترميم نحو 7849 مدرسة تعرّضت للدمار، ما يمثل قرابة 40% من المنشآت التعليمية في البلاد.

المعلمون السوريون اليوم يخوضون معركة حقيقية على جبهتين: جبهة المعرفة وجبهة البقاء. فراتب المعلم في كثير من الأحيان لا يغطي احتياجاته الأساسية، ويجد نفسه مضطراً للقيام بأعمال إضافية أو حتى التفكير في الهجرة، كما يواجه ضغطاً كبيراً في التعامل مع آثار الحرب النفسية على الطلاب دون أي دعم نفسي أو تدريب متخصص.

تقول المعلمة أمينة حسن، التي تدرّس الرياضيات في إحدى مدارس ريف إدلب: “نحن لا نُعلّم فقط، نحن نُرمّم، نربّي، نحاول أن نداوي بالعقل ما فعلته الحرب بالجسد… ولكن بأي أدوات؟ كيف أعلّم طفلاً لا يملك دفتراً وأنا لا أملك ثمن حذاء لطفلي؟”.

وينظر السوريون إلى التعليم لا كقطاع خدمي فحسب، بل كأولوية سيادية، في مدرسة مدمّرة قد يولد مشروع وطن، في فصل دراسي قد تُبنى مواطنة، وفي يد معلم مخلص قد تُصنع جمهورية جديدة، وبينما تتردد عبارة: “في سوريا الجديدة نكتب على السبورة لا على جدران السجون”، فإنها تختزل التحوّل العميق في العقلية السورية نحو بناء دولة تُحكم بالعلم لا بالعنف، وبالعقل لا بالخوف.

ينتظر المعلمون اليوم التفاتة رسمية جادة لواقعهم الاقتصادي والمهني، وإعادة الاعتبار لتضحياتهم التي لم تنقطع طوال سنوات الحرب، سواء عبر الاستمرار بالتدريس رغم انقطاع الرواتب، أو تحمّل ظروف النزوح والدمار، فالمعلم، الذي صمد ليبقي شمعة العلم مضيئة، يستحق أن يكون في قلب العملية الوطنية الجديدة، بوصفه حجر الزاوية في بناء المستقبل.

آخر الأخبار
عودة ضخ المياه إلى غدير البستان بريف القنيطرة النقيب المنشق يحلّق بالماء لا بالنار.. محمد الحسن يعود لحماية جبال اللاذقية دمشق وباكو.. شراكات استراتيجية ترسم معالم طريق التعافي والنهوض "صندوق مساعدات سوريا" يخصص 500 ألف دولار دعماً طارئاً لإخماد حرائق ريف اللاذقية تعزيز الاستقرار الأمني بدرعا والتواصل مع المجتمع المحلي دمشق وباكو تعلنان اتفاقاً جديداً لتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا مبادرات إغاثية من درعا للمتضررين من حرائق غابات الساحل أردوغان يلوّح بمرحلة جديدة في العلاقة مع دمشق.. نهاية الإرهاب تفتح أبواب الاستقرار عبر مطار حلب.. طائرات ومروحيات ومعدات ثقيلة من قطر لإخماد حرائق اللاذقية عامر ديب لـ"الثورة": تعديلات قانون الاستثمار محطة مفصلية في مسار الاقتصاد   130 فرصة عمل و470 تدريباً لذوي الإعاقة في ملتقى فرص العمل بدمشق مساعدات إغاثية تصل إلى 1317 عائلة متضررة في ريف اللاذقية" عطل طارئ يقطع الكهرباء عن درعا تمويل طارئ للدفاع المدني السوري لمواجهة حرائق الغابات بريف اللاذقية إغلاق مؤقت لمعبر كسب الحدودي بسبب الحرائق في ريف اللاذقية محافظ حلب يتابع انطلاق امتحانات الثانوية كبار في السن يتقدمون لامتحانات الثانوية العامة بدرعا 20482 متقدماً في اللاذقية لامتحانات الثانوية العامة والشرعيّة ارتفاع الكشفيات الطبية في درعا يدفع المرضى لحلول بديلة تسويق 29 ألف طن قمح في درعا