ميشيل كيلو.. ذاكرة تضيء الدرب للغافلين والمقهورين

الثورة – رفاه الدروبي:

لم يكن ميشيل كيلو شخصاً عادياً بل كان أديباً مثقفاً ومناضلاً في سبيل حرية الكلمة والشعب، فقد نظَّم اتحاد الكتَّاب العرب في سوريا حفلاً تكريمياً له بمشاركة نخبة من أصدقائه ورفاق دربه في صالة الاتحاد بالمزة.

كتب فأبدع

رئيس اتحاد الكتَّاب العرب الشاعر محمد طه العثمان، أشار إلى أنَّ تاريخ سوريا يشهد لحظة فارقة تولد من جديد ضمن مخاضٍ عسيرٍ يأتي بعد ليل طويلٍ من الاستبداد والطغيان لنظام تجاوز كلَّ الحدود، ليطرق ذاكرتنا ميشيل بكلِّ مداراته الشخصية والوطنية كونه المناضل السياسي المُقارع للنظام بجرأة نادرة.. لم يهادن يوماً بل كان المفكِّر الحر مَنْ امتلك بوصلة الطريق من دون أن يضيع سمته، كان استشراقياً على الدوام، فاعلاً ومتقدِّماً للصفوف بغض النظر عن التبعات، ودخوله غياهب السجون مراراً وتكراراً أكبر دليل على ذلك.

إنَّه الأديب المرهف الإحساس، كتب فأبدع وغاص في قاع الروح البشرية فصوَّر آلامها ومشاعرها العميقة وتوقها للحرية والخلاص من كلِّ ما يُكبِّلها ويجعلها أسيرة القيود، ووصفه بأنَّه قامة استثنائية مجبولة بصفات الرجال النادرين من الطراز الرفيع المهجوسين بالوطن والإنسان وبكلِّ ما يمتُّ للقيم النبيلة من الحق والخير والجمال.

وصيته عبر قلمها

وقالت سميرة المسالمة كلمةً نيابةً عن زوجته وابنته، ثم استلمت شهادة تكريم له، مُبيِّنةً أنَّه قدَّم وصيته إلى كلِّ السوريين عبر قلمها، وفيما لو كان على قيد الحياة الآن لسارع ليكون حاضراً من أجل سوريا، كما طالب في وصيته “بالتمسك بالحرية للشعب السوري.. ويريد لسوريا أن تكون سالمة آمنة.

يلتزم بهوية الأمة

أحمد العسراوي، رأى أنَّ ميشيل صاغ مسيرةً فكريةً فكان رائداً فيها، واستطاع بما يملك من وعي ومعرفة وثقافة، أن يجعل الفكر في خدمة المجتمع وقواه الحيَّة، إلى جانب تفعيل المفاهيم والقيم المُشكِّلة لهوية الأمة وقيمها وروحها الحضارية، فاكتشف بشكل مبكر أنَّ أيَّ نضال وأيَّ شعار وأيَّ هدف لا يفهم ويلتزم هوية الأمة مَنْ مثلتها ثنائية العروبة والإسلام سيبقى على هامش المجتمع وعالة عليه بدل أن يكون بحكم دوره الفكري والنضالي طليعة للتغيير والثورة والعدالة والحرية، إذ اكتشف عقب عودته من الخارج حينما استمع للمفكر القومي الراحل إلياس مرقص كونه تنبأ بكارثة تقودها سيطرة إيران على سوريا، فيما صوَّرته الثورة السورية بأنه ليس بارزاً فيها، بل يُمثِّل وجدانها وعقلها السياسي الناضج.

رجل المفاجآت

بدوره فايز سارة، تناول في حديثه حول واقع سوريا الحالي، وأنَّها تسير في المقدمة بكل حرية وكرامة وعدالة ومساواة، فجميع السوريين حلموا بذلك، ونموذج اتحاد الكتَّاب العرب يظهر شعباً مميزاً قدَّم قائمة طويلة من النساء، والرجال، والشيوخ، والأطفال.

كان ميشيل رجل المفاجآت، إذ تقدَّم بمقترح إعلان دمشق- بيروت، بيروت- دمشق، وكان من بين المجتمع المدني مثقفون وسياسيون وصحفيون من سوريا ولبنان، كما طالب بإقامة علاقات متوازنة بين البلدين بدلاً من هيمنةٍ صاغها نظام الأسد المخلوع.

من جهته سليمان الشمر أوضح أنَّه حجز لنفسه مكاناً على الساحات السورية والعربية والدولية بفضل ثقافة وفكر حداثيين، وما مارسه من سياسة عقلانية جعلته حاضراً في كلِّ المفاصل المضطربة المارَّة بالقطر، ولعلّ أبرزها: أزمة الثمانينات، وبيانات النفايات، والسجن أو مرحلة ربيع دمشق، ولجان إحياء المجتمع المدني مطلع الألفية الحالية، أو إعلان دمشق بيروت عام ٢٠٠٥، ثم مسيرة الثورة السورية، وحال الموت بينه وبين سقوط النظام الاستبدادي الإجرامي.

قامة أدبية

من جانبها أكَّدت فدوى العبود على أنَّه قامة أدبية، إذ كانت البداية مع رواية “مزار الدب”، وانتقلت إلى مقالاته الوفيرة: “نعوات سوريا، ثورة ليست كغيرها، ما رح يوصل حدا”، فوجدته سياسياً يحلم بوطن مثالي، وكان الكاتب جرَّاحاً واقعياً يلمس الجرح بمشرط حاد، وتصف “مزار الدب” بقرية سطا عليها الهادي وجماعته، إسقاطاً واضحاً على حزب البعث وتحت بند الاشتراكية في مصادرة أرزاق الناس.

كان يعرف تماماً أنَّ المصاب جلل، بل بدت عبارة السارد كنبوءة عن الأيام الحالية المعاشة، لافتةً إلى أنَّه أبرز في مقاله: “نعوات الفوارق” بين مهن عسكرية في الريف ومدنيَّة في المدينة، كما استشهد في مسرحيته “ما رح يوصل حدا” بعبارة من مسرحية الرحابنة ليصف طبيعة الثورة بقوله: “تجاوزنا المُطَهِّر السياسي؛ وبقي أمامنا المُطَهِّر الروحي حتى نصل إلى التحرُّر الكامل”.

الحاضر الغائب

ورأت إيناس الزين أنَّ ميشيل كيلو لم يكن غائباً قط، بل حاضر فينا جميعاً في حضرة الغائب الحاضر ولم يسكن قبراً، بل سكن فكرةً، وصار ذاكرةً تُضيء درباً للغافلين، متحدِّثةً عنه كابنة للوجع السوري لا كمتلقيَّة، رابتةً على كلمات المقهورين، إذ سكنت في ظلِّ الحبر، حين ضاقت بها البلاد، ورغم أنَّها لم تعرفه شخصياً لكنها كبرت واسمه يمرُّ في بيتها.

كان صديقاً لوالدها، واسمه لا يُقال في بيتهم كاسم بعيد، بل كنَبضٍ معروف.. كقامة تسير بينهم، وتترك نوراً صامتاً تشعر به، ولا تصفه يوم رحيله لكنَّه ترك فيها شذى اسمه، وعطر ضميره، وسيظلُّ حياً بين الجميع، لأن اسمه علَّمهم ألا يمشوا بلا ضمير، فسلاماً لعائلة أنجبت رجلاً.. كان وطناً.

آخر الأخبار
خبير مالي لـ"الثورة": التوجه الضريبي الجديد يشير إلى توجه اقتصادي واعد سوريا تشارك افتراضياً في أولمبياد الرياضيات الدولي "المجتمع يسأل والمحافظة تجيب".. مؤتمر حلب لتعزيز الشفافية والتواصل بائعو المياه .. فوضى الحضور ..وواقع يومي لمعاناة لا تنتهي!  نقابة المهندسين تتحرك علمياً لمواجهة الحرائق.. لجنة بيئية وتقرير وطني قيد الإعداد إدلب.. وقفات شعبية تعلن دعم الأمن العام وتندد بالعدوان الإسرائيلي الغلاء يهدد المؤونة ويحولها إلى رفاهية.. البامية 35 ألف ليرة والملوخية60 ألفاً استطلاعات رأي تعطي الأولوية لأميركا في العلاقات الاقتصادية على حساب الصين إدانات عربية ودولية: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تهديد لاستقرار المنطقة سوريا تدين الانتهاكات بحق أهلنا في السويداء وتتعهد بمحاسبة المتورطين مجموعة البحث والإنقاذ القطرية تؤكد دعم قطر المتواصل للشعب السوري درعا تستقبل العائلات المتضررة والمهجرة من السويداء ملامح النظام الضريبي الجديد.. الحلاق لـ "الثورة": صفحة جديدة مع قطاع الأعمال تقوم على مبدأ العدل وا... الخطوط الجوية القطرية تستأنف رحلاتها إلى حلب في آب المقبل هل تمارس موسكو ضغوطاً على طهران لإبرام اتفاق "صفر تخصيب" مع واشنطن؟ ماليزيا: لن نسمح بجعل بلادنا مركزاً لتجنيد الإرهابيين أو تمويلهم وادي بردى.. بانتظار مشاريع خدمات وتنمية تُعيد صورتها السياحية والبيئية جنبلاط : إسرائيل تستغل "أحداث السويداء" لإحداث الفوضى مركز الملك سلمان يسلم الكفالة الشهرية لـ600 يتيم في حلب بينهم "المخلوع".. فرنسا تطالب بتحديد مكان 20 من مجرمي النظام البائد لمحاكمتهم