الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
نشيطة كالنحلة، شغوفة بالشعر، في داخلها طفلة صغيرة، إنها الشاعرة جميلة الإحساس ريما إبراهيم الخضر التقينا معها لنغوص في أعماقها:
– بما أن الشعر هاجسك، كيف تبلورت علاقتك به؟
بدأت علاقتي بالشعر مثل علاقة الثنائيات المتلازمة كعلاقة الشجرة بالغصن، وعلاقة الطير بالسماء، وعلاقة البحر بالموج، فالكلمة لا تكون جميلة إلا إذا كانت محاطة بالرغبة، وتلك الأخيرة لا توجد إلا في بيئة حاضنة للحواس المرهفة، والحدس السبّاق.
– لكل مبدع ملهم، تتفجر وتنبع موهبته من إطلالته من صدى صوته، من ملهمك، وكيف خضت في دنيا الشعر..؟ الإلهام له شأن آخر، يأتي مثل الوحي يهبط، فلا عمر محدد تستذكره الكلمة الأولى، حين خطت في قالب القصيدة، إلا أنني أتذكر جملتي الأولى في فضاءات الكتابة المبكرة، كنت صغيرة على الإفصاح بما أكتب، وكبيرة بما يكفي لأقول للشعر : كأسك أيها الشعر.
كنت في بداية المرحلة الإعدادية على ما أذكر كما قال محمود درويش “لا نصيحة في الحب لكنها التجربة، لا نصيحة في الشعر لكنها الموهبة”.
في الشعر تنظر إلى الشاعر من خلال موهبته وإحساسه أولاً ثم إلى أدواته والباقي يعمل عليه الشاعر ويطوره.
– كل مبدع يمرّ بمراحل عمرية وإبداعية في مسيرته، حدثينا عن أبرز المفاصل في مسيرتك..
هنا تستطيع تمييز تجربة كل شاعر بالمراحل الشعرية – لا أقول الفترات الزمنية – من خلال قراءة الجديد ومقارنته بالقديم، وبكل ما مرّ على الشاعر من انجرافات في تربة الكتابة ونحت وصقل، من هنا جاءت مجموعتي الشعرية الأولى ثم الثانية كتبتهما تقريباً بنفس الفترة الزمنية، وبعد نخب القصائد تم صدور المجموعة الشعرية الأولى بعنوان ‘امرأة لكل الاحتمالات ٢٠٠٩”، فيما حملت الثانية عنوان “تضاريس أخرى للحب” عام ٢٠١٠ ثم صدرت المجموعة الرابعة “لو قرأتم الفرح”، تلاها المجموعة الخامسة تحت عنوان “على مرمى سنبلة 2018’ تحمل الهدف الذي كنت أرجوه من نصوصي:
حفار القبور متعبٌ .. متعب
فالحرب مفردة
والموت جملة
وهذه الأرض.. سيدتي الأرض
تطفح بأبجدية الألم
” من مجموعتي “لو قرأتم الفرح”.. ومن كتاباتي عدة مجموعات أخرى بعنوان “على مرمى سنبلة” و”في مديح الزنبق” انتصار للربيع وللزنبق والحياة كتبت في الإهداء.. “إلى أن يزهر الوقت الجليل.. سنمضي حيث نبدأ.. حيث ينتهي، وآخر دووايني ‘قصائد غير مأهولة”.
فلم أجد مؤنساً وصديقاً حقيقياً خلال سنوات الثورة سوى الشعر.
– ما الموضوعات التي ضاق صدرك بها فتفجرت كقصائد وأنغام في هذه المجموعات؟
مجمل المواضيع التي تناولتها اجتماعية وجدانية، والكثير من القصائد للرجل وللمرأة وللحب وانكساراته وزهوته.
– كيف انعكست أحداث الثورة السورية على كتاباتك؟
صدر لي المجموعة الثالثة بعد عام 2011، إذ بدأت الثورة فتناولت مجموعاتي الصادرة مواضيع الحب والحرب والوطن والاغتراب:
وأنا في وطني..
ألملم شظايا الفرح.. لأبتسم..!
“من مجموعتي عندما كنت أحيا”
– ما الذي يميز مجموعاتك الشعرية عن بعضها؟
ما يميز المجموعات الأولى أن نصوصها الشعرية كانت تميل إلى العامودي أحياناً، أما المجموعات الأخرى بعدها كانت تميل إلى الومضات الشعرية، ربما هي حالة طبيعية في إيديولوجية الكتابة وتطور أدوات الشاعر، حسب المرحلة التي يعيشها، والتي ينشر فيها نصوصه، والشيء الأهم في عصر الفضاء الأزرق والتكنولوجبا، أن المقالات أو القصائد الطويلة مملة بالنسبة للقارئ، يهرب من الواقع ليسند قلبه إلى كلمات مختصرة مفيدة تلفه بالجمال، وتأخذ بيده إلى حيث يريد.
– كيف تقرئين تفاصيل يومك؟
بحكم العادة أقرأ تفاصيل يومي من لون الصباح، فإذا ما كان الزهر فاضح الرائحة
كان قلبي كذلك
وإذا ما أوشك الحب على الهطول
كان نبضي كذلك..
وإذا كل العصافير اجتمعت
على شجرة ليموننا
اخضرّ غصنّ للفرح
فسبّحت وجه الخالق
بحكم العادة..
ما زلت أرمم الأسئلة
وأسأل عن الجهات الأربع.
