الثورة- فراس النجار:
يستمر معرض”معتقلون ومغيبون” الذي افتتحه “فريق ذاكرة إبداعية للثورة السورية”، في مدينة حمص أمس الإثنين، بالتعاون مع مؤسسة تراثنا،حتى السابع والعشرين من الشهر الجاري في مسرح المدارس الأرثوذكسية، مقر مؤسسة تراثنا الذي تم ترميمه مؤخراً، والكائن في حي بستان الديوان الحمصي العريق.
المعرض يحتوي عشرات اللوحات التشكيلية الفنية لفنانين ناصروا الثورة السورية وانحازوا إليها ضد الديكتاتورية والقمع. وقد تنوعت بين لوحات صورت وجوه رموز من الثورة السورية كالراحلة مي سكاف، ولوحات صورت مغيَّبين مازالوا بعد كل سنوات الثورة الطويلة ضمن قوائم المفقودين من دون أي خبر أو معلومة تفيد بمصير أي منهم، كالمناضلة الحقوقية رزان زيتونة، ولوحات جسدت مغيَّبين ظلوا لسنوات طويلة مفقودين حتی تأكدت وقائع وفياتهم مؤخراً بعد التحرير ، مثل: الحقوقي خليل معتوق والناشط مازن حمادة وغيرهما، ممن قضوا تحت التعذيب في أقبية الموت وسائر معتقلات النظام المخلوع.
فضلاً عن لوحات جسدت لحظات الانتصار والخلاص، منها مثلاً لوحات تصويرية ضمن معالجة وتدخل فنيّين لمشهد سقوط تمثال الطاغية حافظ الأسد.
إقبال كبير
جاء افتتاح المعرض برعاية من وزارة الثقافة ومديرية الفنون، وبمشاركة فرقة موزاييك في فعالياته بعرض غنائي موسيقي، أضاف علی الافتتاح لمسة فنية جميلة.
وقد لوحظ الإقبال الكبير من قبل جمهور الفن والأدب ومن الناشطين والمهتمين.
تقوم فكرة المعرض الأساس علی دور الفن في تسجيل وحفظ الذاكرة. وهو جزء من مشروع “معتقلون ومغيَّبون”، سادس مشاريع “فريق ذاكرة إبداعية”، الذي كان قد بدأ بحوالي 900 عمل من أصناف متنوعة، باللغة العربية، ليصل اليوم إلی أكثر من 1700 عمل.
ذاكرة إبداعية
سنا اليازجي، عضو فريق ذاكرة، تقول:
“إن نشاط وعمل فريق ذاكرة إبداعية للثورة السورية هو شغل علی الذاكرة الإبداعية، من خلال جمع حكايات السوريين ضمن تجربتهم الملحمية، معكوسة في الفن والإبداع، والتي أعادوا واستعادوا من خلالها معاني وجودهم الاجتماعي والسياسي والثقافي، ليستعيدوا امتلاكهم للفضاء العام.”.
ومع أن الأعمال الفنية التي نبعت من وحي الثورة السورية متوفرة غالباً علی المواقع والصفحات الكثيرة علی الشابكة، وهو ما يعني صعوبة الوصول المنظم إليه، فإن اليازجي تؤكد علی ضرورة جمعه وتوثيقه في مكان واحد كأرشيف لازم لحفظ ذاكرة شعب.
وفي أهداف فريق ذاكرة تقول اليازجي:
“يعتبر القائۡمون علی ذاكرة إبداعية أنهم يشاركون في بناء المعرفة وحرية الوصول إليها وحمايتها، فمن أهداف ذاكرة إبداعية تعزيز أثر ودور المقاومة الفنية السورية في المجتمع والفرد، وحفظ تاريخ الثورة والتعريف بمعانيها ووقائعها وتحولاتها من حروب ونزاعات وتدخلات، وتقديمها للأجيال القادمة وللعالم أجمع، إنه جهد يطمح إلی المساهمة في بناء أرشيف لإرث وطني لا مادي وحمايته لما في ذلك من ردّ الاعتبار للرصيد الإنساني للسوريين.”.
المحافظة على التراث
من جهتها أفادت، عضو مؤسسة تراثنا، لمی عبود، أن هدف مؤسسة تراثنا الأساس هو المحافظة علی التراث في حمص وسوريا عموماً، والتراث المقصود هنا بمعناه العام، المادي منه وغير المادي، وهو ما يتطلب من المؤسسة، في جانب من نشاطاتها، العمل مع الجهات المدنية الناشطة في هذا الاتجاه.
من هنا كان التعاون بين مؤسسة تراثنا وفريق ذاكرة إبداعية لافتتاح معرضنا هذا.
من الجدير بالذكر أن فريق ذاكرة إبداعية تأسس في سنة 2013م بداية كمنصة رقمية لأرشفة أشكال التعبير الحر، الفكري والفني، في زمن الثورة والحرب في سوريا.
أما مؤسسة تراثنا، فهي مؤسسة مدنية تأسست سنة 2019م وكرست نشاطها لهدف تعزيز الوعي بالتراث وأهميته، معتمدة أشكالاً عديدة من الأنشطة منها، علی سبيل المثال لا الحصر، الجولات التعريفية بالأماكن والمعالم المعمارية التراثية وتنظيم الدورات التدريبية لتعميق الوعي بالتراث وقيمته وأهميته وسبل التعامل السليم لحمايته وحفظه.