الثورة – آنا عزيز الخضر:
حمل النشاط المسرحي “رحلة نرجس وفرحات” الذي قدّم في صالة المركز الثقافي في مدينة جرمانا، بالتعاون بين فرع ريف دمشق لاتحاد الكتاب العرب وملتقى جرمانا الثقافي جوانب متفردة في الاتجاه الثقافي، كونه عرضاً مسرحياً له رسالته الخاصة في خطابه مع عالم الطفولة، وشمل مسرحاً له خصوصيته في عالم التراث العربي، ألا وهو خيال الظل الذي يُعدّ البذرة الأولى لعالم المسرح.

يظل المسرح حاضراً بجدارة في نسيج مجتمعنا منذ فترة طويلة، وقد حافظ كثير من المبدعين على هذا الشكل المسرحي، حين دمجوا بين الجانب المسرحي والجانب الثقافي والتراثي ليحققوا العديد من الأهداف التي يتميز المسرح بتحقيقها.
يقدّم عرض “رحلة نرجس وفرحات” في رحلته الدرامية الكثير من القيم الجميلة الضرورية لمجتمع معافى، متمسكاً بالعادات الإنسانية التي تضمن رقيه، على قدم وساق، والتي أكدت أصالة مجتمعنا، وكل ذلك عبر أسلوب مسرحي اتخذ التراث إطاراً له في تقديم فكرته الجميلة.
مسرحية “رحلة نرجس وفرحات” هي من تأليف وإخراج الأديب محمد الحفري، وتجسيد وتمثيل الفنانة مها داود.
التقت صحيفة الثورة مع الكاتب والمخرج الحفري وحدثنا عن مضمون العرض، وأساليبه الفنية، وقضايا أخرى حول المسرح: “رحلة نرجس وفرحات” تنتمي إلى خيال الظل المعروف بقدمه وعمقه الأصيل، وهو يعد من التراث اللامادي لبلادنا وله تسميات عديدة، منها “كركوز وعيواظ”.
تدور أحداث مسرحية “رحلة نرجس وفرحات” حول رحلة بطلتيها نرجس وفرحات إلى البادية، حيث يتعرف الأطفال والناشئون على حياة هناك، بما في ذلك سبل العيش والعادات والتقاليد السائدة، مثل الكرم، والاحتفاء بالضيف، والزواج، والأفراح والأتراح، وغيرها الكثير، وتقدم تلك المعلومات بطريقة ذكية وساخرة، وتعتمد على الكوميديا والتشويق في آن واحد.

وحول سؤال “هل فرض كونك مخرجاً ومؤلفاً في الوقت نفسه شروطاً خاصة على العرض؟” أجاب: “دعيني أقر لك أنني لست مع الجمع بين مهنة المخرج والمؤلف في الوقت نفسه، وذلك لأن التأليف شيء، والإخراج شيء آخر.
بمعنى آخر، يعد المؤلف بمثابة الأب للنص، ولا يطيق أن تُحذف منه كلمة واحدة، بينما يقتضي عمل المخرج الحذف لتحسين رشاقة العرض المسرحي، وحالته الفنية العالية”.
وأضاف الحفري: أعمل كمخرج ومؤلف لأن للضرورة أحكاماً كما يُقال، ولأنني أشعر أن لدي القدرة والخبرة التي تؤهلني لذلك. ولا بد من التأكيد على الخبرة، فلدي 41 مؤلفاً وحاصل على 25 جائزة في مجال الأدب والفن، إضافة إلى عشرات الأعمال التي قمت بإخراجها سابقاً في مجال المسرح.
ولا بد من التأكيد أن لكل مجال إبداعي خصوصيته، ومفرداته تفرض ذاتها على عرض يطمح للنجاح.
وحول سؤالنا عن كيفية نظرته إلى الواقع المسرحي الجديد، وهل يراه بعين التفاؤل، قال: “أقول لك بكل صراحة إنني لدي نظرة سوداوية، ومنذ سنوات بعيدة.
وإن سألتني عن السبب، سأقول لك: لأن المسرح يحتاج إلى جرأة في اتخاذ القرار من الجهات المعنية، سواء كانت حكومية أو خاصة.
والحكومة بالدرجة الأولى هي المسؤولة عن رعاية المسرح.
ومن جهة أخرى، يحتاج المسرح إلى مساحات كبيرة من الحرية، وتقبل الفكر النقدي حتى لو كان مخالفاً أو مغايراً لما تريده السلطة.
وربما لهذا السبب بالذات تأخر المسرح في سوريا على مدار السنوات الماضية.
من ناحية ثالثة، وربما هي الأهم، فإن المسرح يحتاج إلى دعم مالي كبير، ومن دون هذا الدعم لا يمكننا إنتاج العرض.
وعلى الرغم من ذلك، أقول لنفسي دائماً يجب أن نعمل ضمن الظروف المتاحة.
في هذا السياق، أضرب مثالاً بسيطاً فقط، فعلى الرغم من أنني عضو قديم في اتحاد الكتاب العرب، والعرض الذي قدمته في مدينة جرمانا يحمل رعاية فرع ريف دمشق، فقد واجهت العديد من الصعوبات، وحاولت التغلب عليها بشكل شخصي، وقدمنا العرض المسرحي رغم كل المعوقات، انطلاقاً من حبنا للثقافة والفن، وأهمية نهوض سوريتنا بعد سنوات طويلة من الجمود والركود.”