الثورة :
أصدر مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا بيانًا شرعيًا تضمن سلسلة من الأحكام والتوجيهات في ضوء التطورات الدامية التي شهدتها محافظة السويداء، من سفك للدماء وعمليات تهجير واعتداءات على المدنيين، مشددًا على التزامه بالثوابت الشرعية التي تحكم هذه الأحداث.
أوضح المجلس أن الاستقواء بالعدو الصهيوني المحتل يُعد خيانة واضحة ومحرّمة شرعًا، وبيّن أن هذا الكيان لم يكن يومًا جديرًا بالثقة أو مؤتمنًا على أي عهد أو ميثاق، بل أثبت تكرارًا أنه خصم غادر، لا يُؤتمن ولا يُستعان به، لا في الحرب ولا في السلم.
شدد البيان على حرمة قتل الأطفال والنساء والاعتداء على المدنيين العزّل وإجبارهم على ترك منازلهم، مؤكدًا أن هذه الأفعال تعتبر من الكبائر، وتتضاعف حرمتها في الشهر الحرام، ومُستندًا إلى قوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا﴾، في تأكيد واضح على وجوب التزام الضوابط الأخلاقية في جميع حالات الصراع.
ودعا المجلس إلى ضرورة التفريق بين من يستعين بالعدو لتنفيذ أجندات مشبوهة، وبين أبناء الوطن الذين يعيشون في مختلف المناطق والطوائف، محذرًا من التعميم في الاتهامات أو الاعتداءات، ومذكرًا بقوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، كقاعدة شرعية لا تقبل التجاوز.
أكد مجلس الإفتاء على أن الدولة تتحمل مسؤولية شرعية وأخلاقية في حماية جميع مواطنيها دون تمييز، وعليها أن تتحرك لحفظ النظام ومنع الفتن ووقف الاعتداءات وإغاثة المهجرين والمنكوبين، انطلاقًا من مسؤولياتها الأساسية التي لا يجوز التهاون فيها.
وحذّر المجلس من خطورة التحريض الطائفي، واعتبر الخطابات التي تثير النعرات المذهبية أحد أخطر أسباب الفتنة، مشددًا على ضرورة التثبت من الأخبار، والوعي بمآلات نشرها وتأثيرها، وعدم الانجرار خلف الشائعات أو المواد التي تؤجج الصراع.
كما أقر المجلس بمشروعية الدفاع عن النفس والعرض والمال في حال الاعتداء، داعيًا إلى نصرة المظلوم والمختطَف بحسب القدرة، لكنه شدد في الوقت نفسه على حرمة منازعة الدولة في اختصاصاتها الأمنية، وعلى ضرورة الرجوع إليها في جميع ما يتعلق بالشأن العام والمهام السيادية.
واختتم البيان بدعوة شاملة إلى وحدة الصف، وتغليب المصلحة الوطنية، وتجنب كل ما من شأنه إشعال الفتن، مؤكدًا أن الحرب في سوريا لا تزال تُلقي بظلالها الثقيلة على المدنيين، وأن التزام الأحكام الشرعية هو السبيل الوحيد لتجنب مزيد من الدماء والخراب.