الثورة – جهاد اصطيف:
يشكل ريف حلب الجنوبي رافداً حيوياً للاقتصاد الزراعي السوري، إذ تنتشر فيه الزراعات الاستراتيجية بنوعيها الصيفي والشتوي على مساحات شاسعة، وتعتبر مياهه مورداً أساسياً لضمان الأمن الغذائي.. ورغم أهميته، يعاني هذا الريف الزراعي الحيوي من مشكلات متراكمة، على رأسها عدم عدالة توزيع مياه الري، وتكرار التجاوزات على مجرى نهر قويق، المصدر الرئيسي لري الأراضي في المنطقة.
غياب التنظيم
في شكاوى متكررة تلقتها صحيفة الثورة، أعرب العديد من مزارعي ريف حلب الجنوبي عن استيائهم من التمييز في إيصال مياه الري بين القرى، مؤكدين أن بعض الأراضي تغمر بالمياه، في حين تبقى أخرى عطشى نتيجة التعديات وإغلاق المجاري من قبل أفراد أو جماعات.
يقول المزارع أبو صالح: أرضي تقع في نهاية التفرع المائي، وكلما يأتي دوري في الري، أجد أن أحدهم قد أقفل مجرى النهر بالحجارة أو الأتربة لري أرضه فقط، ولا أحد يحاسبه، تعبنا من المناشدات والوعود.
لجان محلية وإشراف مركزي
من أبرز مطالب المزارعين كانت تشكيل لجنة مركزية للإشراف على ضخ المياه وتنظيمها على طول مجرى نهر قويق وفروعه، مع اقتراح إشراك ممثلين من القرى الكبرى أو من عدة قرى متجاورة، يتم اختيارهم من أبناء المنطقة لضمان النزاهة والفهم الدقيق لطبيعة الأرض والهدف من هذه اللجان هو تحقيق توزيع عادل للمياه، ومنع التعديات الفردية، وتخفيف النزاعات التي غالباً ما تنشأ بين أبناء القرى بسبب حرمان البعض من وصول المياه لأراضيهم.
ويؤكد مزارعون أن الكثير من الخلافات العائلية والبلدية بدأت من نزاع حول “حصة ماء”.
واقع مناخي صعب وقروض متعثرة
في ظل تراجع معدلات الهطول المطري لهذا العام، ازدادت معاناة الفلاحين، ما تسبب بخسائر كبيرة في مواسمهم، وطالب المزارعون الجهات المعنية بـ”النظر بعين الرأفة” في ملفات القروض الزراعية المتعثرة، والتي أثقلت كاهل كثير من الفلاحين الذين فقدوا القدرة على السداد نتيجة فشل المواسم، ودعوا إلى تشكيل لجنة فنية مهمتها تقييم الضرر في كل أرض تعثر صاحبها عن السداد، بهدف إيجاد حلول واقعية، قد تشمل تأجيل الأقساط أو إعادة الجدولة أو تقديم دعم بديل وفق الحالة.
نظرة مستقبلية
الزراعة في ريف حلب الجنوبي ليست فقط مصدر رزق، بل جزء من الهوية المحلية والاقتصاد الوطني، ومع التحديات المناخية والاقتصادية، فإن العدل في توزيع المياه وتحقيق الاستقرار للفلاحين أصبح أولوية.
وبين الوعود الرسمية وصوت الفلاحين، يبقى الرهان على الإرادة التنفيذية لترجمة هذه النقاشات إلى قرارات على الأرض تعيد للمزارع الثقة، وللنهر انسيابه الطبيعي، وللأرض خضرتها المنتظرة.