الثورة – ثورة زينية:
أمضى المصور التنظيمي لمدينة دمشق 56 عاماً من دون أي تعديل أو تجديد، ما يجعله مرشحاً بأن يدخل- موسوعة غينيس العالمية- كأطول عمر سجله مصور تنظيمي مع مدينة تعتبر إرثاً حضارياً وإنسانياً، ومن أهم مدن العالم التاريخية التي بقيت حية ومستدامة.
تجاهل الإعلام الرسمي
اليوم يحضر محافظ دمشق ماهر مروان إدلبي مع محافظ ريف دمشق عامر الشيخ اجتماعاً فنياً مشتركاً لعرض ومناقشة الرؤية التخطيطية للمحافظتين ومصور عام دمشق الكبرى.. وكالعادة تجاهلت محافظة دمشق الإعلام الرسمي ولم نتبلغ بموعد هذا الاجتماع الفني سوى منذ برهة قصيرة قبل انطلاق الاجتماع عبر موقعها الرسمي على الفيس بوك.
تعديات على استدامة الإرثين الطبيعي والتاريخي
في هذا المقال، وبمناسبة الحديث عن مصور عام دمشق لايزال الكثير من سكان دمشق يتساءلون عن أسرار صمود المصور التنظيمي “التوجيهي” لدمشق لعام 1968 أو ما يعرف بمصور “ايكوشار” وبقائه حياً نافذاً يتحكم بأسس التخطيط والتطوير للمدينة بالرؤية المستقبلية الموضوعة لها الجامدة والمحنطة، لمدة تزيد عن 56 عاماً منذ التصديق عليه، أي بتجاوز مدة 30 عاماً عن العمر الفني المقدر له 20 عاماً، وعن 51 عاماً عن العمر الفني مقدر له، إذا أخذنا بالاعتبار أنه احتاج 5 سنوات للتصديق عليه.
أحد المعنيين في محافظة دمشق- فضل عدم ذكر اسمه، أوضح أنه ولدى المباشرة بوضع المصورات التفصيلية تم اكتشاف جملة من التعديات والكوارث على الاستدامة للمدينة، وخاصة على استدامة الإرثين الطبيعي والتاريخي وعلى الهوية التاريخية والثقافية.
انتقادات وجهت للمحافظة بالدرجة الأولى والمعنيين السابقين الذين تناوبوا على مدى سنوات على الدراسات المتعلقة بموضوع المصور العام للعاصمة، ولاسيما أن لدى المحافظة عدداً من الدراسات منذ عام 1968 وحتى عام 2008 ، ولغاية الآن تعمل دمشق وفق مخطط “إيكو شار”.
حكم “بالإعدام”
خبير تخطيط المدن المهندس لبيب خوري أكد لصحيفة الثورة أنه بات من الضروري أن تحظى دمشق بمصور تنظيمي لها ولمحيطها الحيوي باعتبارها ضمن منطقة دمشق الكبرى، قبل أن تصبح دمشق فاقدة للحيوية وللاستدامة إذا لم يتم العمل بوقف المصور التنظيمي المحنط، وتجنب الوقوعات الخطيرة بالتعرية لدمشق من المعالم والمواقع التاريخية ومن المشاهد الطبيعية، وبكل ما يهدد الصورة للمدينة والهوية الحضارية، إضافة لتفاقم الهجرة السكانية والانفجار السكاني لأضعاف مضاعفة والتردي بالحياة وبالبنية التحتية لها، وتداعيات الحرب المؤثرة سلباً على الموارد البشرية والطبيعية وعلى قدرة الاستيعاب للسكن من المهجرين.
وأكد أن أي مخطط ودراسة قبل عام 2010 حتماً حكم عليها بالإعدام نظراً للتغيرات الكبيرة الحاصلة بعد هذا العام والحرب على سوريا، موضحاً أن تأخير العمل لإصدار مصور عام لدمشق والاستمرار بالمضي قدماً بالعمل بمخطط “ايكوشار” التنظيمي ينطوي على آثار سلبية من التهديدات، ومن المخاطر الكارثية على العاصمة، ويحتاج إلى جهود سريعة لو بشكل مؤقت للمراجعة وللتقييم له والحد من السلبيات منه على استدامة المكون الطبيعي والمكون الثقافي والمكون الاقتصادي والاجتماعي للمدينة وبتعزيز صموده وبالتحصين له.
ولفت إلى أن العاصمة الأقدم في التاريخ تستحق أن تواكب حركة التقدم والرقي والتنافسية المستدامة بالحياة المعاصرة والمزدهرة، وأن تسير قُدماً نحو المستقبل الأفضل.
وأكد على الإسراع بإعداد مصور عام جديد لمدينة دمشق وتشكيل لجنة فنية تخصصية للمساهمة في إعداد الدراسة، منوهاً بأن الدراسات السابقة لم تعد تتوافق مع التغيرات الحاصلة، كما أن آخر مشروع جرى العمل عليه لإعداد مصور عام جديد قبل سقوط النظام البائد بأشهر قليلة لم يكتمل.
تدعيم الخبرات المحلية
بدوره لفت المهندس المعماري سمير هيلم إلى أنه لابد حين الإعداد للمخطط، والبدء بالخطوات التنفيذية يجب مراعاة طبيعة دمشق ومحيطها الحيوي، ووضع معايير جديدة وفق متطلبات المرحلة الحالية، والمخالفات التي نجمت عن الدراسات السابقة، والفجوة من عام 2010 وحتى عام 2024 من تغيير ديموغرافي واجتماعي وتوسع وازدياد للعشوائيات، مع التوقع المستقبلي، والاعتماد على المؤشرات وتصاميم الدراسات التي قدمت مع تغيير المعلومات وتطويرها وفقاً للواقع الراهن.
إضافة لضرورة الاعتماد على تدعيم الخبرات المحلية باستشاريين ذوي خبرة من الخارج، على أن يدرس وضع مصور لدمشق مع المحيط الحيوي، ودراسة موضوع تنظيم مناطق المخالفات العشوائية بالتوازي مع المصور العام لدمشق، مؤكداً على أن المصور بحاجة إلى إدارة تنفيذ تراعي الجدوى الاقتصادية، وأن ملف مناطق المخالفات هو الملف الملح حالياً، كما أننا بحاجة إلى أدوات جديدة لتناول ملفات ملحة نعاني منها، مع التأكيد على الخبرات الوطنية.