الثورة – رولا عيسى:
تحت عنوان “الزراعات النظيفة والمستدامة وآثارها الإيجابية على الصحة والسلامة”، أقامت مؤسسة حقولنا الخضراء للمشاريع الزراعية والحيوانية المستدامة محاضرة ضمن برنامج أسبوعي توعوي لتطوير وتحسين سبل الزراعة في سوريا.
قدم المحاضرة رئيس دائرة الإنتاج العضوي في وزارة الزراعة- رئيس مجلس أمناء المؤسسة السورية للزراعة التجددية ودعم العمل المناخي (مستدام) الدكتور مازن المدني.
ولفت إلى أنه في ظل التحديات البيئية والصحية التي تواجه العالم، أصبحت الزراعات النظيفة والمستدامة خياراً ضرورياً لضمان غذاء آمن وصحي، مشيراً إلى أن هذه الزراعات تعتمد على ممارسات تقلل من استخدام المواد الكيميائية الضارة، وتحافظ على الموارد الطبيعية، ما ينعكس إيجاباً على صحة الإنسان وسلامة البيئة.
واستعرض أهم محاور الزراعات النظيفة وتأثيرها على الغذاء، التلوث، صحة المستهلك، وكيفية اختيار المنتجات الآمنة.
الغذاء الآمن والزراعات المستدامة
وأوضح الدكتور المدني أن الزراعات المستدامة تركز على إنتاج غذاء خالٍ من الملوثات الكيميائية والهرمونات الضارة، مثل: الخضراوات والفواكه العضوية التي تُزرع دون مبيدات حشرية مصنعة، كذلك المنتجات الحيوانية من حيوانات تُربى في بيئات نظيفة وتتغذى على أعلاف طبيعية، منوهاً بأن هذه الممارسات تقلل من مخاطر الأمراض المرتبطة بالغذاء، مثل التسمم الغذائي والحساسية.
وعن الملونات الصناعية وأضرارها أشار إلى أنه تستخدم بعض المنتجات الزراعية التقليدية ملونات صناعية ومواد حافظة لتحسين المظهر وزيادة مدة الصلاحية، لكنها قد تسبب اضطرابات هضمية، وأمراضاً تحسسية، وتأثيرات سلبية على نمو الأطفال، بينما تعتمد الزراعات النظيفة على ألوان طبيعية مستخلصة من النباتات، ما يجعلها أكثر أماناً.
وتطرق رئيس دائرة الإنتاج النباتي والحيواني إلى التلوث الزراعي ومسبباته، إذ ينتج التلوث في الزراعة التقليدية عن المبيدات الكيميائية التي تتراكم في التربة والمياه، والأسمدة الاصطناعية التي تسبب تلوث المياه الجوفية، كذلك النفايات الزراعية غير المُدارة التي تؤدي إلى انبعاث غازات ضارة، كما أن الزراعة المستدامة تقلل هذه المخاطر باستخدام تقنيات مثل التسميد العضوية والمكافحة الحيوية للآفات.
وبخصوص آثار الزراعات النظيفة على صحة المستهلك بيَّن الخبير المدني أن المنتجات الناتجة عن هذه الزراعات تتميز بـقيمة غذائية أعلى لاحتوائها على مضادات أكسدة أكثر، وانعدام أو انخفاض المواد المسرطنة مثل النترات والمبيدات، كذلك تعزيز المناعة بسبب خلوها من المواد الكيميائية الضارة، ما يقلل من أمراض السرطان، الاضطرابات الهرمونية، والأمراض المزمنة.
الحصول على منتجات آمنة
ولجهة الممارسات الآمنة وضمان جودة الغذاء والحصول على منتجات آمنة، أكد أنه يجب اتباع بعض الخطوات وهي التحقق من الشهادات مثل العضوية (Organic أو GAP)، ممارسات الزراعة الجيدة، وقراءة الملصقات الغذائية وتجنب المنتجات التي تحتوي على مواد حافظة أو ملونات صناعية، كذلك اختيار المنتجات الموسمية والمحلية لأنها أقل تعرضاً للمواد الكيميائية لحفظها، غسل الفواكه والخضروات جيداً لإزالة بقايا المبيدات.
ويشير الدكتور المدني إلى أن الزراعات النظيفة والمستدامة ليست مجرد توجه بيئي، بل هي استثمار في صحة الإنسان وسلامة الكوكب، من خلال اختيار المنتجات الآمنة ودعم المزارعين الذين يتبعون ممارسات مستدامة، يمكننا تقليل التعرض للمواد الضارة والتمتع بحياة أكثر صحة. وقال: لذا، فلنبدأ اليوم باختيارات واعية لحماية أنفسنا وأجيالنا القادمة.
هذا وتمحورت مداخلات الحضور حول توفر الأمطار الكافية لنمو المحاصيل، فهناك الكثير من المناطق تتطلب الري، ولكي تصبح أنظمة الري مستدامة، فإنها تتطلب إدارة سليمة (لتجنب ملوحة التربة) وتجنب استخدام كميات من المياه الموجودة في المصادر أكبر من الكميات التي تتجدد طبيعياً، وإلا ستصبح مصادر المياه فعلياً من الموارد غير المتجددة.
كذلك ناقش الحضور أهمية اتخاذ العديد من الخطوات لتطوير أنظمة الزراعة المقاومة للجفاف حتى في السنوات العادية، ويشمل ذلك كلاً من السياسة والإجراءات الإدارية، وهذه الخطوات يمكن أن تكون في تحسين إجراءات حفظ المياه وتخزينها، أو تقديم حوافز لتشجيع اختيار أنواع من المحاصيل تتحمل الجفاف، أو استخدام أنظمة ري صغيرة الحجم، أو إدارة المحاصيل لتقليل الفاقد من المياه.
تصورات اقتصادية
ومن الناحية الاقتصادية تركزت المداخلات على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للاستدامة، مع الأخذ في الاعتبار الموارد الطبيعية المحدودة بأي تكلفة محددة وفي أي موقع محدد، فإن الزراعة التي تفتقر إلى الكفاءة أو المضرة بالموارد المطلوبة تستنفذ في نهاية المطاف الموارد المتوفرة أو تضعف القدرة على تحمل تكلفتها والحصول عليها، كما أنها قد تُحدث آثاراً خارجية سلبية مثل التلوث، فضلاً عن التكاليف المالية والإنتاجية.
علاوة على ذلك، يجب تفسير طريقة بيع المحاصيل ضمن معادلة الاستدام، فـالغذاء الذي يُبَاع محلياً لا يتطلب طاقة إضافية للنقل (بما في ذلك المستهلكون). أما الغذاء الذي يُبَاع في أماكن بعيدة، سواء في أسواق المزارعين أو في المراكز التجارية، فيؤدي إلى تكبد مجموعة أخرى من تكاليف الطاقة، مقابل المواد والعمالة والنقل.
كذلك رأت المداخلات أن نوع المحصول ومكان زراعته وكيفية زراعته يجب أن تكون أموراً متروكة لحرية الاختيار، ومن بين العديد من الممارسات الممكنة للزراعة المستدامة تطبيق الدورة الزراعية وتعديل التربة، وكلاهما مصمم لضمان حصول المحاصيل التي تُزْرَعُ على العناصر المغذية الضرورية للنمو الصحي، وتشمل تعديلات التربة استخدام الأسمدة العضوية المتوفرة محلياً من خلال مراكز إعادة التدوير المجتمعية، وتساعد مراكز إعادة التدوير المجتمعية في إنتاج الأسمدة العضوية المطلوبة في الحقول العضوية المحلية.