الثورة – ناديا سعود:
تترقب الأوساط الاقتصادية والقانونية ما ستؤول إليه التوصيات النهائية للجنة المشكلة لدراسة قانون توحيد الضرائب والرسوم العقارية، بعد إعلان وزارة المالية عن مقترح هام يقضي بإلغاء الإشعار البنكي المفروض في عمليات البيع العقاري، والذي يُعدّ من أبرز العراقيل التي أثقلت كاهل المواطنين وعطّلت حركة سوق العقارات في البلاد.
الإشعار البنكي الذي فرضته القوانين السابقة، والذي ينص على ضرورة إيداع 50 بالمئة من القيمة الرائجة للعقار في حساب مصرفي وتحويلها عبر إشعار بنكي إلى حساب البائع، تسبب- وفق مراقبين- في شلل جزئي في قطاع العقارات، وخلق بيئة تدفع كثيرين للتهرب من الإجراءات الرسمية. وما زاد من تعقيد المشهد هو عدم التزام المصارف بتنفيذ تعميم سابق بالسماح بسحب 25 مليون ليرة سورية من حصيلة بيع العقار، بحجة نقص السيولة، ما أثار استياءً شعبياً واسعاً وأدى إلى تآكل ثقة المواطنين بالمصارف.
الشارع يرحب
في استطلاع لصحيفة الثورة مع عدد من المواطنين في مراكز خدمة العقارات، عبّر كثيرون عن ارتياحهم للمقترح، واصفين إياه بأنه “خطوة في الاتجاه الصحيح”. وسيم محمد، متقاعد، باع منزله منذ عامين، قال: اضطررت لأخذ حكم قضائي بالبيع حتى أتهرب من الإشعار البنكي.. البنك لم يسمح لي بسحب إلا جزء بسيط من المبلغ، والباقي ظل معلقاً، لو ألغي هذا الإشعار بالتأكيد الناس ستعود للبيع والشراء بشكل رسمي من دون خوف أو تهرب.. أما أبو هادي، صاحب مكتب عقاري، فأكد أن المقترح “سينعش المهنة”، مشيراً إلى أن كثيراً من عمليات البيع حالياً تتم بشكل غير رسمي، أو تسجل كهبة، وهذا خطر قانوني للطرفين، الإلغاء سوف يعيد الثقة بالإجراءات الرسمية ويزيد الحركة بالسوق.
نزيه. م محامٍ مختص في القضايا العقارية، نوّه بأن الإجراء لن ينشط السوق فقط، بل سيساهم أيضاً في تخفيف العبء عن القضاء خلال العامين الماضيين، عشرات آلاف الدعاوى رُفعت فقط لتثبيت بيع تهرباً من الإشعار البنكي، وإلغاء هذا الشرط سيريح المحاكم، ويوفر الوقت والجهد والمال للمواطنين والدولة.
تحريك سوق العقارات
وفي تصريح خاص لـصحيفة الثورة أوضح الخبير المصرفي أنس فيومي أن إلغاء الإشعار البنكي يشكل نقطة مفصلية مهمة لتحريك سوق العقارات، خصوصاً إذا ما جرى إقراره استناداً إلى التوصيات التي خرجت بها اللجنة المعنية.
وأضاف: إن لهذا الإجراء انعكاسات إيجابية تتجاوز السوق العقارية لتطال القطاع القضائي، إذ سيُخفف من الضغط على المحاكم التي اضطرت في السنوات الماضية للتعامل مع آلاف القضايا المتعلقة بالبيع العقاري أو نقل الملكية عبر طرق بديلة كالهبة، في محاولة للتهرب من الإشعار البنكي الذي يفرض حجز 50 بالمئة من القيمة الرائجة للعقار ضمن قيود مصرفية.
وأشار المحامي فيومي إلى أن الإشعار البنكي كان يشكل عبئاً ثقيلاً على البائعين، نظراً للقيود المفروضة على عمليات السحب من المصارف، ما حال من دون تمكينهم من الوصول إلى كامل قيمة العقار المُباع.. ورغم صدور تعميم سابق بالسماح بسحب مبلغ يصل إلى 25 مليون ليرة سورية من إيداعات البيع العقاري، إلا أن عدم التزام بعض المصارف بهذا التعميم بحجة نقص السيولة فاقم من أزمة الثقة لدى المواطنين ودفعهم للبحث عن طرق التفافية قانونية للانتقال.
وإذ أثنى على جدية اللجنة المشكلة، أكد فيومي أن الأخيرة تدرس بشكل مهني السلبيات التي أفرزتها التشريعات السابقة، إضافة إلى العراقيل التي واجهها الأفراد والمؤسسات في هذا المجال، وختم بالقول: إن المؤشرات الأولية الصادرة عن أعمال اللجنة تبعث على التفاؤل، وتعدّ بتوصيات عملية فعالة فور بدء تنفيذها عبر مديريات المالية والمصالح العقارية المعنية بنقل الملكية.