انتعاش التعاون الاقتصادي بين دمشق والرياض مدعوماً بالإرادة السياسية

الثورة- ترجمة ختام أحمد:

أعلن وفد سعودي يزور دمشق، أمس الأربعاء عن صفقات استثمارية وشراكة بقيمة 5 مليارات دولار للمساعدة في إعادة إعمار سوريا التي مزقتها الحرب.

وحضر وفد يضم نحو 150 مستثمراً وممثلاً عن القطاعين العام والخاص السعودي، برئاسة وزير الاستثمار خالد الفالح، منتدى في دمشق، وذكرت وكالة فرانس برس نقلاً عن بيان صادر عن وزارة الاستثمار السعودية أن “الاستثمارات المعلنة، والتي تقدر قيمتها بنحو 19 مليار ريال سعودي (حوالي 5 مليارات دولار)، تشمل قطاعات حيوية واستراتيجية، بما في ذلك العقارات والبنية التحتية والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والنقل والخدمات اللوجستية والصناعة والسياحة والطاقة والتجارة”، وغيرها.

وقالت الوزارة يوم الثلاثاء، إن منتدى دمشق يهدف إلى “استكشاف فرص التعاون وتوقيع اتفاقيات تعزز التنمية المستدامة وتخدم مصالح الشعبين الشقيقين”.

وتؤكد زيارة الوفد السعودي دعم المملكة المتزايد لجهود التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار في سوريا.

وفي إطار الزيارة افتتح الفالح ووزير الاقتصاد السوري محمد نضال الشعار مصنع الفيحاء للإسمنت الأبيض في مدينة عدرا الصناعية، وهو الأول من نوعه في سوريا، وبدعم من استثمار بقيمة 20 مليون دولار من شركة أسمنت المنطقة الشمالية بالمملكة العربية السعودية، من المقرر أن ينتج المصنع الأسمنت الأبيض عالي الجودة مع خلق 130 فرصة عمل مباشرة، وأكثر من 1000 فرصة عمل غير مباشرة.

وقال عبيد السبيعي الرئيس التنفيذي لشركة اسمنت المنطقة الشمالية: “إن إطلاق هذا المشروع يعكس التزامنا بإعادة إعمار سوريا وفتح آفاق جديدة للاستثمار الإقليمي”، وستقوم المملكة أيضاً بتمويل بناء برج الجوهرة، وهو ناطحة سحاب مكونة من 32 طابقاً في وسط العاصمة السورية دمشق، ويمثل المشروع، الذي يمتد على مساحة 25 ألف متر مربع، بتكلفة تقديرية تتجاوز 100 مليون دولار، أحد أهم الاستثمارات السعودية في سوريا.

وفي نيسان الماضي، أعلنت المملكة العربية السعودية وقطر عن مبادرة مشتركة لتسوية ديون سوريا البالغة 15 مليون دولار للبنك الدولي، كجزء من جهود أوسع لدعم التعافي المالي للدولة التي مزقتها الحرب، وفي الشهر الماضي، أجرى الفالح اجتماعاً افتراضياً مع وزير الاقتصاد السوري محمد الشعار، وناقشا فرص التعاون في القطاعين العام والخاص.

كما عدلت الحكومة السورية هذا الشهر قانون الاستثمار في البلاد، في خطوة من المتوقع أن تدعم المزيد من الاستثمار المحلي والأجنبي، وقال الشعار خلال زيارة وفد سعودي الأسبوع الماضي: إن القانون الجديد يوفر بيئة قانونية جاذبة تشجع دخول رؤوس الأموال، وفق ما ذكرته سانا، مؤكداً أن القانون سيدعم عملية الاستثمار ويعزز دور القطاع الخاص في إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية.

وبحسب بيانات رسمية صادرة عن الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، احتلت سوريا المرتبة 53 بين أكبر وجهات الصادرات السعودية في نيسان، حيث ارتفعت الصادرات غير النفطية بنسبة 153.3% على أساس سنوي لتصل إلى 81.9 مليون ريال، وتتكون هذه الصادرات بشكل أساسي من المنتجات البلاستيكية والمطاطية بنسبة 33%، والمنتجات النباتية بنسبة 26%، والمواد الغذائية الجاهزة والمشروبات والتبغ بنسبة 14%.

وتشتمل الصادرات المتبقية على مجموعة متنوعة من المنتجات الكيميائية، والمواد المصنوعة من الحجر، والأسمنت، والسيراميك، والزجاج، ما يعكس التنوع المتزايد في تدفقات التجارة.

وعلى صعيد الواردات، جاءت سوريا في المرتبة 60 بين الدول الموردة للسلع إلى المملكة العربية السعودية، حيث بلغ إجمالي الواردات 78.5 مليون ريال سعودي في نيسان، بزيادة حادة بلغت 149.7% على أساس سنوي، ويتكون الجزء الأكبر من هذه الشحنات من المنتجات الحيوانية والنباتية والزيوت والدهون الصالحة للأكل والأغذية والمشروبات المصنعة، ما يشير إلى الأهمية المتزايدة لقطاع الزراعة والأغذية الزراعية في سوريا بالنسبة للسوق السعودية، يأتي هذا النمو الأخير في حجم التجارة في أعقاب التطور السريع في العلاقات السياسية بين الرياض ودمشق.

وفي أيار 2024، أعادت المملكة رسمياً فتح سفارتها في سوريا بعد انقطاع دام 12 عاماً عقب اندلاع الصراع السوري عام 2011، ولا تقوم المملكة العربية السعودية بتصدير النفط إلى سوريا في المقام الأول بسبب نظام العقوبات الشامل الذي فرض على الحكومة السورية في أعقاب اندلاع الحرب في عام 2011، ورغم أن سوريا كانت تنتج وتصدر كميات كبيرة من النفط في السابق، فإن الحرب والعقوبات أدت فعليا إلى القضاء على قدرتها التصديرية بعد أواخر عام 2011.

إن مضاعفة حجم التجارة على أساس سنوي، سواء في الصادرات إلى سوريا أو الواردات منها، يوضح مدى السرعة التي يمكن بها أن ينتعش التعاون الاقتصادي عندما يكون مدعوماً بالإرادة السياسية.

قبل اندلاع الصراع السوري في عام 2011، كانت البلاد تتمتع بعلاقات تجارية قوية مع المملكة العربية السعودية، حيث بلغ حجم التجارة الثنائية ذروته عند حوالي 1.3 مليار دولار في عام 2010، ما جعل المملكة واحدة من أهم شركاء سوريا التجاريين قبل بدء الحرب، وفقاً لمقال نشرته صحيفة كريستيان ساينس مونيتور عام 2023.

وتؤكد بيانات البنك الدولي من مؤسسة الحلول التجارية العالمية المتكاملة أن سوريا صدرت سلعاً بقيمة 543 مليون دولار إلى المملكة العربية السعودية في عام 2010، وهو ما يؤكد عمق العلاقات التجارية بينهما في ذلك الوقت، وتضمنت الصادرات السعودية إلى سوريا بشكل أساسي مشتقات النفط والبتروكيماويات والزيوت النباتية والتمور، في حين صدرت سوريا الفواكه والخضروات والماشية والمنسوجات والأثاث إلى المملكة.

وكان البلدان من الأعضاء المؤسسين لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، ما سهل خفض التعريفات الجمركية والتجارة عبر الحدود، كما استثمر المستثمرون السعوديون أكثر من 700 مليون دولار في مشاريع مشتركة داخل سوريا حتى أواخر التسعينيات، وانهارت هذه العلاقات بعد الحرب والعقوبات والانقطاعات الدبلوماسية، ومع التطبيع الأخير والزيارات رفيعة المستوى، يستعيد البلدان الآن علاقتهما الاقتصادية على أساس هذه الشراكة القوية سابقاً.

   المصدر- ArabNews

آخر الأخبار
المئات من أهالي العنازة بريف بانياس يقولون كلمتهم: سوريا واحدة موحدة ويجمعنا حب الوطن مشاركة لافتة للمغتربين في "كيم أكسبو".. أثبتوا جدارتهم في السوق الدولية فرنسا تلغي مذكرة التوقيف بحق المخلوع  الأسد وسط تصاعد المطالبات بالمحاسبة الدولية فعاليات من اللاذقية لـ"الثورة": سيادة القانون والعدالة من أهم مرتكزات السلم الأهلي وزير الاستثمار السعودي يطلع على الموروث الحضاري في متحف دمشق الوطني مذكرة تفاهم سياحي بين اتحاد العمال وشركة "لو بارك كونكورد" السعودية كهرباء ريف دمشق تتابع إصلاح الأعطال خلال يوم العطلة وزير الاستثمار السعودي يزور المسجد الأموي محافظ درعا: استقبلنا نحو 35 ألف مهجر من السويداء ونعمل على توفير المستلزمات باريس تحتضن اجتماعاً سورياً فرنسياً أمريكياً يدعم مسار الانتقال السياسي والاستقرار في سوريا فيصل القاسم يدعو إلى نبذ التحريض والتجييش الإعلامي: كفانا وقوداً في صراعات الآخرين الحفاظ على السلم الأهلي واجب وطني.. والعبث به خيانة لا تغتفر  الأمن الداخلي يُجلي عائلة أردنية علقت في السويداء أثناء زيارة لأقاربها "الصمت الرقمي".. كيف غيّرت وسائل التواصل شكل الأسرة الحديثة؟  عودة اللاجئين السوريين.. تحديات الواقع ومسارات الحل  نائبة أميركية تدعو لإنهاء "الإبادة الجماعية" في غزة وئام وهاب… دعوات للعنف والتحريض الطائفي تحت مجهر القانون السوري الأمم المتحدة ترحب برفع العقوبات عن سوريا وتعتبرها خطوة حاسمة لتعافي البلاد الاستثمار السعودي حياة جديدة للسوريين ..  مشاريع استراتيجية لإحياء العاصمة دمشق  الباحثة نورهان الكردي لـ "الثورة": الاستثمارات السعودية  شريان حياة اقتصادي لسوريا