الثورة – فردوس دياب:
لا نجانب الصواب إذا ما أكدنا أن الوطن هو ذلك الجامع المانع، الجامع لكل ألوانه وأطيافه المتعددة ومكوناته المتنوعة، وهو الحامي لكل ما يهدد كليته بالتفتيت والتمزق، فكيف نتجاوز مصطلح الطائفية والخروج من نفقها المظلم إلى الآفاق الرحبة للوطن، والعودة إلى التمسك بالقيم والجذور والأخلاق التي تجمعنا وتحمينا وتصوننا، وتحرم دماءنا على بعضنا البعض، هذه العناوين وغيرها كانت محور لقائنا مع الأستاذة في كلية الآداب بجامعة دمشق- قسم الفلسفة،الدكتورة رشا شعبان، والتي أكدت على ضرورة أن ينبذ أبناء المجتمع كل أشكال وصور التفرقة، لأنها تودي إلى المهالك، وأن الانتماء الوحيد الذي يجب على جميع السوريين أن يعتنقوه، هو الوطن ولا شيء غيره، فهو كان ولايزال الركيزة الأساسية للتماسك والقوة ونماء المجتمع والدولة، خصوصاً في الظروف الصعبة والانتقالية التي تتطلب منها التلاحم والتآخي لإنقاذ أنفسنا وبلدنا.
وعن الآثار السلبية والسيئة التي تتركها “الطائفية”، بينت شعبان، أن المجتمعات التي يحكمها التعصب الطائفي ونبذ الآخر، تؤدي إلى انقسام وتعقيد حالة المجتمع إلى جماعات متخاصمة، كما أنها تؤدي إلى تفكك وتمزق النسيج الاجتماعي وتداعي أركانه البنيوية الأساسية، هذا بالإضافة إلى عجز الدولة عن تحقيق أبسط أهدافها ومهامها وواجباتها، ناهيك عن ظهور المشكلات الاجتماعية المختلفة، كالفقر والمرض والجهل وغياب الأمن الاجتماعي وتصدع كيان المجتمع وانهيار بنائه الاجتماعي، مع احتمال نشوب صراعات تأخذ أوجهاً مختلفة، فالتشدد بالانتماء لأي مكون من شأنه أن يجمد حركة الفرد والمجتمع وتجعله غير قادر على بلوغ أهدافه القريبة والبعيدة.
التنوع غنى ومناعة
وأكدت الدكتورة شعبان على أن القوة الحقيقية هي في وحدة الوطن، وفي التنوع الذي يقوي قلاع الوطن وحصنه، لكن حين يكون الداخل منقسماً ينهار الوطن لأن بلدنا في هذا الوقت تهدده أفكار المشروع التقسيمي الذي يحاك ضده.وأوضحت أن هناك محاولات لتجنيد الإعلام المضاد ووسائل التواصل الاجتماعي لبث الشائعات التي تبث الفرقة والكراهية والحقد بين مكونات الوطن الواحد ليسهل ابتلاعه وتفتيته، كما ذكرنا، وحين تتوهم كل فرقة أو طائفة أو إثنية أن الآخرعدوها، وتشرع ببناء الحواجز النفسية والاجتماعية، وتعتقد وتتخيل في خيالها الواهم أنها تقوى بذاتها، فإنها تكون ذلك قد دفعت بنفسها إلى الهاوية.
واستطردت شعبان بالقول:” إن السلاح الذي نرفعه في وجه بعضنا البعض، يجب أن يكون في وجه عدونا، لا في وجه بعضنا، لأن ذلك انتحار بكل معنى الكلمة، وكل قطرة دماء تسيل وتهدر على تراب الوطن فهي قتال عبثي بين بعضنا وعلى بعضنا هي حرام.
وهذا ما أكد عليه شيوخنا الأكارم والتي أفتت بحرمة الدم السوري على السوري حرام، فالنار الذي نشعلها هي نار تحرقنا على الأرض.
وختمت الدكتورة شعبان بالقول: إن الوطن للجميع ويجب أن يكون الانتماء للأرض والوطن وليس لأشخاص معينين، لأن الولاء يتغير والانتماء ثابت ومن الاستحالة بناء الاستقرار الذي يؤسس لبناء العقول والبنى المادية والقدرات البشرية في مجتمعات النزاع الطائفي والإثني، وحين نرفع الشعارات الطائفية التي تنمو على حساب الأوطان تذهب قدراتنا ونهدم استقرارنا الوطني وتضعف الدولة.