الثورة – عبد الحميد غانم:
تشكل مذكرة التفاهم الاستراتيجية الموقعة بين وزارتي الطاقة السورية والسعودية، بهدف تعزيز التعاون الثنائي في مجالات الطاقة المتنوعة نقلة نوعية في مسار العلاقات السورية السعودية، وتفتح آفاقاً جديدة للاستثمار المشترك في قطاعات الطاقة، في إطار تحقيق التكامل وتعزيز الأمن والاستقرار الطاقي في المنطقة.
حول أهمية المذكرة وانعكاساتها على العلاقات الاقتصادية بين البلدين وعلى أهمية قطاع الطاقة والنهوض الاقتصادي في سوريا، أشار الخبير الاقتصادي والمصرفي الدكتور إبراهيم نافع قوشجي إلى أنه بعد عقدٍ من الحرمان، شهدت سوريا تدهوراً متراكماً في قدرتها على تأمين الطاقة الكهربائية والنفطية، إذ دفع السوريون مليارات الدولارات لشراء بدائل لا ترقى إلى مستوى الحاجة الحقيقية، حتى باتت أسواق الظل للطاقة عنواناً للمعاناة اليومية خلال السنوات الماضية.
وأكد قوشجي في حديث لـ”الثورة”، أن توقيع مذكرة التفاهم الاستراتيجية بين وزارة الطاقة السورية ونظيرتها السعودية تجسّد نقطة تحول بالغة الأهمية؛ إذ تُقدّم المملكة العربية السعودية خبرتها العالمية في إدارة الطاقة واستقرار أسواقها، إضافة إلى الموارد الاستثمارية والتقنية اللازمة لمعالجة الثغرات الفادحة في البنى التحتية السورية.
الأمن الطاقي
وعلى الصعيد الفني للمذكرة، أكد قوشجي أن التعاون يفتح آفاقاً لإعادة تأهيل المحطات الكهربائية وترميم شبكات النقل والتوزيع، والاستفادة من خبرات الشركات السعودية في مجال التنقيب عن الغاز ومشاريع الطاقة المتجددة، مشيراً إلى أن هذا الاتفاق يعزِّز فرص إنشاء محطات شمسية ورياح، تدعم خطة سوريا لتحقيق الأمن الطاقي وتنويع مصادر الدخل الوطني. وبين أنه في المقابل، سيجد القطاع الخاص السعودي بيئةً واعدة للاستثمار في حقول النفط والغاز، وربط الأسواق السورية بالشبكات الإقليمية، مما يخلق ديناميكية اقتصادية مشتركة.
وأوضح أن أثر المذكرة يتجاوز حدود ميزانيات الطاقة لتشمل محاور الاقتصاد الكلي؛ فالاستقرار في الطاقة سيخفض تكلفة الإنتاج الصناعي والزراعي، ويمكّن الصناعات التحويلية من استعادة قدراتها التنافسية، ومنح الشباب السوري فرص عمل حقيقية، إضافة إلى ذلك، فإن التخفيض من الاعتماد على الاستيراد يُحسّن ميزان المدفوعات ويقلل العجز المالي، وهو ما سينعكس إيجاباً على السيولة المصرفية وعلى سعر صرف الليرة السورية.
علامة فارقة
وأكد قوشجي أن هذه المبادرة تُعَدُّ علامة فارقة في مسار العلاقات السورية – السعودية، إذ تُمهد لمرحلة جديدة من الانفتاح والتنسيق على مستوى صنع القرار الاقتصادي، وتؤسس لآليات تعاون دائمة عبر لجان مشتركة تُعنى بمتابعة تنفيذ المشاريع وتذليل العوائق الإدارية. في المحصلة، نوه قوشجي، أن مذكرة التفاهم ستعيد صياغة أولويات التنمية في سوريا، عبر مقاربة شاملة ترتكز على الطاقة كمحرّك رئيس للاقتصاد الوطني.
لافتاً إلى أنه مع تبلور آثارها على الأرض، سيشعر المواطن بانعكاساتها المباشرة في مستوى خدمات الكهرباء والوقود، بينما يبدأ المشهد الاقتصادي السوري رحلة تعافٍ على وقع التشاركية العربية.