الثورة – غصون سليمان:
لم يقف طموحها عند تحصيلها الدراسي في العلوم الصحية “اختصاص صيدلة”، بل عمدت إلى، فتح مسارات معرفية أخرى في إدارة الأعمال من بوابة التعليم المفتوح، إلى جانب حصولها على عدة دبلومات في علم القيادة من الدكتور الخبير مهند عوكل في مؤسسة التنمية للتعليم والتطوير .

لمى المحايري السيدة السورية التي شقت طريق العمل بروح الشغف والمحبة وعملت على تطوير مهارات الإبداع لديها بقربها من الواقع الذي ترجمت “خباياه” بطرق وأساليب مختلفة، فأثناء دراستها للقيادة تفجرت لديها أفكارعديدة خاصة وأنها عملت بمهنتها الصيدلة ما يقارب السنوات العشر بين المؤسسات العامة والعمل الخاص، ومن ثم انتقلت للتعليم، وأخذت على عاتقها تدريس المرحلة الابتدائية “الشريحة الأكثر تأثراً بمتغيرات الواقع ضمن المواد الاختصاصية العلوم والرياضيات”.
وأثناء التدريس لهذه الشريحة لاحظت بعض السلوكيات الإيجابية والسلبية عند الأطفال في آن معاً، ما وضعها أمام قاعدة مجهرية كيف لها أن تحول فكرة السلوك الإيجابي إلى فعل حقيقي ومستدام يمارس في المنزل، والمدرسة، والشارع، والحديقة وكل المجتمع، ليصبح السلوك أسلوب حياة ملموساً في نهاية المطاف، بمعنى.. كيف لنا أن نساعد هؤلاء الأطفال بتجاوز الأفكار والقناعات السلبية والتي تدفعهم بدورها للمارسات السلبية.
في حديثها الموسع لصحيفة الثورة، وبناء على ما تقدم تؤكد الأستاذة محايري وجهة نظرها من أن علم القيادة حاجة ضرورية في نهضة المجتمعات ، وهذا ما تركز عليه الادارة الجديدة سواء على مستوى قيادات الصف الاول وصولا الى جميع العاملين في الدولة بمختلف القطاعات.
وبينت أننا نحن الكبار ربما أخذنا مجدنا من التفاعل مع الحياة وتحمل المسؤولية إلى حد ما، كما يقال ضمن ظروف مختلفة، لكن مازلنا أنفسنا مقصرين تجاه صغارنا.
من هنا اشتغلت على الفكرة تقول محايري، وعملت على إدخال مفهوم القيادة عند الطفل ضمن عملي وفق أسلوب يخدم مجالات الحياة ويكون قريباً من مفاهيمها، لأن الطفل ذكي بالفطرة، وقادر على الاستيعاب.
مضيفة: إنه من غير المنطقي أن نتحدث عن أعراض المرض من دون تشخيصه بشكل صحيح يقودنا لمعرفة الأسباب وبالتالي تحديد العلاج المناسب ، وهذا ما نحتاجه إلى حد كبير، والأعراض لدينا هي السلوك السلبي للشخص ، حسب رؤية الأستاذة محايري، كأن نهدر بلا وعي المياه والكهرباء، ونعبث بالأملاك العامة والخاصة، إضافة لعدم احترام رأي الآخرين مع عدم الإدراك خطورة ذلك في نفس الوقت، وبالتالي فإن معالجة الأسباب المؤدية للسلوكيات السابقة وتعديل التصرفات السلبية لمن يمتهنها هي ضرورة وحاجة لا يمكن التغافل عنها.
وإذا ما سألناها حول أن الجيل الذي يقدر بالملايين اليوم كيف نستطيع أن نعالج مشكلاته؟ الجواب برأي الاستاذة محايري، يمكن ذلك من خلال التركيز بداية على الجيل الصغير حيث نغرس ونرسخ في ذهنه مفهوم الدور القيادي، ونعمل على صناعة القادة الصغار من خلال التعليم والتدريب القيادي ومدها بجسور ومجالات حياتنا والتي تختم المجتمع على نطاق واسع .
فالطفل حين نعلمه وندربه على مهارات القيادة منذ صغره، لاشك أنه يوافق سلوكه حين يكبر بالطريقة التي يحتاجها وفق ميوله ومساره العملي في جميع مجالات المجتمع يما ذلك العلاقات :بمعني يصبح قادراً على الاستثمار في الدورالذي اختاره بشكل صحيح وبالتالي تكون إنتاجيته عالية.
أزمة إنتاجية
ورداً على سؤالنا لدينا أزمة إنتاجية..؟ تجيب الاستاذة محايري بنعم، لطالما نلحظ بوضوح كيف أن هناك أناساً تعمل لساعات طويلة، وإذا ما نظرنا للإنتاج نراه متواضعاً جداً، وربما لا يكون إنتاجاً بمعنى القيمة الفكرية أو المادية، لماذا؟ لأن الإنتاجية تحتاج الجهد والوقت والتركيز ،وبهذه المفردات الثلاث تتشكل معادلة الانتاجية.
الاستاذة محايري ومن خلال دراستها لمؤسسة التنمية للتعليم والتطوير لاحظت من خلال مقارنة الواقع مع المفاهيم التي تعلمتها هناك افتقارنا كمجتمع بشكل عام إلى منهج عالمي دقيق، أو بمعنى آخر أن الغالبية يعملون بجهد ولا يعملون بذكاء .
ولتجاوز هذه المعضلة رأت أنه من الضروري أن يبنى هذا الفكر عند الأطفال الصغار، واشارت اننا نعاني أزمة فكر وسلوك في ان معا ونستطيع ان نعالجها بنقل المعرفة الصحيحة وتغير القناعات مع تطوير المهارات بدأ من مرحلة الطفولة المبكرة .
العمل التطوعي
وإذا ما طرحنا فكرة العمل التطوعي وأهمية واقع البيئة والمبادرات كضرورة مجتمعية في هذه الظروف، توضح الاستاذة محايري في هذا الإطار أهمية دمج مهارات القيادة مع البيئة أيضاً بمد جسور الربط، فمن صفات القائد يجب أن يكون مبادراً، وواقع البيئة يخدم بشكل كبير صفة المبادرة حين نضع العنوان المناسب والمطلوب الذي نعمل عليه، كأن نستعرض فيديو يربط آلية تجاوب الأطفال واليافعين بالعمل التطوعي في الحفاظ على البيئة، أو نقدم عرض تقديمي عن أي ظاهرة تلامس واقعه المعاش ، بغية تعزيز مستوى العمل الجماعي المطلوب، وفق منهج علمي يتناسب مع الواقع.
وعن دور الأسرة في سياق عملها نوهت بأنها تعمل على موضوع التوعية لكل من تلتقي بهم حسب كل مجال واختصاص، ففي المدارس على سبيل المثال لا الحصر يجب أن تكون البرنامج التوعوية أولوية بما يراعي جميع المراحل ، وكذلك الحال في المؤسسات الأخرى و الكليات العلمية الجامعية.
فالمسألة ليست في نقل العلم والمعرفة فقط وانما حاجتنا الى التدريب من قبل أصحاب الخبرة والاختصاص والكفاءات العالية هي ضرورة لجميع الفئات العمرية ومن كل الاختصاصات ,
وتأكد محايري على مفهوم التدريب لانه يشمل نقل المعرفة الصحيحة وتغير القناعات وتطوير المهارات لينعكس ايجابا عل سلوك الفرد وان يقتنع الناس ان نتائج التدريب تحتاج الصبر والنفس الطويل .
تدريب المدرب
الاستاذة محايرى التي حصلت على عدة دبلومات في القيادة بينت أهمية الخضوع لكورس تدريب المدرب المحترف CPTأيضاً ليكون مؤثراً وفاعلاً وقادراً على نقل المعرفة المطلوبة الى المتدربين، وتحويل تلك المعرفة الى واقع نعيشه ، بمعنى.. نحتاج أن تكون عملية التغيير كاملة و حقيقية نراها في فكر وسلوك كل فرد .
فالتدريب برأيها هو عملية بناء للانسان الصحيح بما يخدم الانسان نفسه والاسره والمجتمع, مؤكدة مراراً أن الأصل في النفس البشرية هو الخير لكن نحتاج الى الوعي لكي يصبح هذا الخير سلوكا ايجابيا حقيقيا ، أي يجب أن يعرف كل شخص كيف يقود نفسه أولاً وهذا ليس صعب بالتأكيد، لأن القيادة لها مصطلحات علمية لنفهمها وتدريبات لنتعلم ممارستها ، و من الضروري أن تأخذها من علماء القيادة لنضمن اكتسابها من جذورها الأصلية.
