الثورة – سيرين المصطفى
بعد سقوط نظام الأسد البائد في الثامن من كانون الأول 2024، بدأت قوافل النازحين بالعودة تدريجياً إلى مناطق ريف إدلب الجنوبي، محمّلين بالأمل في استعادة حياتهم على أرضهم الأصلية.
فقد شكّل الوطن بالنسبة لهم قيمة لا يمكن التفريط بها، مهما بلغت المشقات والتحديات،
دمار شامل يعطّل إعادة الإعمار
واجه العائدون إلى ريف إدلب الجنوبي واقعاً قاسياً، تجلّى في حجم الدمار الكبير الذي طال البنية التحتية والمرافق العامة، إلى جانب فقدان كامل للخدمات الأساسية.
وكان التحدي الأكبر يتمثل في إعادة بناء المنازل التي دمّرتها سنوات الحرب، أو ترميم ما تبقى منها، وهو أمر بدا بعيد المنال لمعظم الأسر، في ظل غياب الدعم وارتفاع التكاليف.
حملات ممنهجة خلفت دماراً متعمداً
قال سكان محليون إن ريف إدلب الجنوبي كان هدفاً لحملات قصف عنيفة، ولاسيما منذ نيسان 2019، عندما شنّ النظام البائد آخر حملاته العسكرية على المنطقة، وصولاً إلى سيطرته عليها حتى أواخر عام 2024، وخلال تلك الفترة، لم تكتف قوات الأسد بالدمار الناجم عن القصف، بل عمدت إلى نهب ممتلكات الأهالي وهدم المنازل لاستخراج الحديد، وصولاً إلى إحراقها انتقاماً من سكانها المعارضين.
منازل مدمّرة وأراضٍ تُباع لأجل البقاء
تقدّر أعداد المنازل المدمّرة بالآلاف في المنطقة، فيما بات العجز عن تأمين مأوى دائم من أبرز الأزمات التي تواجه العائدين. حتى من نجا منزله جزئيًا لم يتمكن من الترميم بسبب الارتفاع الكبير في أسعار مواد البناء، وصعوبة تأمين اليد العاملة التي باتت تكلفتها تفوق طاقة الأهالي، وأُجبر بعض السكان على بيع أراضٍ يملكونها لتغطية تكاليف الإصلاحات، في خطوة قوبلت بحزن عميق، نظراً إلى تمسّك أبناء المنطقة تاريخياً بأراضيهم وحرصهم على الحفاظ عليها كإرث للأجيال القادمة.
عائلات محرومة من العودة
بينما استطاعت بعض الأسر العودة رغم التحديات، بقي كثيرون في المخيمات لعجزهم عن تأمين مسكن، وخاصة مع اتساع حجم العائلات نتيجة الزيجات التي أُبرمت خلال النزوح، ما خلق ضغطاً إضافياً على الحاجة للمساكن، وزاد من حدّة الأزمة السكنية في ريف إدلب الجنوبي.
مطالبات متكررة بدعم حكومي
أطلق العائدون مناشدات متكررة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، دعوا فيها الحكومة السورية الانتقالية، ومحافظة إدلب، وسائر الجهات المعنية، إلى التدخل العاجل لإطلاق مشاريع إعادة إعمار شاملة، أو تقديم تعويضات للعائلات المتضررة، بما يضمن لهم فرصة حقيقية لاستئناف حياتهم واستقرارهم بعد سنوات من النزوح والحرمان.
ومع تصاعد الأصوات المطالبة بالدعم، لا يزال الأهالي في انتظار خطوات ملموسة على الأرض، تنقلهم من واقع الدمار إلى أفق من الأمل والإعمار، لينعم السوريون بحياة كريمة بعد خطوب وتحديات عايشوها لسنوات طويلة بانتظار العودة لأرضهم وديارهم التي حرموا منها.