الثورة – شيرين الغاشي:
في عالم كرة القدم، هناك فِرقٌ تترك بصمة في كل لحظة، وهناك أندية لا يمكن أن يمرّ اسمها دون أن تشعل فيك الحماسة. بوروسيا دورتموند، يعيش كرة القدم بكل جوارحه؛ على أرضه، في “سيغنال إيدونا بارك”، هو هذا الفريق! أسطورة ألمانية في كل شيء؛ لا يعرفون إلا التحدي والمغامرة، في مدينة ومعقل الصناعة في ألمانيا، مع ذلك ثمة أخطاء ترتكبها الإدارة تظهر نتائجها لاحقاً، ربما بعد أعوام، تلتقي مع تحدياتٍ تظهر دائماً قد لا تكون في الحسبان، تعوق نشاطات النادي وتبطئ مسيرته، وتبيّن أنّ عدم التعلم من الأخطاء والدروس السابقة، قد يكون أكثر إيلاماً، من الأخطاء نفسها.
لا بلح حلب ولا عنب الشام
وفي هذا السياق، اتّبع دورتموند في المواسم السابقة سياسة أوصلته إلى الفشل، وعدم حصد الألقاب، لقد اعتاد على استقبال المواهب، وصقلها قبل بيعها إلى الفرق الأوروبية الكبرى، بغية جني عوائد مالية ضخمة، لكن هذا النهج كان له ضريبة مؤلمة، تمثلت في غياب الفريق عن منصة التتويج بالدوري الألماني لأكثر من موسم، ناهيك عن فشله في التتويج بلقب دوري أبطال أوروبا رغم تكرار ظهوره بين الكبار؛ التفريطُ بنجوم كبار ( ليفاندوفسكي، ماتس هوملز، هنريك مختاريان، إيرلينغ هالاند، بلنغهام، سانشو، وآخرين) كانوا قادرين على كتابة فصل أسطوري في تاريخ الأصفر والأسود، أبقى رفوفه بلا كؤوس، وترك جماهيره العاشقة في حسرة وعطش دائم للبطولات، أكثر من ذلك، فقد كشفت صحيفة “بيلد” الألمانية أنّ نادي دورتموند جمّد نشاطه في عقد الصفقات “بسبب غير معتاد” تمثل في مشروع تجديد مطبخ النادي، بقيمة وصلت إلى (11) مليون يورو، مما أثر سلباً على تحركاته في سوق الانتقالات الصيفية، حيث يعيد الفريق ترتيب صفوفه تحت قيادة مدربه الكرواتي نيكو كوفاتش، بعدة صفقات مثيرة.
القادمون
ــ اللاعب الإنكليزي المهاجم جوبي بيلينغهام (19 عاماً) من سندرلاند، بعقد حتى (2030) مقابل (33) مليون يورو، و(5) ملايين يورو حوافز، وبند إعادة بيع بنسبة (15٪).
ــ يان كوتو (23 عاماً) برازيلي يلعب في مركز الظهير الأيمن، قادم من مانشستر سيتي، بعقد حتى (2030) بعد تفعيل بند الشراء مقابل (30) مليون يورو.
ــ اللاعب السويدي، المدافع دانييل سفينسون (23 عاماً) من نوردشيلاند، بعقد حتى (2029) وتفعيل بند الشراء مقابل (6.5) ملايين يورو.
ــ حارس المرمى الألماني، باتريك درويس (32 عاماً) من بوخوم، بعقد حتى (2027) مقابل نحو (250) ألف يورو.
الراحلون
– المهاجم جيمي جيتنز (20 عاماً) إلى تشيلسي، حيث وقّع عقداً حتى عام (2032) مقابل (48.5) مليون جنيه إسترليني، إضافة إلى (3.5) ملايين كحوافز، ونسبة من إعادة البيع مستقبلاً.
– المالي سومايلا كوليبالي (22 عاماً) إلى ستراسبورغ، بعقد حتى (2030) مقابل (7.5) ملايين يورو كرسوم ثابتة، إضافة إلى مليون يورو حوافز.
– الكاميروني يوسف موكوكو (20 عاماً) إلى كوبنهاغن الدنماركي، بعقد حتى (2030) مقابل (5) ملايين يورو.
– لاعب الوسط المهاجم أو جناح، الإنكليزي كارني تشوكويميكا (21 عاماً) إلى تشيلسي؛ نهاية إعارة.
– حارس المرمى البولندي مارسيل لوتكا (24 عاماً) إلى دوسلدورف في صفقة انتقال حر.
وبالعودة إلى نهج النادي في “صقل المواهب وبيعها”، فمن الجدير بالذكر أنّ دورتموند يضم حالياً خمسة لاعبين ستنتهي عقودهم بنهاية الموسم، وهم: نيكولاس زوله، إمري جان، باسكال غروس، صالح أوزكان، وجوليان براندت، وهو ما يضع النادي أمام تحدٍ كبير في إدارة ملف التجديد أو البيع قبل نهاية العقود.
وعليه، ففي ظل محدودية الميزانية التي تتراوح بين (30 و40) مليون يورو، يركّز المديرون الرياضيون على التعاقد مع أهداف محددة، من بينهم فابيو سيلفا، الذي يُعد أحدث أهداف النادي الألماني في سوق الانتقالات، وفوق كل هذا، لم ينجح بوروسيا دورتموند بعد في بيع أي لاعب من أصحاب الرواتب الكبيرة!
سلّة دورتموند الفارغة
بعد عرض المعطيات السابقة، يجدر التذكير أنّ دورتموند ختم موسمه الطويل بخروجه من ربع نهائي كأس العالم للأندية (2025) بخسارته أمام ريال مدريد، بعدما أنهى الدوري الألماني في المركز الرابع، وضمن معقداً في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، فيما خرج الفريق من المسابقة الموسم الماضي ضد برشلونة، وغادر كأس ألمانيا من الدوري الثاني بالهزيمة ضد فولفسبورغ.
باختصار، تغيب الألقاب منذ عدة مواسم عن دورتموند، وهذا ليس أمراً سهلاً على نادٍ لطالما تم النظر إليه كمصنع للأبطال، لكن الفريق يعيد ترتيب صفوفه تحت قيادة مدربه الكرواتي نيكو كوفاتش، فهل سيكتفي دورتموند بالمنافسة فقط، أم سيسعى إلى الريادة والصدارة وحصد الألقاب مع التعاقدات الجديدة، والفكر التكتيكي الذي يطور به كوفاتش الفريق؟ يبدو أن النادي الألماني ماضٍ نحو موسم جديد مليء بالآمال والتحديات، جماهيره العريضة متعطشة للمجد والفرح والغناء، لكن الكلام الفصل على أرض الملعب.