ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســــــم:
لا يزال الاستثمار الغربي في بورصة الإرهاب الإقليمي يشكل علامة فارقة تجمع المضاربين الغربيين والكثير من التابعين الإقليميين، بل يشكل نقطة تقاطع مصالح وأطماع,
ومحور تلاقي مهام وأدوار وظيفية، ترسم حتى إشعار آخر عناوين التعاطي الغربي مع المنطقة, وطريقة المتاجرة بدماء شعوبها ومستقبلها بواسطة مجموعة من المنتفعين الدوليين والأجراء الإقليميين.
ولا تزال شعارات مكافحته موضعاً لمزايدات رخيصة, وتمثل واحداً من أخطر مظاهر النفاق الغربي، وأغلب قادته يجلسون على تراكماته الهائلة ليبنوا سيلاً من الانهيارات في منظومة المبادئ الغربية السياسية والأخلاقية والإنسانية، ويماثلهم في ذلك القائمون على إعداد التقارير الدولية والكثير من المنظمات المعنية بمتابعته، وهي تمارس قدراً أكبر من النفاق حين تحاول عن سابق إصرار الانكفاء عن ممارسة دورها تحت عناوين فضفاضة وذرائع كارثية.
قد لا يكون مصادفة أن يتزامن حديث كايث فرايزر النائب البريطاني عن حزب الاستقلال حول ضرورة تشجيع الإرهابيين للسفر والقتال مع التنظيمات الإرهابية مع تقرير أممي يتحدث بوضوح عن تضاعف أعداد الملتحقين بصفوف التنظيمات الإرهابية، الذي أغفل الأسباب الحقيقية وراء ذلك، بما فيها تلك السياسات التي تسهّل حركة التحاق الإرهابيين، والدول التي تؤمّن لهم المعابر الآمنة، وخصوصاً مع انتشار شبكات منظمة تدير حركتهم بمعرفة سلطات الدول الإقليمية.. وتحديداً التركية منها.
وكلاهما يعكس قدراً كبيراً من النيات الغربية سواء في الممارسة أم في الهيمنة على التقارير الدولية، فكلام فرايزر ليس بعيداً عن مقاربات الحكومات الأوروبية وممارساتها بما فيها البريطانية، ولا هو خارج حسابات السياسات تلك منذ بداية الأزمات في المنطقة وحتى اللحظة، بدليل أن الإجراءات المعلنة وغير المعلنة تتجه نحو توفير مناخ مساعد لحركة التحاق الإرهابيين بالتنظيمات الإرهابية.
فيما التقرير الدولي كان قد غيّب عشرات الأدلة والقرائن على تورط تلك الحكومات، وعن التواطؤ المزدوج بين الدول المصدّرة والدول الحاضنة لعبورهم، وهو أمر لا يحتاج إلى كثير من الجهد لإدراك تفاصيله، حيث الذرائع المتبادلة بين الطرفين تكشف حجم التواطؤ، رغم ما يلوح في الأفق أحياناً من محاولات رخيصة لتبادل قذف كرات الاتهام، وكان لتركيا النصيب الأكبر من تلك المنازلات مع عدد كبير من الدول الأوروبية والإقليمية في الفترة الأخيرة.
اللافت في المسألة أن الجميع يعرف الحقيقة ويقرّ بها مواربة، لكنه لا يأخذ بمعطياتها، إذ إن المخاوف والهواجس التي تعنوَن بها المنظمة الدولية تقاريرها من تزايد الالتحاق بالتنظيمات الإرهابية لا تضمنها الأسباب ولا الحلول، ولا تريد أن تدفع بالقضية إلى أبعد من ذلك، وهذه هي المعضلة التي تشير إلى واقع النفاق وارتداداته الخطيرة، حين يصبح بوابة للتنصل من المسؤولية.
لن نسأل عن الإجراءات والاتهامات المتبادلة بين أطراف صنّاع الإرهاب ومسوّقيه، بقدر ما نسأل عن المعطيات التي تقود إلى ذلك، وسط سيل من الفرضيات الموازية لو توافرت الجدية والإرادة والرغبة، حيث بمقدور تلك الدول مجتمعة بإجراء واحد أن تحد من ذلك، عبر التشدد في تحديد وجهات السفر، وخصوصاً تلك التي باتت معروفة بتحوّلها معبراً للإرهابيين.
وقد حصلت حالات عديدة على ذمة الحكومات الأوروبية وبعض الإقليمية عن منع سفر، والسؤال لماذا طبّق على البعض وتم تجاهل الأمر لدى الكثيرين غيرهم، وبينهم من تم تسهيل خروجه من السجون، وخصوصاً أولئك الذي يحملون سوابق موثقة ولهم نشاطات مرتبطة بالأعمال الإرهابية والفكر المتطرف، حيث لوائح حضورهم وتصنيفهم موجودة بالاسم والتفصيل لدى الاستخبارات الغربية والإقليمية.
المحسوم أن سوق الإرهاب لها رعاتها، ولها مريدوها والباحثون عن ازدهارها، والحريصون على بقائها، ولها أيضاً المستثمرون في بورصتها الإقليمية والدولية حتى إشعار آخر، وقد جَنوا أرباحهم من دماء شعوب المنطقة ومن مستقبلها ووجودها، ولا يزالون يراهنون على ما تبقى فيها من ركام وخراب حتى أمد آخر.
a.ka667@yahoo.com